ممرض قبطى بـ«عزل العجمى» يفطر زملاءه من يديه: رسائل للمحبة
مع اقتراب موعد أذان المغرب ليعلن موعد الإفطار بعد 16 ساعة من الصيام، ينهمك الجميع في المنازل في تحضير الموائد بالأكلات الشهية، إلا أن كان هناك دور بارز شبيه لدور المسئول عن إعداد ذلك، لكن بمستشفى عزل مصابي كورونا المستجد بالعجمي بالإسكندرية، وبشكل خاص داخل وحدة العناية المركزة، والذي لم تمنعه مسيحيته، من تحمل مسئولية زملائه بشكل أكبر.
يحرص كيرلس نشأت شفيق، أحد طاقم التمريض بالعناية المركزة بمستشفى عزل العجمي، على إعداد وجبة الإفطار لزملائه الصائمين، وليس ذلك فقط بل إنه يسقي طاقم التمريض أثناء عملهم بيديه الماء، الأمر الذي جعل منه حديث السوشيال ميديا بعد انتشار صورته أثناء إسقاء أحد زملائه لحظة آذان المغرب.
يقول شفيق، إنه يعمل في العزل للفترة الثالثة، والتي تخطت الـ 45 يوما، بداخل وحدة العناية التي تستلزم أسلوب عمل مختلف ودقيق ومتابعة مستمرة للمرضى.
وأضاف لـ"الدستور"، أنه مع بداية شهر رمضان، حمل على عاتقه تجهيز الإفطار لزملائه في العناية المركزة والتي يتكون الفريق الطبي بها من 20 فردا، موضحًا أنه قبل موعد الإفطار، يتولى إحضار الوجبات من المطبخ، وتحضير العصائر والمياه لزملائه الصائمين.
وتابع: "بحكم عملنا في العناية المركزة يكون هناك مجموعة من تمريض العناية بداخل شيفت العمل مع المرضى، ما يجعلهم لا يستطيعون الإفطار وقت آذان المغرب، وهو ما جعله يبادر بأن يسقي زملاءه المياه والعصير حتى ينتهوا من فترة العمل ليتناولوا إفطارهم بعد ذلك".
وأوضح، أن أصدقاءه في وحدة العناية بمستشفى العزل أصبحوا يعتمدون عليه في تحضير الإفطار، رغم أنه يصوم معهم ولا يتناول الطعام إلا على مائدة الإفطار مع زملائه، وهو ما يسعده جدا، ولكن كان تفكيره هو كيف يروي ظمأ أصدقائه المرابطين بجوار المرضى، فما كان منه إلا أن يقف أمام وحدة العناية ينتظر فردًا تلو الآخر ليسقيهم الماء.
واصل قائلًا: "مينفعش حد يكون شغال في العناية مع المريض، ويقدر يشرب حتى لو من زجاجة، ده ممكن يعرضه للعدوى، وده اللي خلاني أعمل كده، الجو صعب جدا، ومينفعش يأذن المغرب ويكون زملائي وأصدقائى مش قادرين يشربوا، اتفقت معهم أن يخرج فرد فرد للإفطار على الماء، ويكمل عمله مرة أخرى، وكنت أقف بزجاجات المياه لأسقيهم، وأثناء سقي إحدى زميلاتي وتدعى أية، التقط أحد زملائي في غفلة مني تلك الصورة التي تناقلت على السوشيال ميديا، والتي تلقيت عليها الكثير من رسائل المحبة، وكانت سببًا في إسعادي".
وأضاف، أن العمل في العناية المركزة يجعلنا نرتدي البدلة الواقية لمدة تصل إلى7ساعات متواصلة، في أجواء صعبة بدون تكيفات وهو ما يجعل العمل شاق في شهر رمضان، بجانب التركيز في العمل حيث إن حالات العناية تكون حرجة ولابد من المتابعة المستمرة، وهو ما يجعله جهد مضاعف على الصائمين، ولكن الله يعطيهم القوة لإتمام عملهم، فالجميع يتفانى في العمل وكل منا ترك عائلته لكي يقوم بواجبه، مشيرًا إلى أنه ينتظر مولوده الأول خلال الشهر القادم، ومع ذلك ترك زوجته آخر شهور حملها لكي يؤدي واجبه ومهمته.
وأكد أن العلاقة الطيبة بين المسلم والمسيحي، ليست بجديدة، فنحن تربينا على ذلك، وفي منزلنا ووسط جيراننا ومع أصدقائنا قبل العزل نصوم رمضان ونفطر مع بعضنا البعض، وهو الأمر الطبيعي في شهر رمضان، لافتًا إلى أن والدته توصيه على أصدقائه في العزل وتؤكد عليه بأن يكون دائمًا عونًا لهم.