لمياء السعيد تكتب "الرسالة الأخيرة"
أكتب إليك اليوم رسالتى الأخيرة
نعم لا تتفاجأ فهى الأخيرة بيننا
ولكنى أعلم أنك لن تتفاجأ كثيرًا فقد كانت بيننا الكثير من المقدمات لتلك النهاية. ففى عامنا الأخير أصبح ما بيننا ظل لحب كان موجودًا، ولكنه غادر منذ عام ضعف ووهن حتى أصبح مجرد خيال يتراقص على حائط الزمن
فعمر حبنا خمسة أعوام ولكنه أصبح كهلا
أعجزه الفراق كثيرا وأنهكه فخارت قواه
سامحنى فصمت مشاعرى أصبح صياحا لا يمكن كتمانه فقد أحرق غيابك أنوثتى عاما تلو العام، ولهيب المشاعر تحول لبحار من الجليد.
أتذكر كيف كانت أيامنا الأولى بالحب وكيف كان الشوق يتدفق بيننا فيشعل أنفاسنا لهيبا يحرقنا فى بحار اللذة...
أتذكر لمستنا الأولى بعد الشوق وقبلتنا التى سرقناها من الزمان أعلى برج القاهرة وشهدت علينا الشمس فى مغيبها وأخبرت القمر فجاء سريعا ليرى كيف تبادلنا العشق...
أتذكر سفرك لأول مرة وكيف كانت أيامى مبتورة من دونك وقد أخذت معك دفء الحب، وتركتنى عاما فى برودة الشتاء.
صقيع ملأ حياتى من دونك وأيام جافة وليالٍ باردة لم يكن يدفئها غير رسائلنا التى كانت من كثرة أشواقنا تذيب الحروف..
ومثلما فعلت من قبل تركتنى عاما آخر ورجعت، وعدت إليك وزاد ابتعادك من استسلامى.. مزقنى شوقى إليك فلم أطلب يوما منك قيدًا بل كنت من قيدت نفسها إليك.
وفى عامنا الثالث زاد غيابك ولم تعد تتحمل صمت أنوثتى، هجرت الأعياد فلمن أرتدى فستانى الجديد، وأنت غائب كنت أرى الفتيات يخرجن للقاء أحبابهن وأنا وحيدة أتمزق من داخلى وأنظر للنتيجة المعلقة على الحائط وأشعر أن حالى ليس بأفضل منها؛ فكلانا معلق بحبل واهن لم يعد يتحمل.
قلت لك ألف مرة إننى لم أعد أحتمل الغياب.. لم أعد أحتمل برد أيامى وصقيع الليالى فخرجت بالحجج الواهية واحدة تلو الأخرى.
حتى عامنا الأخير امتدت البرودة إلى رسائلنا فلم أعد أبالى لم تعد الحروف تذوب شوقًا بين يدي، وأعرف أنك شعرت بذلك ولم تكن أفضل منى حالا.. فلم تحاول إنعاش مشاعرى نحوك ولا تقل لى إنك أردت أن تتركنى على راحتى فمن يحب يغزو الأرض لينهل من حبيبه ويمزقه الشوق مثلما مزقنى..
لا أريد خيانتك فأنا امرأة لا تخون.. لا أستطيع أن أرتمى بأحضان غيرك وأنفض ملابسى وأرجع شعرات تمردت من حرارة اللقاء، وأخرج إليك باسمة وكأن شيئاً لم يكن.
أردتك أنت ولا أحد سواك، وقلت لك إن الشباب يأتى مرة واحدة ويحمل معه فيضانا يجب أن يطوع وأنا أرض بور تريد أن ترتوى من العشق والهوى.
أقولها لك اليوم قسما لست مضطرة إليه طوال سنواتنا معا لم أخنك يوما.. لم يسمع رجل همسى ولم يشعر بلهيب أنفاسى يحرق شفتيه؛ فقد دفنت أشواقى طى وسادتى حتى احترقنا معا.
غربتك أوهنت مشاعرى ولا أريد أن أنضب وأنا بالخامسة والعشرين، فلو بقى فى عمرى يوم واحد أريد أن أعيشه.
لذلك كتبت لك رسالتى الأخيرة ..
وداعا يا زوجى العزيز..