اسم مصر
إمعانًا فى الغربة والتغريب، شادى عبدالسلام أسند مزيكا «الموميا» لـ موسيقى إيطالى، ما عملش أى فيلم عربى تانى، هو ماريو ناشمبينى، اللى عمل مزيكا فيلم «الإسكندر الأكبر».
مش عارف، إذا كان شادى شاف إنه مفيش موسيقى مصرى ينفع، ولا دا كان مقرر من الأول، ولا هو كان عايز يشتغل مع ماريو نفسه، إنما النتيجة اللى حصلت، إننا ما شفناش «بـ الأحرى ما سمعناش» نتيجة فارقة أوى، أو على الأقل دا إحساسى.
أى موسيقى مصرى، كان يقدر يطلع نفس النتيجة، أو خلينى أقول كتير منهم.
على أى حال، الواحد سعيد بـ إنتاج فيلم مصرى زى دا، حتى لو كان لا يتفق مع ذائقتى، فكرة إنه عندك صناع، قادرين على خلق التحفة الفنية البصرية دى، من مخرج لـ مدير تصوير، أمر يدعو لـ الفخر.
الفيلم بـ يتكلم عن «الهوية»، وعلاقتنا بـ تراثنا الفرعونى، أجدادنا الطبيعيين، وهنا أحب أشاور بس على حاجة، نهاية الستينيات بدايات السبعينيات، كان السؤال دا مُلح على ناس كتير، اللى هو إحنا مصريين يا إخوانا؟.
كان بقالنا أكتر من عشر سنين، من ساعة ما ناصر سمى الدولة «الجمهورية العربية المتحدة»، ولغى اسم مصر، وصدرت الأوامر، إنه حتى الأغانى الوطنية، ما يظهرش فيها اسم مصر، لـ درجة إنه عبدالحليم حافظ، أثناء الخلاف مع فريد الأطرش، وفـ نص الحوار، يقول لك: أحلف بـ عروبتى إنه كذا وكذا.
غياب اسم مصر، استفز ناس كتير، فـ كل واحد حسب موقعه، بدأ يعمل أعمال فى القصة دى، الفترة اللى بليغ حمدى عمل فيها «يا حبيبتى يا مصر»، وخاض معارك، علشان يوافقوا له عليها، والفترة دى اللى عمل فيها صلاح جاهين «على اسم مصر».
من ناحيته، شادى عبدالسلام عمل «المومياء يوم أن تحصى السنين»، الفيلم اللى لف العالم، وما اتعرضش فى مصر خمس سنين، خمس سنين الفيلم بـ يتعرض فى كل حتة، جوائز من كل مكان، من فينيسيا من قرطاج من سويسرا، اتعرض فى دور العرض فى إنجلترا، على رأى صلاح أبوسيف لما قال: الفيلم دا سمعته سابقاه، فى كل حتة كان بـ يروحها أى مصرى، يتسأل أول ما يتسأل عن المومياء، كان بـ ينطلب بـ الاسم من المهرجانات، واتكتب عنه كمية ريفيوز إيجابية، ما اتكتبتش عن أى فيلم عربى.
فى مصر هنا، محدش كان مهتم بيه أوى، لـ درجة إنه ما اتعرضش، غير سنة ١٩٧٤، لما يوسف السباعى كان فى اليابان، فـ حضر عرض لـ الفيلم، وحد سأله: إنتو ليه مش بـ تعرضوا الفيلم دا عندكم، هل فيه موقف سياسى مثلًا؟
إنما الواقع إنه لأ، مفيش أى موقف من أى نوع، كل الحكاية إنه فيلم «غريب»، فـ محدش ركز معاه، ولما رجع من طوكيو قرر عرضه عادى.
كان طبيعى، إن المشروع التالى لـ شادى عبدالسلام، اللى اتوفى عن ٥٦ سنة بـ سرطان البروستاتا، فيلم «إخناتون»، ما يلقاش حد هنا يتحمس لـ تنفيذه، جات له عروض من فرنسا وغيرها، بس هو قال يا أعمله فى مصر يا بلاش، ورسيت على بلاش.
كل شوية، يقول لك «إخناتون» شادى عبدالسلام، ١٦ سنة بـ نسمع عنه، لـ حد ما شادى نفسه مات، والمشروع جاهز لـ التنفيذ، بس مين ينفذ؟ وحتى بعد موت شادى، ولـ حد لحظتنا دى، كل شوية نسمع: إنه فيه نية لـ تنفيذ إخناتون، زى ما صممه شادى، بس محدش نفذ حاجة، ولا حد هـ ينفذ.