في الذكرى التاسعة لرحيله..
لازال نهر العطاء يتدفق.. نجيب محفوظ و"حضور خالد"
عرف بصاحب الوجه البشوش والروح المرحة وسط أصدقائه، فدائما ما يضفي على مجلسه جوا من المرح والدعابة بكلماته وتعليقاته اللاذعة، حتى لقبه محبيه من القراء والمثقفين بصاحب اللغة المشغولة بهموم الأرض والإنسان والمعجونة بطمي النيل وتراب الوطن الذي كان لا يطيق فراقه، إنه نجيب محفوظ.
وتوافق اليوم ذكرى رحيل الكاتب الكبير عن عالمنا، حيث رحل في الـ30 من أغسطس عام 2006، دون أن يحمل في قلبه ضغينه لأحد، أو يدخل في معارك أدبية مع الأدباء والمثقفين، ما جعل العالم أجمع يخلد ذكرى رحيله، وتصبح احتفالا في العديد من الدول العربية الأجنبية، نقل في أعماله حياة الطبقة المتوسطة في أحياء القاهرة، فعبر عن همومها وأحلامها، وصور حياة الأسرة المصرية في علاقاتها الداخلية وامتداد هذه العلاقات في المجتمع.
استطاع "محفوظ" بذكائه وعبقريته أن يرسم ملامح الشخصية المصرية في الرواية، بتفاصيلها المدهشة، وظلالها الدالة بكل عبقرية الكاتب وحساسية المبدع وطاقته المذهلة على المغامرة البناءة، وعكف بصبر على مساءلة الذات المصرية من أجل البناء لا الهدم ومن أجل المستقبل.
ومن هذا المنطلق احتلت إبداعات نجيب محفوظ حتى اليوم رأس قائمة الروايات التي ترشحها الصحافة الغربية لقرائها عن مصر والمصريين وعاصمتهم الخالدة القاهرة، بينما يتم ترجمة إنجليزية للعديد منها، كان قد ترجمة له "المرايا، والكرنك، والسمان، والخريف، وخان الخليلي"، فكان محفوظ وفير العطاء حيث احتل المرتبة الأولى بين الأدباء العرب الذين حولت أعماله إلى السينما والتلفزيون.
وبين عامي 1952 و1959 كتب عددا من السيناريوهات للسينما، ومن هذه الأعمال "بداية ونهاية" و"الثلاثية" و"ثرثرة فوق النيل" و"اللص والكلاب" و"الطريق".
رغم مرور أكثر من نصف قرن على صدورها، لا تزال "ثلاثية" نجيب محفوظ وهم "بين القصرين" و"السكرية" و"قصر الشوق" من أجمل الأعمال الروائية والأدبية، التي تم إنتاجها في الدراما العربية.
كما كان "رادوبيس، وزقاق المدق، وخان الخليلي، والسراب، وأولاد حارتنا، والحرافيش، وميرامار"، مكان عالية في نفوس القراء والمتابعين للكاتب الكبيرنجيب محفوظ.
واستطاعت الدراما أن تكون أمينة في نقل صورة مطابقة للنص الأدبي للمشاهد العادي في الثلاثية وأسهمت في إمتاعه الجمهور، حيث نحج المخرج حسن الإمام من خلال عوامل عدة الوصول إلى قلب المشاهد العادي، وتمكن حسن الإمام السير بموازاة النص الأدبي لثلاثية محفوظ، هي المشهد الثقافي الراقي الذي كان يعيشه العاملون في الأفلام ذاتها من ممثلين وكادر تصوير وكتاب سيناريو.
وأسهمت حرفية نجيب محفوظ ذاته في المشهد السينمائي حيث اشتغل على كتابة سيناريوهات عدة أفلام منذ الأربعينات، كان أولها فيلم "المنتقم" 1947م عن قصة إبراهيم عبود، وهو أول أفلام صلاح أبو سيف، واستمر التعاون بين محفوظ وأبو سيف في كتابة أفلام عدة، تركت بصمتها في المشهد الفني العربي إلى يومنا هذا.
وفي الذكرى التاسعة لرحيل الأديب العالمي نجيب محفوظ افتقد العالم العربي أيضا الفنان الكبير نور الشريف الذي عرف بأنه أكثر ممثل شارك في أفلام ومسلسلات لروايات نجيب محفوظ، وتعتبر شادية كذلك أكثر ممثلة في أفلامه.