شم النسيم عند الفراعنة.. طرد للأرواح الشريرة وبداية الخير والبركة
احتفالات المصريين لها نكهتها الخاصة، والتي ترتبط في جزء كبير منها بمعتقداتهم وعقائدهم، لتكون تلك الأعياد عنصرا يميزهم عن غيرهم من الأمم، وشم النسيم من ضمن تلك الاحتفالات التي ينتظرها المصريون كل عام.
ترجع بداية الاحتفال به إلى أجدادنا الفراعنة منذ ما يقرب من خمسة آلاف سنة، حيث تم اشتقاقه من الكلمة الهيروغليفية "شمو"، والتي تعنى البعث وخلق الحياة، لاعتقاد المصريين القدماء أن ذلك اليوم هو بداية الخلق والحياة، ليصبح مسماه بعد ذلك " شم النسيم" لاعتدال الجو خلاله مما يسمح للمواطنين بالذهاب إلى الحدائق والمنتزهات للاستمتاع به.
كان احتفال الفراعنة بهذا اليوم ضخمًا، تتجمع فيه كافة طوائف الشعب حول الهرم لمشاهدة الغروب، حيث يظهر قرص الشمس فوق قمة الهرم وكأنه جالس فوقه، وعند اختراق أشعة الشمس لقمة الهرم تبدو للناظرين وكأنها انشطرت إلى نصفين.
وكعادة المصريين دائما ما ترتبط الأعياد في أذهانهم بتناول الطعام وكأنه يضفي إلى فرحتهم نوعا آخر من البهجة، كانت هناك أنواعا شتى من الطعام التي تنتظرهم من البيض والفسيخ والخس والبصل.
ولم يكن اختيارهم لهذا الطعام عشوائيا، فالبيض يرمز إلى خلق الحياة من جماد فإله الخلق عند الفراعنة كان يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من جماد، وكانوا يكتبون آمالهم على البيض بألوان من الطبيعة ويعلقونها على فروع الأشجار أو يتركونها في شرفات المنازل لتحقق بعد ذلك بشروق الشمس ونيلها بركة الإله، ومن هنا كان تلوين البيض في شم النسيم.
أما النباتات الأخرى من البصل والخس فهي نباتات مقدسة لها مكانتها في قلوب المصريين، فالبصل يحمي النفس البشرية من الأرواح الشريرة التي تمسها، أما الخس فهو رمز الخير والبركة، ومع تقديس المصريين للنيل أتت إضافة الأسماك إلى أطعمة هذا الاحتفال، كما أنها تجسيد لبراعتهم في فن التحنيط.
ولا يمكن إغفال الطابع الديني لشم النسيم، إذ إنه يأتي بعد عيد القيامة الخاص بالمسيحيين والذي يعقب صيامهم لمدة 55 يوما عن كل ما فيه روح أو ناشئ عنها، فتناولهم للسمك خلال هذا اليوم يعد كسرا لصيامهم، ويعتبر هذا اليوم أيضا عيد الفصح بالنسبة لليهود والذي ارتبط بيوم خروجهم من مصر وبدايتهم حياة جديدة.