نفاق المجتمع في أزمة «خمسة خصوصي»
كشفت أزمة ديوان «خمسة خصوصى» عن حالة من العبث الكامل التى نعانى منها جميعًا.
القصة أن واحدة من صفحات الفيسبوك اصطادت فقرات من ديوان على حسن، الذى أصدرته دار ليان للنشر، معتبرة إياه نموذجًا على الانحطاط الذى تصدره دور النشر فى مصر الآن، ففوق أن مستوى الأشعار لا يليق بطالب فى ابتدائى، فهى أيضًا بها تعبيرات ومشاعر وقحة.
تداول رواد الفيسبوك قصائد الديوان، التى كتبها الشاعر بأسماء البنات، كدليل على انهيار معرض الكتاب، على أساس أن هذا ما تعرضه دور النشر ويقبل عليه القرّاء، ونال الشاعر هجومًا نال من شخصه وذوقه وسمعته.
تحركت دار النشر، التى يملكها الصديق فتحى المزين، لا لتوضح أن الديوان ليس موجودًا فى المعرض أو أى من دور النشر فقط، ولكن لتتبرأ منه أيضًا، قالت فى بيانها إن نشر الديوان الذى اشتهر بقصيدة «هاتى خدودك» كان فى عام ٢٠١٤، نتيجة سياسة متبعة.
اعتذرت الدار واعتبرت النشر كان خطأ، وأنها تابت وأنابت، ولم تعد تنشر شعرًا منذ عامين نتيجة الاختلاف الضخم بين المتلقين للشعر العامى.
لم تبرر الدار ما فعلته، كما قال صاحبها، اعتذرت فقط عن الخطأ الذى ارتكبته، ولا أدرى فى الحقيقة ما هو وجه الخطأ، فنحن أمام ديوان شعرى كتبه صاحبه، هذه هى ثقافته ومشاعره، طبعته دار نشر هذه هى وظيفتها، أعجبك هذا شأنك، لم يعجبك فهذا شأنك أيضًا، ولم تكن هناك ضرورة لهذه الضجة المفتعلة والسخرية ومطالبات الشاعر بالاعتذار واتهامه بانحطاط الذوق.
إننا ننافق بعضنا البعض نفاقًا رخيصًا، فمن الطبيعى أن يكون هناك ما لا يعجبنا فى الشعر والرواية والقصة القصيرة والسينما والدراما والبرامج التليفزيونية والصحافة والمواقع الإلكترونية، هذه سوق كبيرة ومفتوحة، وعليك أنت أن تنتقى.
لم يخاصم شاعر «خمسة خصوصى» الواقع، فهو جزء منه وتعبير عنه، ويبدو أن هذا ما صدم المجتمع البائس الذى نعيش فيه، لقد وضعه الشاعر أمام نفسه بتراجعه وانحطاط ذوقه، ولذلك سارعنا باتهام الديوان وقمنا بتجريس صاحبه على نواصى شبكات التواصل الاجتماعى، لأنه فضحنا ووضعنا وجهًا لوجه أمام حقيقتنا العارية.
هو فى النهاية ديوان شعر صدر منذ عامين، أو صدر الآن، كان يمكن أن يمر بهدوء، لكننا نمسك فى التفاهات، لأننا ببساطة أكثر تفاهة.