العصر الذهبى للمصريات.. كتاب يكشف تنافس دول الاستعمار على نهب آثار مصر
سلط كتاب جديد لعالم المصريات توبي ويلكنسون الضوء على السرقات والنهب المنظم الذي تم من قبل فرنسا وبريطانيا للآثار المصرية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، مشيرًا إلى أنه كان هناك تنافس محموم بين البلدين للسيطرة على آثار مصر ونهبها.
وفي كتابه الجديد "عالم يمتد من الرمال: العصر الذهبي للمصريات"، قال ويلكنسون إنه على الرغم من أن القرن التاسع عشر أنتج أعظم الاكتشافات وأعظم الإنجازات العلمية في علم المصريات، إلا أنه كان أيضًا حقبة من الغطرسة والنهب والجشع، حيث فقدت أو سُرقت أو دمرت آثارًا مصرية لا حصر لها بسبب التنقيب المتهور، والجشع واللامبالاة، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
وقالت الصحيفة إنه لم توجد أي حضارة عبر التاريخ بقوة حضارة مصر القديمة، فقد أسرتنا مصر القديمة، بغموضها الذي لا ينتهي وعظمتها المعمارية، وإلهامها الفني، ونظامها المدني، وحجم الثروة الهائل، وأجبرتنا ليس فقط على فهمها ولكن السعي لامتلاكها بأي وسيلة كانت.
وأشار عالم المصريات في كتابه الجديد إلى أن أي دولة أو شخص جاء عبر التاريخ سعى بشكل محموم للسيطرة على تراث وآثار مصر القديمة ولم ينجح في ذلك المسلك أكثر من البريطانيين والفرنسيين الذين نهبوا آثار مصر.
ركز ويلكنسون في كتابه على مائة عام جرى فيها نهب آثار مصر بداية من اكتشاف جان فرانسوا شامبليون لحجر رشيد في عام 1822 وصولا لاكتشاف هوارد كارتر لمقبرة توت عنخ آمون في عام 1922، معتبرا أنه كان هناك تنافس إمبريالي حاد بين بريطانيا وفرنسا لسرقة الآثار المصرية.
وقال عالم المصريات في كتابه إن فرنسا بريطانيا كانا لديهما رغبة شديدة في التفوق على بعضهما البعض من أجل السيطرة على مصر سياسيًا وأثريًا، واستخدم كلاهما المجموعات والآثار المصرية في متاحفهما الوطنية مثل: متحف اللوفر والمتحف البريطاني كمقياس ورمز لنجاحهما على اكتشاف الآثار المصرية.
وأكد ويلكنسون أن الهوس الأنجلو- فرنسي بماضي مصر ومحاولتهم المحمومة للسيطرة على مستقبلها أدى إلى دفع المصريين المعاصرين المضطهدين إلى الحفاظ على آثارهم وتشكيل وعي ذاتي والرغبة الشديدة في الاستقلال وأصبح هناك علماء عظماء متحمسين لتطوير علم المصريات وصياغة فهم أعمق لمصر القديمة.
وسلط ويلكنسون الضوء على بعض الحوادث المؤسفة والجرائم التي ارتكبتها الدول الأوروبية بحق الآثار المصرية، فمثلا ضابط الجيش البريطاني ريتشارد ويليام هوارد فايس استخدم البارود والديناميت لتفجير الأهرامات بحثًا عن مدخل إليهم كما قام بعمل حفرة بعمق 27 قدمًا في الجزء الخلفي من أبو الهول على أمل إيجاد غرفة بداخلها واستخراج ما بداخلهم من الكنوز.
كذلك عالم الآثار الفرنسي المخضرم أوغست مارييت، الذي اكتشف عام 1851 سيرابيوم في سقارة، استخدم أكياس الحبوب لتهريب مئات القطع الآثرية وشحنها خلسة إلى فرنسا.
وأكد ويلكنسون في كتابه أنه في عام 1912، ظهرت موجة قوية من القومية المصرية عندما اكتشف فريق التنقيب الألماني تمثال نفرتيتي في تل العمارنة ونقلوه على الفور إلى برلين، مشيرا إلى أن هذا الأمر جعل المصريون يدركون مدى استغلال الأجانب لهم وسرقة تراثهم.
ووصف عالم المصريات ما جرى من نهب لآثار مصر بأنه "استيلاء ثقافي"، مؤكدا أن ماحدث كان سرقة ثقافية محمومة وطويلة الأجل وشاملة ممولة من الحكومات الأجنبية وأنها واحدة من المخططات الكبرى في تاريخ العالم.