أمل دنقل: حفظ 1000 بيت من الشعر.. وحاول الانتحار في بلد الغريب
«نجْمه ما كاد يلمع حتى أفل»، إنه الشاعر الكبير أمل دنقل ابن قرية القلعة التابعة لمركز قفط بمحافظة قنا، والذى توفى عن عمر ناهز 43 سنة (1940- 1983)، وشكّلت حياته كشاعر ملحمة صراع نادرة فى عصر لم يعد يعيشها أبطال الملاحم بحسب الدكتور عزالدين إسماعيل فى مقدمة كتاب حوارات أمل دنقل لأنس دنقل، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
الكتاب يضم سلسلة من اللقاءات الصحفية التي أجراها الشاعر الراحل فى الصحف المصرية والعربية، والتي كشفت سطورها عن أبرز مفاتيح شخصية الشاعر الثائر، منها على سبيل المثال لا الحصر ألف بيت من الشعر متحديًا أستاذه الذى كان شاعرًا عندما خذله عند عرض أشعاره الأولى عليه وصَدمه بالقول: "إن من الخير لك أن تترك الشعر لأنك لم تكن شاعرًا أبدًا".
ويقول أمل عن ذلك: "أحسست بالتحدّي وبأن كرامتي أهينت.. سألت بعض أصدقائي من المهتمين باللغة والشعر، فأخبروني بأن العرب يقولون إن من حفظ ألف بيت صار شاعرًا، قرّرت أن أحفظ ألف بيت من الشعر، وبالفعل أخذت أستعير الدواوين الكثيرة، ولأنه كان من الصعب الاحتفاظ بها فقد استنسختها، ولا تزال دواوين المتنبي والبُحتري وأبي نواس وامرؤ القيس وأشعار شوقى وحافظ إبراهيم ومطران وعلى محمود طه وإبراهيم ناجى ومحمود حسن إسماعيل منسوخة بخط يدي".
وعلى الرغم من أن رحلة عمر الشاعر أمل دنقل قصيرة، إلا أنه كان يفكر في الانتحار وكان عشريني العمر وتحديدًا خلال الفترة من (1963- 1966)، وهى الفترة التى كتب فيها قصيدة كلمات سبارتكوس الأخيرة، ويقول أمل عن ذلك فى حوار أجراه معه الصحفي وليد شميط بمجلة الأسبوع العربي اللبنانية فى 25 مارس 1974: "خرجت أشعارى فى تلك الفترة متشائمة، ولعل كلمات سبارتكوس المنشورة فى ديوانى الأول تعبر عن روح هذا التشاؤم".
وانقطعت كتابة الشعر من 1963- 1966، وفى 1966 كنت مللت كل شيء، حتى على المستوى الشخصي كنت أعيش فى ملل دائم، وصلت إلى حالة الفراغ العاطفي الكامل، وصلت إلى حافة الانتحار، خاصة أننى كنت قد انتقلت إلى مدينة السويس وهي مدينة تحمل اليوم أوسمة كثيرة فى النضال العسكري، لكنها كانت مدينة صناعية تعيش تناقضات رئيسية وعميقة فرضتها الصناعة على أناس ينحدرون جميعًا من أصل ريفي".