هل يتكرر سيناريو ترومان مع ترامب؟
أظهرت أغلب استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الفترة الماضية، تفوق المرشح الديمقراطي جو بايدن على نظيره الجمهوري دونالد ترامب.
وتوقع كثيرون عقب تلك النتائج عن حتمية فوز بايدن، مؤكدين استحالة كسر توقعات هذه الاستطلاعات.
وفي انتخابات عام 1948 التي مثلت أول انتخابات أمريكية تلت الحرب العالمية الثانية، تحدثت حينها استطلاعات الرأي عن استحالة فوز هاري ترومان بالانتخابات وقرب موعد رحيله عن البيت الأبيض، ولكنه تقلد منصب الرئيس منذ عام 1945 عقب وفاة فرانكلن روزفلت، وكانت مفاجأة لم تكن تخطر على بال أحد، حيث كسر جميع توقعات الاستطلاعات وضرب بها عرض الحائط ليفوز بفترة رئاسية ثانية.
وعقب وفاة فرانكلن روزفلت يوم 12 أبريل 1945، حصل هاري ترومان، نائب الرئيس حينها، على صلاحيات الرئيس ليواصل قيادة البلاد خلال واحدة من أصعب فتراتها التاريخية فتمكن من حسم الحرب ضد الألمان وأجبر اليابان على الاستسلام واستخدم ضدها القنبلة الذرية ونجح في ضم الولايات المتحدة الأميركية لمنظمة الأمم المتحدة.
وفى الانتخابات النصفية عام 1946، خسر الديمقراطيون أكثر من 50 مقعدا بمجلس النواب لتؤول بذلك الأغلبية للجمهوريين، وفقا للعربية.
وأمام هذه النتائج تحدث الديمقراطيون عن ضرورة تغيير سياستهم وإقصاء هاري ترومان الذي اعتبر رمزا للفترة السابقة مؤكدين على ملل الشعب الأمريكي من السياسة القديمة وسعيهم للقطيعة مع كل ما يمت بصلة لنظام الرئيس السابق فرانكلن روزفلت الذي حكم البلاد لمدة قاربت 12 عاما.
وحاول الحزب الديمقراطي ترشيح وجه جديد للمنصب فعرضوا بطاقة الترشح على الجنرال دوايت أيزنهاور الذي رفض ذلك.
وعقب ذلك اتجه الديمقراطيون نحو المسؤول بالمحكمة العليا وليام دوغلاس لكنه اعتذر بدوره عن ذلك، ومع انقطاع السبل، وافق الحزب الديمقراطي، عقب جدال واسع، على ترشيح ترومان لمواجهة المرشح الجمهوري وحاكم ولاية نيويورك توماس ديوي.
وأثناء الحملة الانتخابية، تحدث الجمهوريون بقيادة ديوي عن سعيهم لإنهاء سياسة الميز العنصري بالجيش الأمريكي وإقرار مزيد من الحقوق للنساء وإلغاء بعض الضرائب واعتماد حزمة جديدة من الإجراءات لمواجهة الامتداد الشيوعي.
أما الحزب الديمقراطي، فقد استهل حملته بأزمة سرعان أثارت الغضب والانقسام بصفوفه حيث فضل العديد من منتسبيه الجنوبيين الانشقاق عنه عقب رفعه لشعار إنهاء الميز العنصري بالجيش.
وخلال شهر نوفمبر 1948، تحدث منظمو الاستطلاعات عن تقدم المرشح الجمهوري ديوي بفارق شاسع قدره البعض بنحو 13 بالمائة خلال شهرسبتمبر 1948.
وكانت عدة صحف منها نيويورك تايمز أكدت أن انتصار ديوي أمر محسوم مسبقا كما نشرت مجلة لايف صورة لتوماس ديوي على غلافها واصفة إياه بالرئيس التالي للولايات المتحدة الأمريكية.
من جانبه، رفض ترومان كل هذه النتائج المسبقة واعتبرها عارية من الصحة، فتنقل خلال الأشهر التي سبقت الانتخابات لمسافة تجاوزت 20 ألف كلم بين مئات المدن الأمريكية وقدم بها الخطابات لدعم حملته وتحسين صورته مساهما بذلك في زيادة شعبيته، ومع اقتراب موعد الانتخابات، تحدث البعض عن تقلص الفارق بين الطرفين وتقدم ديوي بنسبة 5%.
وفى يوم الانتخابات واصلت وسائل الإعلام الترويج لفكرة انتصار ديوي وتحدثت عن إمكانية فوزه بفارق شاسع عند صدور النتائج.
وخلال الساعات الأولى للصباح استفاق ترومان على خبر فوزه وتقدمه بفارق مليوني صوت بالانتخاب المباشر.
وبالمجمع الانتخابي، نال هاري ترومان 303 صوتا بينما حصل منافسه توماس ديوي على 189 صوتا فقط ليفوز بذلك ترومان بولاية رئاسية ثانية مثيرا بذلك دهشة الجميع وعلى رأسهم المرشح الجمهوري ديوي الذي عبر عن تفاجئه عند سماعه للنتائج.
وكانت صحيفة شيكاغو تريبيون عنونت بالخطأ بعددها الصادر يوم 3 نوفمبر 1948 خبر انتصار ديوي على ترومان مثيرة بذلك سخرية الجميع.
فبعد صدور النتائج، التقط هاري ترومان صورة شهيرة جابت أنحاء العالم رفع خلالها مبتسما هذا العدد من صحيفة شيكاغو تريبيون.