خبراء: فرض التسعيرة "سياسة فاشلة".. والحكومة عليها عبء التصدي للممارسات الاحتكارية
عبء كبير تتحمله الحكومة المصرية عقب قرار رفع الدعم عن الوقود وما يترتب عليها من زيادة أسعار السلع الغذائية وتعريفة المواصلات، يتمثل في إمكانية فرض الرقابة على الأسواق والتحكم في الأسعار لعدم ظهور السوق السوداء وانفلات الأسعار، ما يتطلب عليها البحث عن آليات جديدة تمكنها من فرض سيطرتها وحماية الفقراء، وتشديد العقوبة على التجار الذين يثبت تلاعبهم في الأسعار وتفعيل أدوار الأجهزة الرقابية.
وقال عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن الحكومة لديها تحد كبير في مجتمع به حرية السوق والحكومة لا تتدخل في شئونه، وحتى الآن لا توجد آليات واضحة للرقابة على الأسواق وليس لديها ما يمكنها من السيطرة عليها، لذا فهي مطالبة بخلق الوسائل والآليات.
وأضاف: "مصر دخلت في نظام الليبرالية الجديدة وأساسها حرية السوق، والمجتمع في حالة فوضى، خاصة أن الدولة سحبت يدها من السوق منذ فترة، وبعد أن وضعت التسعيرة عليها أن تحاسب الخروج عليها، وكيفية استعادة السوق، وحماية الفقراء من غلاء الأسعار".
وقالت سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك، إن الاتحاد ليس لديه آليات تمكنه من إحكام السيطرة على السوق، وعليها الآن البحث عن الوسائل ووضع الآليات بعد رفع الأسعار دون أي ترتيبات مسبقة، مشيرة إلى أن الاتحاد لا يستطيع الضغط على التجار للالتزام بتسعيرة معينة.
وأوضحت أن دور الاتحاد يتمثل في الرقابة الشعبية، برصد الأخطاء واقتراح الحلول، والحكومة الآن ملتزمة بحماية المواطنين من جشع التجار.
وأكد محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، على ضرورة استحداث آليات جديدة للرقابة على الأسعار والسوق، ومراقبة الأجهزة الأمنية غير كافية، ولابد من الرقابة الذاتية من المؤسسات، والنقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني، وجمعيات حماية المستهلك، فلابد من المسئولية الجماعية ومشاركة أجهزة الدولة لضبط الأسعار والانفلات.
وأشار إلى ضرورة اتخاذ الآليات وتنظيم رد الفعل على ضوء رفع الدعم، حتى لا تحدث الفوضى في الشارع فيما يخص الأسعار، وبالرغم من تأخر القرارات وشجاعة الحكومة في اتخاذها بالرغم من أنها ستزيد السخط الشعبي عليها.
وقال شهاب وجيه، المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، إن الرقابة المثلى لن تكون من خلال فرض أسعار معينة ولكن من خلال توفير فرص الاستثمار وتوفير مزيد من السلع بما يحقق التوازن في الأسعار، وكذلك توفير أجواء تسمح بمزيد من الإنتاج، لكن أي محاولة لفرض أسعار على التجار لن تجدي.
وأشار علاء رزق، الخبير الاقتصادي، إلى أن دور الدولة الان مختلف عن السابق، بدخولها نظام اقتصادي جديد، لذا فعليها ضبط المعاملات والأنشطة وتحقيق التوازن بضبط إيقاع الحياة الاقتصادية في الأسواق، من خلال مجموعة معايير، منها وجود محفزات للأسواق والسلع، والقدرة على منع الممارسات الاحتكارية، وهو أمر مرتبط بالقدرة على ضبط الأسواق من جهة، ومراقبة جودة السلع والخدمات من جهة أخرى.
وأوضح أنه على الدولة أن تتدخل بنوع من الحكمة وتحقيق التوازن، وعليها أن تمارس دور الشرطي وتوفير الأمن والسلام للمجتمع وحماية المواطن من التجار الذين يرغبون في التربح على حساب الفقراء.
وقال إن هذه هي البداية لتحقيق طفرة اقتصادية، ولكن لا يجب أن تحدد الحكومة هامش الربح للتجار، ولكن تتشاور مع كل الجهات المعنية من وزراء التموين والزراعة والصناعة وورئيس الغرف التجارية، التي لابد أن تؤدي دورها بنوع من الحس الوطني والشفافية، بجانب إصدار قوانين رادعة لكل من يسول له نفسه الإضرار بالأمن القومي وممارسة الاحتكار.
وأكد أن الحكومة ليس من دورها تحديد الأرباح، أو إلزام التجار بسعر معين، لكنها تسعى إلى خلق توازن في الأسعار، وعلى وزارة الزراعة بحث إستراتيجية زيادة المعروض من السلع في الأسواق للتوازن بين العرض والطلب، للتخلص من السوق السوداء أو السوق الموازية التي تضرب استقرار المجتمع.
وقال ماهر هاشم، الخبير الاقتصادي، إن هناك أجهزة رقابية لكنها غير مفعلة، والأجهزة الحالية تدار بمنظومة غير منتجة، ولابد من استحداث أدوار الرقابة وخاصة في ظل غياب البرلمان، مشيرا إلى أن المسئولية شاقة على وزير التموين، خاصة أن هناك تجربة في تطبيق الأسعار الاسترشادية وفشلت، لعدم القدرة على السيطرة على الأسواق.
وشدد على ضرورة تطوير الآليات الموجودة بالأدوات الرقابية للتحكم في السعر بزيادة العرض من خلال المجمعات الاستهلاكية وصلاحيات المجتمع المدني لبيع المنتجات بسعر مدعم والقضاء على مافيا الاستايد للسلع الغذائية، مشيرا إلى أنه ما لم يدخل الرئيس بقرارات إيجابية لصالح الفقراء، ستفشل الحكومة، لأنها لن تستطيع تثبيت دالة السعر نتيجة تغير الأوضاع الاقتصادية.
وأشار إلى أهمية تشكيل لجنة من مختلف الوزارات المعنية لاستيعاب الشعب وعدم اللجوء إلى حلول الشارع.