إبراهيم نصر: الضحك له أصول ولا أتابع رامز جلال (حوار)
"الضحك لا يأتي بالعنف والضرب والدموع والدم ولا بالأفعال الشاذة، الضحك له أصول" بهذه الكلمات علق الفنان الكبير إبراهيم نصر صاحب برنامج الكاميرا الخفية أشهر برامج المقالب فى التسعينات، حين سألته عن رأيه في برنامج رامز جلال قائلا وهو يقتضب الحديث: "لا أتابع برامج المقالب الجديدة ولا أتابع رامز جلال، ولكن ما أستطيع قوله إني أرفض بشدة هذه النوعية من البرامج"، متسائلا: "كيف يأتي الضحك من رؤية شخص ربما يفقد حياته بسبب تعرضه للخوف والرعب؟".
الفنان الذى استطاع أن يخرج الضحكة من القلب بمقالب خفيفة بطلها الرئيسي هو رجل الشارع وليس فنان أو نجم فى أي مجال لمدة سبعة عشر عاما، ظل بفضل مثابرته وإتقانه لما يفعله عالقا فى ذاكرتنا رغم توقفه من سنوات طويلة.
هذا النجاح يفسره "نصر" قائلا: كلما كنت قريبا من الشارع كلما حققت نجاحا، البطل دائما يجب أن يكون الجمهور في الشارع، لذلك حتى عندما كنت أسجل الحلقات كنت لا أظهر بوجهي منذ البداية واكتفيت بشوت واحد أظهر وجهي في منتصف الحلقة.
من ينسى "كشكشها ماتعرضهاش" و"لو موافق نذيع قول ذيع" و"يا نجاتي أنفخ البلالين عشان عيد الميلاد" و"لما أقولك بخ تبخ" كانت هذه هى أشهر الإفيهات التى ارتبطت ببرنامج الكاميرا الخفية الذى كان يذاع فى شهر رمضان لمدة سبعة عشر عاما، بما يعادل 561 حلقة لم تتكرر خلالها فكرة واحدة، تنكر "نصر" خلالهم فى شخصيات كثيرة مبتكرة ومختلفة لعل أشهرهم على الإطلاق شخصية زكية زكريا.
شريط من الذكريات المليئة بتفاصيل ومواقف ونجاحات، استرجعه الفنان إبراهيم نصر فى لقاء فى مكتبه بشارع شامبليون، المزينة حوائطه بصور تجمع أهم الشخصيات التي قام بأدائها على مدار مشواره الفني، وتمثال وحيد لزكية زكريا ينتصب على منضدة صغيرة بجوار مكتبه، ينظر إليه وهو يقول: بدايتي كانت مع التليفزيون المصري وتحديدا مع عبد المنعم غالى وكان حينها يتولى رئاسة القناة الثانية، عندما طلب منى أن أقدم له فكرة برنامج رمضاني بحس فكاهي يعرض على شاشة التليفزيون المصري، فعرضت عليه فكرة الكاميرا الخفية ولكنه اعترض عليها في البداية لأنه كان يرى أنها فكرة مستهلكة ولكنى أوضحت له الفارق بين فكرتي التي أريد تنفيذها وما يقدم في البرامج العالمية، وقلت له إن الكاميرا الخفية التي تراها هي مجرد فعل ورد فعل مثلما يفعل الأجانب وهذا لا يتناسب مع المصريين، فالمصري يريد "غرس ضحك"، وأن ما سأقدمه حدوتة لها بداية ووسط ونهاية مثل الدراما التليفزيونية أو المسرحية، وبعدها اتصل بسهير الأتربي رئيس التلفزيون وقتها، وأخبرها بتفاصيل الفكرة فقالت له نصا "إبراهيم نصر ده مجنون ودمه خفيف اعمله كل اللي عايزه وسيبه يشتغل".
"انسى الدنيا " كان عنوان الموسم الأول من الكاميرا الخفية الذي بدأ نصر تصويره، وقال: كنت أتقاضى على الحلقة الواحدة 30 جنيها، وحققت نجاحا منقطع النظير وبدأت الإعلانات تأتى حتى وصلت فى منتصف رمضان لـ 22 إعلانا ولـ 44 إعلانا فى آخره وحصلت على جوائز بعدها، ثم بعدها انتهى الموسم وانتهى كل شيء ولم يسأل فيَّ سوى شخص واحد وهو طارق نور، الذي هاتفني وبارك لي على النجاح الذي حققه الموسم الأول وطلب منى أن أذهب لمقابلته، وذهبت إليه وطلب منى تنفيذ حلقات جديدة من الكاميرا الخفية، ثم سألني عن أجرى ولم يعلق عليه وبذلك هو الذى أعاد إحياء الكاميرا الخفية، وبعدها استمريت مع طارق نور 8 سنوات كاملة قدمت كل ما يمكن تقديمه.
وعن بدء ظهور شخصية زكية زكريا، يقول: ظهور شخصية جديدة ومبتكرة كان أمر لا مفر منه، حين شعرت أنى قدمت كل شيء بشخصيتى كرجل، خاصة بعد أن كشف شخصيتي رجل صعيدى رغم الماكياج الذي وضعته لتغيير شكلي فوجدته يقول أستاذ إبراهيم نصر، واقترح عليَّ صديق أن أقدم شخصية سيدة لأنى أجيد تقديم شخصيات كثيرة فعرضت الفكرة على رائد لبيب وأعجب بها كثيرا وبدأنا فى تنفيذها بالفعل فكانت شخصية زكية زكريا وشخصية وديدة أخت عبد الودود، وحققت زكية زكريا نجاحا كبيرا فاستثمرناه وقدمت بالوظة في البالون وزكية زكريا والعصابة المفترية وزكية زكريا تتحدى شارون وفيلم زكية زكريا فى البرلمان.
المواقف الصعبة التى حدثت أثناء التصوير كثيرة، يذكر منها موقف كاد أن يودى بحياته، قائلا: عندما كنا ننفذ المقلب فى أحد الجزارين وكان يمثل معى شخصية "تقاوى" الذي طلب كمية من اللحم، ثم اكتشف أنه ليس معه نقود تكفي فتركني حتى يذهب للمنزل ويحضر باقى ثمن اللحم، ولكنه ذهب ولم يعد، فاحتجزني الجزار فى الثلاجة الكبيرة الخاصة بحفظ اللحم وهدد بقتلي وهرب كل طاقم التصوير وتركوني بمفردى داخل الثلاجة، ولكني أصريت على التحدث معه وإعطائي فرصة بعدما استشعرت خطرا مؤكدا، فسمح لى وكشفت له عن شخصيتى وبالفعل تعرف على وأصر بعدها على أن يعزمنا على العشاء على طواجن لحم أنا وكل طاقم التصوير.
سألته لماذا أوقفت الكاميرا الخفية بعد كل ذلك؟، فقال: توقفت عندما كتب طارق الشناوي في روزاليوسف فى صفحتها الأولى إبراهيم نصر استطاع أن يخرق القاعدة وكتب لماذا تفوقت، بعد ما قرأت الموضوع شعرت بكم المسئولية الملقاة على عاتقي، وأنا بطبيعتى أبذل مجهود حتى فى أصغر الأدوار التي قدمتها، ولا أجيد الكوميديا المبتذلة ولا أقدم أفيهات جنسية، ولذلك كان من الصعب أن أكمل دون أن أقدم شيء جديد.
النجاح لا يأتي صدفة النجاح يأتى بالعرق وبالجهد والمذاكرة واحترام عقلية المشاهد، وهذا ما كان يميز مقدمي برامج التسعينات كما يؤكد الفنان إبراهيم نصر مستشهدا بشخصية الفنان نجيب الريحانى نجم نجوم العالم الذى لم يمثل على مدار تاريخه الفني سوى ثمانية أفلام فقط لكنه نجح.