ذكر ما جرى فى القراءات والأحرف
معلش، خلينا نعيد تسلسل الأحداث سريعًا:
الدعوة إلى الإسلام، بدأت بـ القرآن، كان النبى يقرأ القرآن على الناس، يدعو بيه غير المسلمين، واللى يدخل الإسلام يتعبد بـ نصوص القرآن. فى مكة، ما وصلتناش أى حاجة من أى نوع، تقول بـ وجود اختلافات فى نص القرآن، يعنى بلال بـ يقرا زى أبوبكر زى ابن مسعود. دا منطقى، فى ظل قلة المسلمين ومحدودية نطاق الدعوة.
لما هاجر المسلمون يثرب، الدنيا اتسعت شويتين، فـ بدأت تظهر اختلافات، خصوصًا مع مرور السنين، أبى بن كعب بـ يقرا غير عبدالله بن مسعود، عمر بن الخطاب بـ يقرا غير هشام بن حكيم، فـ يرجعوا لـ النبى، فـ النبى أخبرهم إنه كله «صحيح».
ليه؟ لـ إنه القرآن نزل على سبعة «أحرف»، أى سبع «أنماط»، كلها شافى كافى.
إيه حجم التباعد بين الأحرف دى؟ وإيه نوعية الاختلافات؟ ما نقدرش نجزم، علشان مش «كل» الأحرف دى وصلنا، بعد النبى جه أبوبكر، جمع القرآن، لكنه لم يستبعد الأحرف، يعنى عندنا نسخة مبدئية، لكن لما ييجى الناس يقروا، كل واحد يقرا بـ«حرفه»، هدف الجمع كان الحفاظ على النص نفسه، بعد تناقص عدد الحفظة.
نستمر كدا، طول عهد عمر بن الخطاب، وفى عهد عثمان بن عفان، ومع اتساع الدولة الإسلامية، بدأت تظهر آثار الاختلاف، يعنى مثلًا مثلًا، إحنا بعتنا لـ الناس دول ابن مسعود، وبعتنا لـ الناس دول أبى بن كعب، بعدين الناس اللى علمهم ابن مسعود، قابلوا الناس اللى علمهم أبى، بـ يتفاجأوا بـ الاختلافات، فـ يكفروا بعض.
من هنا جه قرار توحيد النص القرآنى، وإلغاء الأحرف، وظهر «مصحف عثمان»، الإجراء دا كان فيه ناس مؤيدين ليه، وناس معارضين، ما نقدرش نعرف حجم المعارضين لـ المؤيدين، لكن أتصور، إنه تأييد القرار كان أغلب، إن لم يكن لـ العدد، فـ لـ نوعية الناس المؤيدين، فى النهاية القرار تم.
لكن، هل نتج عن هذا الإجراء القضاء نهائيًا على أى اختلاف فى النص؟ لأ. ليه؟ كنا بدأنا نسرد الأسباب، قلنا، أولًا، بدائية طريقة الكتابة، ثانيًا، قوة بعض الأحرف، ثالثًا، وجود المعارضين حتى وإن كانوا أقل، دلوقتى بقى نقول رابعًا، وهو إنه القراء، لا ينتمون إلى «لغة» واحدة، فـ حتى لما هـ يحاولوا يقروه «مظبوط»، هـ يتأثر النص، خصوصًا على المستوى الصوتى.
دا بـ يهمز (يظهر الهمزة فى الكلام، زى «يؤمنون» مثلًا) ودا لا يهمز (يعنى ينطقها «يومنون»)، دا بـ يرقق السين فى السراط، دا بـ يفخم السين، ينطقها صاد، ودا بـ ينطقها «زاى»، دى حاجة مستحيل تظبطها، مهما كنت حريص عليها.
إذن، ماذا نتج لدينا؟ نتج لدينا نص واحد لـ القرآن، يعنى «حرف» واحد، لكن بقيت نصوص من الأحرف الأخرى، طيب، نعمل إيه؟ إحنا استبعدنا الأحرف، مع ذلك بقيت اختلافات، فـ قال لك: نسمى الاختلافات دى «قراءات»، من هنا، هـ يختفى تعبير «الأحرف»، ويظهر تعبير «القراءات».
إذن: القراءات هى «ما تبقى» من الأحرف، هو دا السبب، فى الارتباك الشديد، عند تعرض أى حد لـ تعريف الأحرف، أو الكلام فيها أو عنها، لـ إنه بـ يتكلم عن حاجة ما نعرفهاش، فـ على أى أساس هـ يصنفها؟
المهم، فضلت «القراءات». هنا نسأل: ما نسبة «القراءات» لـ «الأحرف»؟ خلينا نسأل السؤال بـ عبارة تانية: ما حجم ما تبقى من اختلافات فى النص القرآنى، بعد توحيد المصاحف، قياسًا لـ الاختلافات اللى كانت موجودة فعلًا، أيام النبى؟
الإجابة: ما نعرفش، ما نقدرش نجزم، ممكن يكون تبقى عشرة فى المية، ممكن يكون تبقى تسعين فى المية، علشان نقيس دا، لازم يكون عندنا «كل» الأحرف، وإحنا ما عندناش.
تمام، السؤال التانى الأهم: ما حجم وتنوع الاختلافات فى «القراءات»، يعنى ما تبقى بـ الفعل، واصل لـ حد فين فى الاختلاف؟
دا بقى محتاج مقال منفصل، فـ ابقوا معنا.