"الشعر فى التراث الشعبى".. أمسية للشاعر والباحث درويش الأسيوطى بالأقصر
استضاف بيت الشعر بالأقصر أمس الأربعاء 29 أغسطس الشاعر والباحث درويش الأسيوطي في محاضرة بعنوان "الشعر في التراث الشعبي".
وقام بتقديم الأمسية الشاعر حسين القباحي مدير بيت الشعر بالأقصر، والذي بدأ بالتعريف بسيرة الشاعر الضيف درويش الأسيوطي والذي ولد في 6 8 1946، بقرية الهماميّة التابعة لمركز البدارى، محافظة أسيوط بمصر، تخرج في كلية التجارة جامعة عين شمس وعمل بالتربية والتعليم، عاش وتعلم ما بين قريته وطما والقاهرة واستقر بمدينة أسيوط.
وللأسيوطي الكثير من الكتابات الصحفية والإبداعية المنشورة في الصحف والدوريات المصرية والعربية، عمل ممثلًا بفرقة أسيوط القومية المسرحية، وحصل علي جائزة الممثل الأول عام 1971.
وهو أيضًا كاتب مسرحي له مجموعة كبيرة من النصوص المسرحية المنفذة بالمسارح المصرية والعربية.
اعتمد كمخرج مسرحي بالثقافة الجماهيرية عام 1984، وأخرج مجموعة من العروض المسرحية، عضو اتحاد كتاب مصر رقم 776، والعديد من الجمعيات والتجمعات الثقافية.. عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة سابقا، عضو لجنة الفنون الشعبية والتراث غير المادي بالمجلس الأعلى للثقافة 2012، حصل علي جائزة الدولة التشجيعية في الشعر ووسام الفنون من الطبقة الأولى عام 1997.
نشرت أعماله في معظم المجلات العربية المتخصصة، ترجمت بعض أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية، له مجموعة من الكتب والدراسات المهتمة بجمع ودراسة التراث الشعبي.
عنيت بالترجمة له: معجم البابطين للشعراء العرب - قاموس المسرح الصادر عن هيئة الكتاب المصرية - معجم شعراء الطفولة العرب - معجم أدباء مصر في الأقاليم. - معجم الكتاب ـ الصادر عن اتحاد الكتاب المصري - كتاب من أعلام أسيوط إصدار محافظة أسيوط.
بدأ الشاعر درويش الأسيوطي حديثه متسائلًا: هل يوجد شعر في التراث الشعبي؟
لينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن المأثور الشعبي أو التراث الشعبي أو الموروث الشعبي بوصفها مصطلحات تعبر كلها عن شيء واحد ولكنها تختلف في الدلالة، وهناك جانب مشترك من الدلالة بين الموروث والمأثوروالموروث هو كل ما ينتقل من جيل سابق إلى جيل لاحق بعناصره الإيجابية والسلبية ويمكن تصنيف الموروث إلى مجموعتين: التراث الشعبي والمأثور الشعبي، فالتراث الشعبي هو ما بقي داخل الإطار القيمي للجماعة، والمأثور الشعبي ما بقي حيا مؤثرًا من الموروث، وهناك عناصر من التراث لفظتها الجماعة لأنها خرجت عن قيمها الأخلاقية أو الاجتماعية، ومن هنا يمكن أن نطلق كلمة المأثور على كل ما يتوافق مع قيمة الجماعة.
يتكون التراث الشعبي من عنصرين وهما: العناصر المادية وأخرى غير مادية وهي التراث الشعبي غير المادي، والتراث المادي يتمثل في الحرف اليدوية والأزياء والطراز المعمار والأشغال اليدوية، أما العناصر غير المادية فهي تنقسم إلى عناصر شفاهية، وهي فنون القول وأخرى غير شفاهية كالعادات والتقاليد والطقوس والألعاب والتراث الحركي، أما التراث الشعبي الشفاهي هو مناط الإبداع الشعبي الأدبي، والأدب الشعبي أبدعه الشعب المصري على ثلاثة أشكال:
الشعر والنثر والمختلط، فالشعر هو كل ما له إيقاع ويغنى كأغاني الميلاد والأفراح وما إلى ذلك، أما النثر فهو ينقسم إلى سردي كالحكايات والنكات والمواعظ وغير ذلك وغير سردي كالأمثال الشعبية والمختلط مثل السيرة الشعبية، والحكاية الشعبية هي إبداع نسوي خالص والموال إبداع رجالي والسيرة الشعبية إبداع رجالي أيضًا.
ولا يمكن الخلط بين التراث الشعبي والغناء الشعبي فالغناء الشعبي هو كل ما يتم إعادة إنتاجه على القواعد التى ارتضتها الجماعة في التراث الشعبي فالموال مثلا حتى لو كتب في هذه الأيام فإنه يكتب على شكل الموال القديم الذي وضعته الجماعة ويسمى وقتها غناء شعبيًا، وأهم ما يميز الغناء الشعبي أنه احترافي أن صاحبه يتكسب منه وتصاحب المغني الشعبي مجموعة من العازفين تترواح أعدادهم حسب أهمية المغني، ويستخدم الشعر الغنائي اللغة والتعابير السائدة في المجتمع وقت الغناء، ويحمل الغناء الشعبي بالخبرات التي اكتسبها الفرد في الحياة.
أما التراث الغنائي الشعبي فلم يقصد صاحبه أن يحصل على أجر من ورائه وأنه مجهول المؤلف فهو منسوب إلى الجماعة الشعبية وقدرته على الانتقال من زمان إلى آخر ومن مكان إلى آخر ويتميز بالمرونة في أنه قابل للحذف والإضافة دون أن يفقد دلالاته وجمالياته وهذه الدلالة تتسع وتضيق حسب رؤية الجماعة الشعبية وتسقط الجماعة الشعبية من مخيلتها ما تراه لم يعد مناسبًا لحياتها الآنية حسب تطورها، وأهم ما يميز التراث الغنائي الشعبي أنه يرتبط بالطقوس والعمل اليدوي الذي تقوم به الجماعة والتراث الغنائي الشعبي فن اقتصادي لا يحتاج إلى أدوات سوى أدوات بسيطة جدًا تصاحبه في الغناء.
ثم فتح الشاعر حسين القباحي مقدم الندوة باب المداخلات والتي دارت حول مناقشة المعايير التي طرحها الشاعر درويش الأسيوطي في التفرقة بين مصطلحات التراث الشعبي والمأثور الشعبي والموروث الشعبي وحول التمايز الثقافي للجماعات الشعبية التي يتألف منها النسيج الثقافي الشعبي المصري أمثال الجماعة الشعبية النوبية والجماعة الشعبية البدوية التي تنتمي لأصول شرقية والأخرى التي تنتمي غربية أمازيغية بالإضافة إلى النسيج الشعبي الصعيدي والنسيج التي تتألف منه محافظات الشمال (الوجه البحري) وكذلك حول الأشكال الشعرية المختلفة وأصول بعضها غير المصرية مثل الموال والتي قبلتها الجماعة الشعبية المصرية وأسهمت إسهامًا واسعًا في إثرائها محلًا وعربيًا.
وقد تفاعل الأستاذ درويش على المداخلات وأثنى على بعضها لما أكدته من التفاعل غير المسبوق.
وفي ختام الندوة استمع الجمهور إلى درويش الأسيوطي شاعرًا حيث أنشد من قصائده المتنوعة:
استيقظي...
فلديّ ألفُ رسالةٍ كُتبت إلى عينيك
من وجع القرى..
ولديّ ملتمس من الأطيار
فالجند استباحوا حرمة التغريد
واقتادوا الحناجر في دروب الصمت..
زَجُّوا بالعصافير الرقيقة
في زوايا الاحتضار
وزججوا كل النوافذ..