«أيام وذكريات» كتاب يحكي حياة الشاعر عبد الله السيد شرف
انتهي الأديب محمد محمد السنباطي، من إعداد كتاب عن الشاعر الراحل عبد الله السيد شرف، بمناسبة ذكراه الخامسة والعشرين، من خلال علاقة الصداقة التي جمعت بينهما لسنوات عديدة.
قال "السنباطي" في بيان اليوم الأحد: "كان بيني وبين شرف رسائل مازلت احتفظ بها رغم مرور ٣٠ عاما على هذه الرسائل، وذلك حبًّا في مرسلها، وآخر هذه الرسائل كان قد كتبها الشاعر الراحل قبل مفارقته الحياة بثلاثين ساعة لا غير، أي أن الخطاب عندما وصل لم يكن مرسله موجودًا بعدُ على قيد الحياة".
ويعتزم "السنباطي" أن يجعل من الكتاب حديقة تضم أخبارًا عن الشعراء ذوي الصلة والذين كانوا على علاقة وطيدة به، كما يحكي بمداد المحبة مواقف من حياة الشاعر الراحل وأشعاره ويبرز الجانب الإنساني فيه ويسلط الضوء على أشياء لم تظهر من قبل في حياة الراحل.
أوضح "السبناطي"، إن الشاعر عبد الله السيد شرف الذي كان يعاني من مرض ضمور العضلات كان يستقبل في بيته بقرية صناديد في محافظة الغربية شعراء من كافة أنحاء مصر، وذلك في ثاني يوم جمعة بعد العيدين الفطر والأضحى ولم تكن تنقطع الزيارات لبيته طوال أيام السنة.
وأما عن دوافع المؤلف لكتابة سيرة الراحل فقال: "فجأة خطرَ ببالي أن أكتب عن عبد الله السيد شرف، وكثيرًا ما تجرِفُنا مشاغلُ الحياة فتلهينا عن تذكر أحبَّائِنا، لكننا في لحظاتٍ معينةٍ نتذكرهم ونودُّ لو قاسمونا أفراحنا أو أشركناهم في معاناتنا على دروب الحياة، بينما هم في راحتهم الأبدية كلما استدعيناهم يبتسمون لنا بحنانٍ وطِيبة".
وتابع: "أقول خطر ببالي أن أكتب عنه فجعلت أحاول إحصاء السنين التي باعدت بيني وبينه، أحاول باسترخاءٍ وكأنما لا أريد الإحصاء، وأتذكر يومَ ذهبتُ إلى بلدته لأخر مرة قاصدًا تقديم العزاء لأسرته في وفاتِهِ، أنا الذي طالما ذهبت إلى هناك قاصدًا رؤيته وزيارته والاستماعَ إليه والتحاورَ معه والاستئناسَ بشخصيته المحببة".
واستطرد المؤلف: "الأمر مختلف جدًّا هذه المرة، وعندما أطل من فرجة الباب ابنه أحمد وصافحت يده النحيلة طلبت منه أن يدلني على قبر المرحوم، لا أتذكر إن كنت دخلت البيت كما كنت أفعل من قبل، ولم يكن محمود موجودًا بالبيت ساعتها، ربما كان في كليته بجامعة طنطا، طلبت من أحمد أن ينقل عزائي للسيدة الفاضلة والدته فجذب يدي لأدخل لكني قلت له: لا أريد إثارة الأحزان، وانصاع لرغبتي، وتوجهنا معًا إلى المقابر ولم تكن بعيدة.
واستكمل: "وعندما وقفت عند قبر صديقي قلت لابنه أن يتركنا معًا لبعض الوقت فذهب بعيدًا واستظل بشجرة، وبعد قراءتي الفاتحة أفرغت ما عيني من دموع فارتحت قليلا، واستودعته الله وأخذت يد أحمد بيدي وبيدي الأخرى جففت آخر دمعة ومررنا بالبيت وفقدتِ الذاكرةُ ما حدث تحديدًا هل دخلت وصافحت السيدة المحزونة أم عليَّ أن أتأكدَ أني لم أكن لأصمد أمام أحزانها فآثرت تحميل ابنها السلام والتعازي وشققت طريق القرية لآخر مرة عائدًا إلى بلدتي".
واختتم: "والآن أجد صديقي كأنما يطلُّ عَليَّ من حديقة عَطِرَة لا يكاد يَظهر منها شيء سوى العبق الذي يجلل صورته، لم أكن أدرك ساعتها أننا في الذكرى الخامسة والعشرين لرحيله، وإن كنتُ أوقنُ أن شيئًا ما في النفس البشرية غامضٌ وعليمٌ ويقظ، ورفرفَتْ حولي وأنا ظمآنُ، مجموعة من الصور والطيوف، تلقفتها مفعمًا بحنينٍ لأيامٍ وسنين خَلَتْ، محاولا نفضَ غبار النسيان عن دقائقها الخفية لتتبدى أكثر نُصوعًا وإشراقًا".