أنقــذوا صغــارنا..!!
ماذا لو لاقدر الله استدعتك إدارة مدرسة «نجلك» على عجل لتخبرك أن ابنتك أو ابنك قد فقد إحدى عينيه بفعل زميل «تختة» بالمدرسة بواسطة هذه الأدوات التى وافقت على استيرادها وزارة التعليم «الموقرة» وسمحت بتداولها بين أطفال فى مقتبل العمر، يستوى فى هذا إذا كان شجار بينهم أو مزاح ثقيل أودى بجوهرة العين إلى الضياع. هل ستعزو هذا إلى القضاء والقدر وتقول «عوضك على الله»؟ أم أن الإهمال الذى استشرى فى عالم المدرسة ومستوردى هذه الأدوات الضارة بحجة التجديد هو السبب الرئيس فى هذه الكارثة، ولتتخيل عزيزى القارئ أن ضمن هذه الأدوات «برَّاية» وجه عروسة يوضح شكل الإعلان عنها: كيف تضع القلم فى عينها لتنفجر الدماء من «بؤبؤها» وكأنها تدريب للمستخدم على أن «يفقأ العيون»، وللأسف نجد أيضًا أن «الأقلام الرصاص» تأخذ شكل ورسم وحجم « السيجارة» و«السيجار»! فى استفزاز مقيت لمشاعرنا، وكأن السادة مستوردى هذه «الآفات» يتعمدون تعليم الصغار عادة التدخين وتوابعه فى سن مبكرة، ويكون من المنطقى والطبيعى أن يقوم الأطفال بالتقليد «ومن شبَّ على شىء شاب عليه».
فواحسرتاه على العلم والتعليم والأخلاق برمَّتها إذا كنا نصر على تداول هذه «القنابل الموقوتة» بين أيدى البراعم الصغيرة والشباب، والأدهى والأمر هو انتشار «حلوى» على شكل حبات الفراولة لها مذاق جميل يقبل عليه صغارنا لتتبعه الإغماءات والتشنجات لكونها تحتوى على مادة مخدرة وسامة! هل هذه الحرب الضروس على أجيالنا لم تصل إلى بصر وسمع السادة المسئولين؟! وتبقى صرختنا الملتاعة: أين دور علماء النفس وأساتذة التربية ورأيهم فى اختيار هذه الأدوات ؟ أم أننا سنظل عبيدًا لما يرد إلينا سواء من الشرق أو الغرب دون دراسة كافية وواعية لمتطلبات «الطفل» المصرى واحتياجاته وكيفية استعماله لتلك الأدوات فى المراحل العمرية المختلفة، مع ضرورة طرح دراسة متأنية لسيكولوجية السلوك الفطرى للطفل، خاصة وأطفالنا فى عصرنا هذا يشاهدون على الشاشات وفى سلوكيات المجتمع الكثير من مشاهد العنف غير الممنهج، الأمر الذى قد يدفعهم «تلقائيًا» لاستخدام أدواتهم القاتلة فى العراك أو المزاح الطبيعى المعتاد بين الأصدقاء وزملاء المرحلة وعندئذ يقع الأذى المخطط له بعناية، وبدورنا نسأل: هل يقف دور «جهاز حماية المستهلك» على مراقبة «الثمن» فقط؟ دون النظر إلى الجودة أو الشكل أو المضمون واستبيان مدى الخطورة فى هذه الأشياء المتداولة وما تحمله فى طياتها من مفاسد وكوارث. هل هانت علينا أجيالنا الصاعدة إلى هذا الحد من الإهمال واللامبالاة؛ خدمة للتجار وتشجيعًا لجشعهم وتكالبهم على الربح والاستثمار السريع لأموالهم، دون النظر إلى استثمارنا فى صنـَّـاع المستقبل؟ ولا ننكر أن البيت يقع عليه العبء الأكبر فى توجيه الطفل وإرشاده إلى توخى الحيطة والحذر فى طريقة استخداماته اليومية لأدواته، ذلك بعد أن يتم الاختيار الأمثل والأجدر والمناسب لسلوكيات طفلهم قبل الانطلاق إلى فصول العلم والدراسة واختلاطه بأقرانه طوال الفصل الدراسى، مع المراقبة الدورية بالرجوع إلى الإدارة المدرسية والاستعلام المكثف أولاً بأول عن التصرفات والسلوكيات التى يتبعها بين الزملاء والأساتذة.
وهذا دور «مجالس الآباء» الذى لابد من انعقاده دوريًا على مدى العام وتفعيل قراراته التى غالبًا ما تكون «حبرًا على ورق» و«تسديد خانات» من أجل «بدلات الحضور» و«نفقات النشاط المدرسى الوهمية» فى الأغلب الأعم. إذن لابد من تفعيل هذه الأدوار مجتمعة وإسنادها إلى من يؤمنون برسالة الرقابة الفعالة لتصرفات وسلوكيات الطفل داخل جدران المدرسة، لتكون جزءًا من أساسيات حياته الحالية والمستقبلية، وبهذا نضمن لأطفالنا كل السلامة والنجاة من أخطار نحن فى غنى عنها وعن مشاكلها وتبعاتها السيئة من حوادث قد تؤدى إلى ترك «العاهات المستديمة» فى أطفالنا وشبابنا الذين نرجو لهم المستقبل الواعد والصحة الجيدة والجسم السليم. هل نصرخ فى الفضاء اللانهائى الواسع؟ أم أن صرختنا سنجد لها «رجع الصدى» بالاهتمام الجاد والعملى والفورى من كل الجهات المسئولة - بسحب هذه الأشياء الضارة من الأسواق تمامًا- بدءًا من وزارة التعليم ومنظمات المجتمع المدنى وجمعيات الطفولة والأمومة، وكل الهيئات التى نسمع مجرد السمع عن نشاطاتها العملاقة فى المانشيتات؛ وللأسف لا نرى «طحنـًا» وكأنها «الرحاة» التى تدور على «حَصَى» لايُسمن ولا يُغنى من جوع! أنقذوا صغارنا مما يدبر لهم يا كل مصرى.. ويا كل مسئول!