‏رُكب البنات

للأسف، أنا متوتر دلوقتى، وانا باكتب حكايتى مع «رُكب البنات»، هيا مش حكاية بالظبط، أد ما هيا انطباعات شايفها مهمة، عن الشقوق والفتحات والشبابيك اللى بقت موجودة فى بنطلونات البنات بغرض تدى مساحة للرُكب عشان تتنفس.

متوتر لأن نسبة كبيرة، للأسف، من اللى قروا العنوان، حكموا على الموضوع بأنه «هلس» و«هذيان» من قبل ما يقروا، مع إن الحكاية تخص بنطلونات بقت مقطعة، يعنى الموضوع له علاقة بأزياء الستات، ودى قضية مهمة جدا بالمناسبة.
عشان أخفف من حدة التوتر، وأثبت لك أن الموضوع مهم، أنا هاستخبى ورا كاتب ألمانى اسمه «روبرت فالزر» مش مشهور عند النُخبة العربية زى «فرانز كافكا»، مع أنه من أكتر الكُتاب اللى أثَّروا فى «كافكا» بشكل كبير. «فالزر» كاتب مهم جدا، قال عنه هيرمان هيسه: «لو كان لديه مائة ألف قارئ لغدا العالمُ مكانًا أفضل».
الراجل الأديب الجميل ده اتولد سنة 1878 ومات 1956، عاش حوالى 78 سنة.
فى عام 1911، يعنى كان عمره وقتها 33 سنة، كتب مقال أو نص عن «البنطلونات»، وسمّاه كده: «البنطلونات»، كان وقتها البنطلون البناتى نوع جديد من الأزياء بدأ يجتاح أوروبا.
المقال أو النَّص كان ضمن مجموعة نثرية بعنوان «البرلينية الصغيرة» وترجمها عن الإنجليزية خليل كلفت، وطلعت عن دار النسيم للنشر.

الراجل شاف إن الموضوع يستحق الكتابة فكتب، بس هوه مكانش متوتر زيى طبعًا، كان مبسوط وهو بيكتب، شوف بادئ مقالته إزاى: «أنا مستثارٌ لكونى أكتب تقريرًا عن موضوعٍ دقيقٍ مثلَ البنطلونات، ولأننى مسموحٌ لى بالتالى بأن أغوصَ فى التأمل بشأنها؛ حتى وأنا أكتب، تغطى ابتسامةٌ متلهفةٌ، يمكنُ أن أحسَّ بها، وجهى بكامله. والنساءُ لذيذات، وسوف يَكُنَّ دائمًا كذلك...».

النساء فعلًا «لذيذات»، أجمل حاجة فى الدنيا النساء، و«فالزر» كتب انطباعاته عن البنطلون وقتها إعلاءً لقيمة الجمال، وحرصًا منه على دوامه، يعنى كان مثلا مش عاجبه شكل البنطلون ساعتها، وكان متصور إنه لما يكون ضيق أكتر هايبقى أجمل «بحيث يضغط اللحم المستدير الناعم للساق على القماش بإحكام شديد».
«فالزر» احتفى بالبنطلون، بس كان فى نفس الوقت بيكتب مرثية للجيبات والفساتين: «من العار أن تعتزم الجونيلات الآن أن تختفى، وأن تجرى إهانة مشاعرنا الثقافية... هل هجرت باريس أفكار الفساتين القصيرة؟ وفيما يتعلق بالأفكار، يبدو أن باريس صارت شديدة الفقر. إنه عار مفزع.

موت باريس الرائعة تلك، باريس الأحاسيس والأحلام. باريس ماتت... فأزياء البنطلونات لا تعرف شيئًا عن الفساتين القصيرة».

يا بنات، أنا بحبكم والله زى بنتى بالظبط، وأكيد ماعنديش موقف من رُكبْكُم، الركب حلوة مفيش كلام، وليها تأثير مفرح ع النفس، بس اللى بتعملوه ده تشويه للجمال.. يعنى عايزين تبينوا ركبكم وفى نفس الوقت تلبسوا بنطلونات؟ مش هاينفع، طب ما تلبسوا جيب أو فساتين قصيرة فوق الركبة، زى الستينيات، كنا أجمل والله، و«فالزر» قالها من أكتر من 100 سنة: «أزياء البنطلونات لا تعرف شيئًا عن الفساتين القصيرة».