نفط سوريا.. الذهب الأسود الذي يتصارع عليه الجميع
أكدت وزارة الدفاع الأمريكية، اليوم الخميس، تمسكها بالسيطرة على حقول النفط في شمال سوريا، رغم إعلان إدارة الرئيس دونالد ترامب الشهر الماضي الانسحاب بشكل تام من سوريا، وسط مخاوف من وقوع صدامات بين العديد من القوى.
وشددت الدفاع الأمريكية في بيانها اليوم على أن العسكريين الأمريكيين في سوريا لهم الصلاحية في مواجهة أي قوة تهدد آبار النفط في شرق سوريا، ما يهدد بوقوع صدامات مستقبلا بين قوات الجيش السوري التي اقتربت من السيطرة على المنطقة ويثير الشكوك في الأهداف الأمريكية من احتفاظها بنفط دولة ذات سيادة.
ولدعم سيطرتها على حقول النفط رسميا وافق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مهمة عسكرية موسعة لتأمين حقول النفط في جميع أنحاء شمال سوريا، وتقدر القوات الموجودة هناك بـ800 جندي أمريكي وهو قد يفتح الباب مجددا لإرسال قوات إضافية لأن 800 جندي غير كاف لحماية آبار النفط لصالح واشنطن التي تقول إن عوائده ستمول قوات سوريا الديمقراطية الكردية "قسد".
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية "قسد" على معظم شمالي شرقي سوريا بمساحة تعادل حوالي 25% من المساحة الكلية لسوريا، ويتركز في هذه المنطقة بشكل خاص معظم النفط والغاز السوريين حيث تحتوي على 90% منه خاصة في محافظات دير الزور والحسكة والرقة والباقي يتوزع في باقي سوريا، ووفر ذلك عائدات ضخمة لتنظيم داعش حينما كانت المنطقة تحت سيطرته وكان يبيعه إلى تركيا التي تشتريه بثمن بخس وتشترك في سرقة السوريين، وكان يجني داعش من عوائد النفط حوالي 40 مليون دولار شهريا عام 2015 وفق وزارة الخزانة الأميركية.
وكانت سوريا تنتج قبل عام 2011 حوالي 400 ألف برميل من النفط يوميا تستهلك منه حوالي 250 ألف يوميا وتصدر الباقي ما كان يوفر قدرا مهما من النقد الأجنبي للشعب السوري، أما بعد الحرب الأهلية التي ضربت سوريا لم يتجاوز إنتاج النفط من قبل الحكومة 10 آلاف برميل يوميا.
وبعد سيطرة الأكراد على شمالي شرقي سوريا بدعم أمريكي ذهبت آبار النفط والغاز إلى قوات "قسد" ومعها الولايات المتحدة التي استغلت عوائده في تمويل عملياته ودعم الجماعات الموالية لها والآن تتمسك بالسيطرة عليه في مخالفة للقوانين الدولية وانتهاك سيادة دولة مستقلة.
من جانبها رفضت روسيا سيطرة الولايات المتحدة على حقول النفط والغاز السورية مطالبة بتسليمها للحكومة السورية، لأنها ستساعد الحكومة على السيطرة على قطاع حيوي يساعد في عمليات الإعمار وتوفير وقود للسوريين الذي تستورده سوريا الآن رغم أنها كانت تصدره.
وقد تعمل موسكو على طرح حل توافقي يضمن لها السيطرة على النفط فسبق أن توسطن بين قوات قسد والجيش السوري لتسيلمهم مناطقهم الشهر الماضي لمواجهة العدوان التركي على شمال سوريا وقد تتولى هي وساطة جديدة بين الطرفين تتولى فيها موسكو الإشراف على حقول النفط لكن واشنطن لن تسمح بهذا الأمر في الوقت الحالي.
أما تركيا من جانبها هدفت من احتلالها بعض المناطق شمالي سوريا بالتعاون مع الجماعات المسلحة للسيطرة على حقول النفط ومنابع المياه وذلك منذ عملية "درع الفرات" في أغسطس 2016 مرورا بعملية "غصن الزيتونهجوم عفرين" في يناير 2018 وأخيرا عملية "نبع السلام" أكتوبر الماضي، وما زالت تحاول الوصول إلى بعض آبار النفط لأنها تستورد النفط وهذا قد يوفر لها جزءا من احتياجها أو على الأقل استخدامه في تمويل الجماعات المسلحة التابعة لها.
ويؤكد هذا الأمر طلب تركيا تنفيذ منطقة آمنة شمالي سوريا بعمق 32 كم وبطول 450 كم تمتد من بداية شرقي نهر الفرات وحتى الحدود السورية العراقية، وشنت عدوانها الأخير على شمالي سوريا للحصول على هذا الأمر واستجابت واشنطن لها لكن لم تنفذ فعليا حتى الآن، لأنها لا تريد إبعاد الجماعات الكردية عن الحدود التركية إنما السيطرة على حقول النفط الموجودة هناك، الأمر الذي دفع واشنطن لإعادة النظر في قرار الانسحاب من شمال شرق سوريا.