فجر الخصومة!
حذر سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فجر الخصومة فيما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص - رضى الله عنهما- أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها: إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» متفق عليه.
ومن صور فجر الخصومة: اختلاق اتهامات، وإطلاق إشاعات، وتنابز بألقاب، ونهش أعراض والتمادى فى الخصومات وللأسف تطول «فجر الخصومة» الاختلاف فى الرأى بأنواعه العلمى والسياسى والدعوى، فالعاجز عن إيراد براهين، وسوق حجج، وحشد أدلة، والضعيف عن مقارعة الحجة بالحجة، والمناظرة بأدواتها المعتمدة المعتبرة، يلجأ - العاجز والضعيف - إلى محاولات رخيصة من محاولة تلمس«عثرات» وفصم سياق، واجتراء حديث واختلاف موقف، وتزوير أقوال بتلفيق مرئى أو مسموع أو مقروء، كيدًا لمخالف!
وهذا المسلك محرم مجرم، قال الله عز وجل «فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور»- الآية 30 من سورة الحج. وفى الانفلات الأخلاقى تتناثر اتهامات من مرضى قلوب ومهزوزى عقيدة، ومعتدين بأقوال وأفعال على أبرياء من كذب وسب وإيذاء وحسد وسوء ظن وبغى وغيبة ونميمة وخوض فى الأعراض.
تتعاظم الحرمات صدورها من مدعى تدين والتزام! وتتأكد الجرائم إلصاقها بعلماء ودعاة، بغية ترهيب، «وفجر الخصومة» يجتاح القيم الفاضلة ويطول - كما سلف - رموزًا علمية ودعوية وسياسية من تكفير وتخوين وتفسيق وتشريك وعمالة!
ومما يبعث على الغرابة والنكارة معًا استحداث وصف «شيعي» كوصف منفر، لعلماء ودعاة ومشايخ وإعلاميين، ومكمن الخطر والضرر المردود العام وليس الخاص- ولا ينتبه المروج والملفق - أن هذا يمثل أكبر دعاية لمقولى ومروجى المذهب الإمامى الشيعى خاصة إذا وجه الاتهام إلى عالم داعية أزهرى، فلم يحصل فى تاريخ الأزهر السنى أن اعتنق أزهرى واحد هذا المذهب، مع تدريس بعض مسائل المذهب فى الفقه المقارن، فى الأعمال البحثية للدراسات العليا كغيره من المذاهب الشيعى الزيدى، والمذهب الإباضى.
فليس القول بالتقريب بين المذاهب يكون دعاية لها، وليس التعليق على أحداث أو مرويات تاريخية يكون اقتناعا بها! إن مصر المحروسة بأزهرها الشريف قلب الثقافة السنية يعنى بها فى العمل العلمى الاعتقادى مجموعة «الأشاعرة والماتريدية» والمذاهب الفقهية المشهورة المتبوعة: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية، وفى المدارس الروحية الصوفية - لا المتصوفة - ولم تفلح محاولات فاطميين زهاء مائتى عام فى نشر مذهبهم الإسماعيلى، ولن تفلح أى محاولات فى عالمنا المعاصر تغيير الهوية السنية بفضل الله - تبارك وتعالى - ووجود الأزهر الشريف.
يا بنى قومنا: لا يحملنكم فجر الخصومة بتعامى وتغاب على إيذاء مسلمين، ومقاصد الدين الحق «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام»، «كل المسلم على المسلم حرام: ماله ودمه وعرضه»، «اقيلوا العثرات». وإذا ما كان من تنبيه على خطأ فالتثبيت والتعريض والنصح والإرشاد بالحكمة والموعظة الحسنة، و«قل هذه سبيلى ادعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى» الآية 108 من سورة يوسف.
ويا ليست قومى يعلمون ما فى فجر الخصومة من مضار وإجرام وآثام.
■ من كبار العلماء بالأزهر