هذا المحتوى بأقلام قراء جريدة وموقع الدستور
شاخ الشباب
كنا اطفالا نحلم بالمستقبل ملأنا الشوارع ضجيجا وصخبا يصحبه دفء وحنان يغمره والدانا - دفء لو صعد الى السماء لكان سراجا منيرا ولو نزل الى الارض لكساها سندسا وحريرا ولو مزج بماء البحار لجعل الملح الاجاج عذبا فراتا سلسبيلا ، مشاعر حب جياشه تتدفق من الابوين على ابناءهما ، يسهران ليلا ويكدحان نهارا من اجل توفير حد الكفايه لابنائهما
كنا نستمد دفء المشاعر من مجرد نظرتهما المملوءة بكل احتواء والتى تملا الارض والكون حبا وحنانا ، تلفح امانينا هواء البروده ليلاً حتى تطلع عليه شمس النهار ، كنا نصل ليلنا بنهارنا نلهو ونلعب نرقص ونشدوا بأعذب الكلمات ، ايام بريئه خاليه من الأنا والهموم .حلمنا بفتاتنا الجميله وحلمت بفارس الاحلام الذى يمتطيها على جواد ابيض نرسم على شفاهنا البسمه ونسترقها وسط اهات الزمن ، يملؤنا النشاط والحيويه والحلم والامل ، يقتلنا الطموح ، نحلم يوم ان نكبر حتى يشب عودنا ونغوص فى ملذات الحياه كانت حياتنا مفروشه بالورود لا ينقصها سوى ان نكبر ،
وبدأنا نكبر فزادت فرحتنا لننتقل من المرحلة الإبتدائية الى الإعدادية فقد بدأنا مرحله جديده فى حياتنا اصدقاء جدد وربما مدرسه جديده وحياه جديده ووصلنا لمرحله الثانويه وهى مرحله تكوين الذات والمعرفه والثقافه والعلاقات الاجتماعيه اصدقاء السراء والضراء, الكفاح والطموح جمعتنا شقاوة فى بعض الاحيان و عاطفه فى احيان اخرى تنافس فى تحصيل العلم وربما للفوز بقلب فتاه مايلبث ان يتحول الى خناقه وكلها لحظات ثم نتصالح جميعا ، من منا ينسى اول حب له فى المراهقه من منا ينسى اصدقاء الشده والشقاء والالم والمغامرة ،من ينسى تجمع الاسره على مائده واحده .
حتى طلت علينا مرحله الجامعه بعالمها الجديد دنيا غير الدنيا حياه بدايتها غربه عن الاهل والاوطان واعتماد على الذات وكفاح مرير من اجل البنيان صداقات قويه مازال كل منا يذكرها حتى الان .علمونا ان الجامعه هى بدايه الطريق لتحقيق الحلم من منا لم يحلم بيوم تخرجه وزواجه من فتاته التى احبها فى الجامعه او الفتى التى ستتزوج به بعد التخرج و الذى سيكون الزوج والرفيق والحبيب الذى يعين على مصائب الدهر ، ذكريات المدينه الجامعيه والرحلات الترفيهيه والاسر الطلابيه والمحاضرات والاساتذه الذين اثرو الفكر وما زالت كلماتهم تردد فى اذاننا
انتهت ايام الجامعه بحلوها ومرها وبدات مرحله الحياه العمليه متمثلة في البحث عن لقمه العيش والغربه الحقيقيه مع النفس فكل ما حلمنا به كان سرابا ووحى ننسجه من خيالنا فلا تزوجت الحبيبه التى لطالما حلمت بها فى الجامعه ولا حققت ما كنت تطمح به معاناه فى البحث عن لقمه العيش ، وانظمه سياسيه نقضت العهد وحولت المواطن للعيش بمفرمه يبحث فيها عن لقمه العيش من اجل ان يبدأ حياته .شبابا لا يقوى على تقبل الصدمه ويظل عشرات السنين يبحث عن وظيفه ، متفوقون ارهقتهم الظروف واعيتهم الحيل وحصد مكانهم من لا يستحقون فالبقاء للاقوى وليس الاصلح ,
انتشار الواسطه والرشوه والمحسوبيه فى انظمه استبداديه ظلت قرونا تحكم الوطن حتى قضت على الاخضر واليابس ،
كثيرون لا يستطيعون تحمل الصدمه ويصابو بامراض الشيخوخه المبكره والانحراف السلوكى ومنهم من عافاه الله واكرمه بفرصه لا تتناسب مع مؤهلاته .القى بنا فى مفرمه الخلاط التى لاترحم عمل ليل نهار من اجل توفير قوت اليوم فى ظل زياده مستمره للاسعار وغول بطاله غير مقننه ومرتبات ضعيفه لا تتناسب مع الزياده فى اسعار السلع والخدمات ، انظمه مستبده لا تسمع سوى صوت الاغنياء وذوى النفوذ وتدهس تحت اقدامها فقراء الوطن وضعفائة ، اب لا يستطيع توفير مصاريف الدراسه لاولاده فيعمل عملا اضافيا بعدما بلغ من العمر ارزله فما اصعب احتياج الابن وعدم قدره الاب على تلبيتها انحرافات
سلوكيه واخلاقيه رسخها بداخلنا الفقر والظلم ، تمنينا ان نعود لحظه لايام الجامعه وقت ان كنا نلهو ونمرح ونحلم ونطمح وقت ان كان يشتد عودنا ونقدر على مقاومه صعوبات الحياه وقتها كانت طلباتنا مجابه لاننا مسؤولون من اهلنا ، أما الان فأهلنا مسؤولون منا كنا نحلم ومازلنا نحلم فلم يتبق لنا سوى ان نحلم بعدما مر العمر واصبحنا فى مفرمه الحياة وطاحونه الزمن
فلم يتبقي لنا سوي الأحلام ..
الأحلام التي تراكمت فوق بعضها دون تحقق..
الأحلام الوردية التي كادت أن تغير الواقع لكنها تحولت لواقع مرير حوله نشطاء السبوبة وأصحاب المليارات إلي روتين
الآن يعرض أمامي شريط ذكريات يصيبني بضحكة ممزوجه بالالم تعتصر قلبى وكل جوارحى على ما مضى من العمر