ألسِنة الفتنة.. وعدالة القضاء
ليخرج علينا أهل الفتنة من الخونة خوارج العصر الجُدد، لنستمع إلى هذه النغمة النشاز ممَّن ينددون ويشجبون الأحكام العادلة، ويذرفون دموع التماسيح على شرذمة من القتلة وجَبَ فيهم القصاص بشرع الله، والغريب أن هؤلاء الأدعياء يباركون القتل الغادر لمن لا ذنب لهم ويحرِّمون القصاص بحكم الله الناجز «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب» أى يا أصحاب العقول.. ولكن هؤلاء الخونة لا عقول لهم، ويخضعون لأهواء من يريدون تفسير النصوص السماوية لصالح أهدافهم السوداوية الطامعة فى الوثوب على السلطة تنفيذًا لمخططات أسيادهم الذين يملونها عليهم لتقسيم خريطة الوطن العربى وتمزيق أوصالها لتحقيق حلم الشرق الأوسط الجديد، هذا الحلم الذى يقوم على إراقة الدماء الذكية ضاربين عرض الحائط بكل الأعراف الإنسانية والقيم النبيلة.
ولا شك أن هذه الأصوات النابحة التى تعارض أحكام القضاء، هى أصوات الفتنة لتأليب المجتمع وهى فتنة تزرع الأحقاد وتثير النزاعات والعصبيات التى تفتح أبواب جهنم على المجتمع، وتخضع للهوى والعصبية والتبعية لأجنبى له أطماعه ومؤامراته، وتحكمهم القلوب المريضة والأفكار التى تشغلها وساوس الشياطين من أسيادهم ولا يعنيهم سلام الوطن ولا ساكنيه، والفتنة إذا تطاير شررها فإنها ستحرق فى كل اتجاه، وعلى الدولة بكل سلطانها ونفوذها أن تقطع ألسنة الفتنة التى ليس لها من هدف إلا تنفيذ أجندات ومخططات اللوبى الصهيوأمريكى ويقبضون الثمن من الدينار والدولار، دون الأخذ فى الاعتبار الأرواح البريئة والدماء التى تسيل على أسفلت الشوارع والميادين دون وازع ٍ من دين ولا من أخلاق.عن النعمان بن بشير رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ, فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا, وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا, فَكَانَ الَّذِينَ فِى أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ, فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِى نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا, فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا, وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا» رواه البخارى، هذا هو حال سفينة المجتمع البشرى التى تتطلب حكمة الحكماء والغيارى على وأد الفتن وقطع ألسنة أعداء الوطن والدين على حد سواء، وهنا لابد وأن يبرز ــ وبصلابة ــ دور «الدولة» وإظهار قوة قبضتها التى لا تلين فى مواجهة أولئك الذين يعبثون بأرواح البشر.
إن «الدولة» ـ يا سادة ـ ليست عَـلَـمًا خفَّاقًا فوق الأبنية وفرقة نحاسية تعزف النشيد الوطنى بلا انتماء ولا هدف، فالدولة يجب أن تكون السيف البتّار لكل هذه الذيول الفاسدة التى تعيث بين ظهرانينا فسادًا ويشعلون فتنة ستحرق الأخضر واليابس فى وادينا الحبيب وستمتد إلى الخريطة العربية كلها إن لم تسارع الدولة ـ وبتفويض الشرفاء من الشعب وهم الغالبية ـ بتنفيذ أحكام القضاء العادل فى كل من تم الحكم عليهم استنادًا إلى الأدلة والبراهين والاعترافات المسجلة صوتًا وصورة، ونحن فى عصر أصبح فيه كل شىء «على المكشوف» ولا حيلة لأحد أن يدارى أو يتجاهل، وشعبنا ينتظر القصاص بفارغ صبر، وإلا.. فالطوفان القادم لن يبقى ولن يذر !! فاستقرار مصرنا خط أحمر لدينا جميعاً.
■ أستاذ الدراسات اللغوية ـ أكاديمية الفنون