قناوى
محدش، مفيش حد كان مرشح لـ دور «قناوى» فى فيلم «باب الحديد»، كل شوية، يقعد شاهين يشتكى لـ تلحمى، مش لاقى ممثل من المطروحين، ينفع يعمل دور قناوى، ويقعد يكلمه عن الشخصية وأبعادها، وسماتها الشكلية والاجتماعية وخلافه، يقول له: معلش، نحسم هنومة وأبوسريع.
حسمنا هنومة وأبوسريع، ودخلنا ع الأدوار التانية وحسمناها، ومفيش حد ظهر يعمل دور قناوى، كان لازم يتحط اسم لـ الترشيح، حطوا اسم محمد توفيق، له تجارب هو فى شخصيات شبيهة، هـ نتكلم عن دور العبيط مثلًا فى «السوق السودا»، كلموا توفيق وخد عربون، بس شكوى شاهين ما انتهتش.
مش مقتنع هو بـ توفيق، أو خلينا نقول خايف، أصل الشخصية فيها وفيها وفيها، طب مين غير توفيق؟ مفيش، فـ يوم، جبرائيل تلحمى قال لـ يوسف شاهين: الدور دا، محدش هـ يعمله غيرك، طالما إنت مستوعب الشخصية كدا، وواكلة دماغك، محدش هـ يعملها غيرك.
فى البداية تردد يوسف شاهين، مش بس عشان الشخصية، هو أساسًا مش عايز يقف قدام الكاميرا، بس فى الآخر اقتنع، وحب يخوض المغامرة.
الحقيقة، إنى شايف تلحمى عنده حق، محدش كان هـ يعمل قناوى زى شاهين، ناس كتير أجانب، ما صدقوش إنه شاهين بـ يمشى طبيعى على رجليه، كانوا فاكرين الممثل دا أعرج، شكله، طريقة كلامه، نظراته، كل حاجة فى الشخصية كانت لابسة شاهين، أو هو لابسها. بس الموضوع دا، كان له جانب إدارى محدش انتبه له، وهو إنه يوسف شاهين مش عضو فى نقابة المهن التمثيلية، اللى القانون بـ يديها الحق، فى ملاحقة من يعملون بـ المهنة، دون أن يكونوا أعضاء بـ النقابة، أو حاصلين على تصريح خاص منها، مش هى دى النقابات، اللى عامل الفيلم عشانها يا عم شاهين، وبـ تطالب بـ نقابة لـ الشيالين يحموا مصالحهم، أهى نقابة الممثلين موجودة، وطلعت لك.
قانون نقابة الممثلين كان بـ يقول وقتها نصًا: «لا يعمل فى التمثيل، إلا من هو عضو فى نقابة الممثلين، ويستثنى من ذلك حالة يسمح فيها لغير المسجل بالنقابة، أن يقوم بالتمثيل، فى حال كان الدور المسند إليه، يتطلب شخصًا، ليس له نظير بين المنتسبين للنقابة».
المشكلة، إن النقابة ما عملتش كدا قبل الفيلم، هى أساسًا ما عندهاش صلاحية، تراجع أحوال الأفلام، أثناء صناعتها أو تصويرها، إنما بعد عرض الفيلم، النقابة قدمت ضده بلاغًا، والبلاغ اتحول لـ المحكمة، ودى جنحة، عقوبتها الحبس والغرامة، مش حاجة شكلية يعنى ولا شوية ورق يتستفوا.
كان النقيب وقتها أحمد علام، وحصلت عركة بقى على خلفية القضية، شاهين استغل ثغرة فى مادة القانون، وهى الاستثناء اللى خوله القانون، فى حال كان الدور المسند إليه «يتطلب شخصًا ليس له نظير بين المنتسبين للنقابة»، وهو قال إنه «قناوى» يتطلب شخصًا «ليس له نظير بين المنتسبين لـ النقابة».
إزاى يا عم ليس له نظير؟ قال لك: أنا المخرج، وأنا اللى أحدد إذا كان له نظير ولا لأ، ومفيش حد منتسب لـ النقابة، ينفع يكون نظير لـ شخصية قناوى، والمحكمة اقتنعت بـ كلام شاهين، بس هو ما سكتش، وكمل رغى فى الصحافة عن النقابة، ودور النقابة، وقوانين النقابة، فـ كانت حاجة مسخرة، فيلم بـ يدعم سلطة النقابات، ينتهى بيه الأمر، بـ خناقة مخرجه وبطله مع «النقابة».
إنما دى، ما كانتش المشكلة الوحيدة، بين الفيلم ومؤسسات الدولة، خلينا نشوف مشاكل تانية، المقال الجاى.