بعد استقالة بلاتر.. هل تحتفظ قطر بحق تنظيم مونديال 2022؟
يعتقد مراقبون أن استقالة بلاتر المفاجئة وقضايا الفساد التي تلاحق الفيفا، قد تشكل تهديدا لاستضافة قطر لنهائيات كأس العالم، بينما يرى آخرون أن سحب تنظيم المونديال ليس سهلا كما قد يتصور البعض، وأن حق قطر ما زال محفوظا.
أدت الاستقالة المفاجئة لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) السويسري جوزيف بلاتر "79 عاما"، إلى فتح باب المنافسة على مصراعيه من أجل انتخاب رئيس جديد لهذه المؤسسة، التي يرى مراقبون أنها تواجه مشاكل فساد كبرى، في حين أفادت وسائل إعلام أميركية، الثلاثاء، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، وسع تحقيقاته في إطار فضيحة الفساد التي تهز الفيفا، وباتت تشمل بلاتر بشكل مباشر.
ويبدو أن استقالة بلاتر قد أثارت التنبؤات فيما يخص تنظيم مونديال 2022 في قطر، حيث دعا الرئيس السابق للاتحاد الألماني لكرة القدم "تيو تسفانتسيغر" إلى إعادة النظر في منح قطر استضافة مونديال 2022، واصفا الدولة الخليجية بـأنها "سرطان كرة القدم العالمية".
وفي حين أفادت شبكة "ايه بي سي"، أن المحققين الأميركيين يشتبهون بتورط بلاتر في وقائع مرتبطة بفساد ورشاوي في ما يخص تنظيم قطر لنهائيات كأس العالم، اعتبر الاتحاد القطري لكرة القدم أن استقالة بلاتر لن تؤثر على استضافة البطولة كون قطر "ليس لديها شيئًا تخفيه فيما يتعلق بملف ترشيحها".
قطر معرضة لفقدان المونديال
في حوار له من دبي مع "D W" عربية، أكد الصحفي والمحلل الرياضي "حيدر الوتار" أن الكلام عن فقدان قطر حق تنظيم مونديال 2022، بعد استقالة بلاتر هو كلام "غير دقيق"، مؤكدا أن حق قطر "محمي بحسب القانون"، لأن هناك اتفاقية رسمية بين قطر والفيفا تنص على الالتزام بإقامة هذه البطولة، وتوضح ماهية الالتزامات المفروضة على كل جانب، وفي حال أراد الفيفا أن يتنصل من كلامه فإن هناك عقوبات جزائية رادعة يمكن أن تتخذ بحقه، حسب ما ذكر الوتار.
وعلى العكس من ذلك يرى الصحفي والمحلل الرياضي في صحيفة الأيام الفلسطينية "أحمد العلي" أن "قطر معرضة لفقدان حق تنظيم البطولة الكروية على أراضيها"، وذلك يعود لسببين رئيسيين، الأول: أن قضايا الفساد التي تحيط بالمنظومة الكروية، يمكن أن تتخذ ذريعة، من أجل سحب شرعية إقامة البطولة من قطر، والثاني، وجود توجه غربي، تقوده دول ذات نفوذ، يبدو أنها "لا تريد أن تقام هذه البطولة في قطر".
وقبل يومين فقط من إجراء انتخابات رئاسة الفيفا قامت الشرطة السويسرية بتوقيف سبعة من مسؤولي الاتحاد الدولي الرئيسيين في زيوريخ بناء على طلب من السلطات الأميركية، حيث يجري القضاء الأميركي تحقيقا حول وقائع فساد تعود إلى 25 عاما مضت، كما تمت مداهمة مقر الفيفا في إطار قضية جنائية سويسرية منفصلة، للاشتباه في أعمال "غسيل أموال وإدارة مخالفة للقانون" تتعلق باختيار روسيا وقطر لاستضافة نهائيات كأس العالم 2018 و2022.
ابتزاز غربي لقطر
ويؤكد "حيدر الوتار" أن الحرص الغربي على نزع إقامة البطولة الكروية من دولة قطر "لا يستند إلى أدلة منطقية"، بل هو نوع من "الابتزاز" لحكومة قطر من أجل مساومتها على هذا الحق، ويرد "الوتار" على الادعاءات الغربية بقوله: "إن الإعلام الغربي بدأ بكيل التهم لقطر بالرغم من أن التحقيقات ما زالت جارية، ولو كانت هناك أية وثائق تبرز تورط قطر بالفساد لتم تسريب هذه الأوراق ولانتهى الأمر".
ويضيف المحلل الرياضي المقيم بدبي أن الغرب اتخذ من قضية ظروف العمال في قطر ذريعة من أجل سحب البطولة منها، وهو ما يثبت "نوع الابتزاز، الذي تمارسه الدول المُتَنَفِّذة بحق الدول الأخرى"، وبدلا من "التباكي" على حقوق العمال كان من الممكن أن يتم التوصل لاتفاق رضائي بين الدول الغربية وقطر من أجل سن قوانين جديدة تحفظ كرامة هؤلاء العمال وحقوقهم، يقول "الوتار": "لنفرض أن قطر وافقت على سحب تنظيم البطولة منها وأوقفت عمليات البناء الضخمة التي تقوم بها وسرحت العمال، فكيف سيكون مصير هؤلاء العمال بعد إنهاء عقودهم وعودتهم بلا عمل إلى بيوتهم"، ويؤكد الوتار أن "ما تطالب به الدول الغربية هو ضد مصلحة العمال وليس حفظا لحقوقهم".
وتعرضت قطر لانتقادات متكررة بسبب أوضاع العمال فيها، حيث جاء في بيان أصدرته منظمة العفو الدولية أن قطر لم تف بالإصلاحات التي وعدت بها لتحسين وضع العمالة المهاجرة، وخاصة للذين يعملون في البنية التحتية من أجل بطولة كأس العالم 2022، فيما أكدت وزارة العمل والشؤون المجتمعية في قطر أنها أجرت تغييرات كبيرة خلال الفترة الماضية لتحسين حقوق العمال.
قضايا مهمة أمام الرئيس القادم
ويؤكد "أحمد العلي" أن الظروف التي مرت بها الفيفا مؤخرا والأحداث المتسارعة التي شهدتها تدل على وجود تحركات تجري في الخفاء من أجل فرض واقع جديد مختلف، ويرى العلي أن التنافس الشديد لخلافة بلاتر، خاصة بعد العدد الكبير من الأشخاص الذين أعربوا عن استعدادهم للترشح من أجل شغل المنصب، يدل على مدى الصراع الدائر في أوساط الفيفا، لذلك فإن القضايا الكبيرة مثل قطر وقضايا الفساد ستأخذ بالطبع دورا مهما في عملية دعم المتنافسين.
وبالنسبة لمعركة خلافة بلاتر، سيترشح الأمير "علي بن الحسين" للانتخابات الجديدة لرئاسة الفيفا، حسب ما أكد نائب رئيس الاتحاد الأردني صلاح صبرا، كما أعلن الكوري الجنوبي شونغ مونغ-جون نائب رئيس الفيفا سابقا والشخصية النافذة في عالم كرة القدم الأسيوي أنه يفكر في الترشح، وتدور تكهنات أيضا حول ترشح الفرنسي "ميشيل بلاتيني" رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (الويفا)، وكذلك أيضا المدرب البرازيلي "زيكو"، وقد دعت المفوضية الأوروبية إلى "تغيير جوهري" داخل الفيفا معتبرة أن استقالة بلاتر تشكل "مجرد خطوة في عملية طويلة لإعادة الثقة ووضع نظام قوي لحسن إدارة الفيفا".
ويرى العلي أنه في حال تأكد ترشح بلاتيني للمنصب فإنه سيكون لديه الحظوظ الأقوى للفوز، وقال: "لا نعلم بالتحديد ما سيجري، إلا أنني أعتقد جازما أن بلاتيني هو من سوف يفوز بالنهاية".
وكان بلاتيني قد فاز في صيف العام الماضي بفترة رئاسة جديدة للويفا، ولكنه قد يخوض منافسة الترشح على رئاسة الفيفا علما بأنه أعلن خلال الفترة الماضية دعمه ومساندته للأردني الأمير "علي بن الحسين" الذي خسر الانتخابات أمام بلاتر الجمعة الماضية.