حول خطورة وأهمية البرلمان القادم «2»
، وغير المنحازين إلى مطالب ومصالح غالبية الشعب المصرى.
وفى أول هذا الأسبوع كان هناك تصريح لرئيس الوزراء بأنه لا نية لتعديل قانون الانتخابات. من هنا على القوى السياسية أن تستمر فى محاولاتها وضغطها من أجل تعديل القانون، وفى نفس اللحظة العمل على إنشاء التحالفات واختيار المرشحين كما لو كانت الانتخابات غدا.
وفى هذا الإطار نجد كلاما كثيرا يتردد حول تحالف مدنى كبير يضم جميع من هم ضد تيار الإسلام السياسى الذى مازالت أحزابه قائمة رغم نص الدستور على عدم وجود أحزاب دينية وعدم الخلط بين الدين والسياسة. هذا التحالف الذى ينطبق عليه المثل العامى «إيه لم الشامى على المغربى» بمعنى هل يمكن أن تستمر وتستقر هذه التحالفات التى تجمع بين مصالح وأهداف مختلفة لمجرد أنها جبهة عريضة تستولى على البرلمان لمنع دخول التيار المتأسلم؟ وهل يمكن أن يستمر هذا التحالف داخل البرلمان عند وضع القوانين؟
وهل يمكن لتحالفات أخرى أن تستمر تجمع ما بين من يؤمن بالعدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة وحق السكن والصحة والتعليم والغذاء كخدمات تقدمها الدولة وليس كسلع مع من يروج للعدالة الاجتماعية باعتبارها بعض الإصلاحات البسيطة فى تعديل هيكل المرتبات وتحسين بعض الخدمات دون المساس بامتيازات الشرائح العليا؟ بين من يؤمنون بإعادة ضخ الاستثمارات إلى المصانع المغلقة واسترداد الشركات التى رجعت للدولة بحكم نهائى، وإعادة فتحها وتشغيلها وإعادة العمال المفصولين، وتدريب العمالة، وبين من يؤمنون بخصخصة القطاع العام والخدمات والاقتصاد الحر الذى كان سببا فى خراب البلاد أثناء حكم نظام المخلوع؟!
إن بناء تحالفات مستقرة ومستمرة لتنفيذ مطالبها يعنى قيامها على أسس وأهداف مشتركة، أى تقوم على وحدة الهدف وتحديده لا على شعارات واسعة وفضفاضة. كما تقوم على وضع مجموعة من الأسس والمعايير الواضحة لاختيار المرشحين لا تعتمد على مصالح شخصية أو شللية أو قدرة مالية. ولابد من وضع برنامج موحد للأحزاب المتحالفة تخوض على أساسه الانتخابات. ولابد من مراعاة هذا التحالف لتمثيل كل الفئات المنصوص عليها فى القانون.
وإذا كانت هناك تحالفات تقوم فقط لأنها ضد دخول التيار المتأسلم فهناك تحالفات تقوم فقط لأنها ضد عودة رجال نظام الفساد والاستبداد وتزاوج السلطة ورأس المال، نظام المخلوع. ومن وجهة نظرى، وكما أوضحت من قبل أن القوى المضادة للثورة هما رجال المخلوع والمعزول. لذا حينما بدأت الكلام فى المقال السابق عن تحالف يضم القوى اليسارية فى المجتمع، تحالف موسع له برنامج محدد وأهداف محددة فإننى أود الإشارة إلى أننا لا نبدأ من الصفر، فقد تكون قبل الانتخابات الرئاسية بأكثر من شهرين تحالف موسع بين القوى الناصرية والقومية والاشتراكية تحت اسم تحالف قوى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وإنهاء التبعية. وكان له بيان تأسيسى يحتوى على ثلاثة محاور مشتركة، فهل نبنى على هذا التحالف لينضم إليه ائتلافات أخرى من الشباب والمرأة والمستقلين الذين يؤمنون بهذه المحاور؟
كانت تتمحور تلك المحاور الثلاثة حول:أولا: الحريات الديمقراطية والتى تتفق مع دستور 2014 الذى ينص على حرية التعبير السلمى والتظاهر والاعتصام والإضراب والتجمع وجمع التوقيعات وحرية تكوين النقابات والأحزاب والجمعيات وحريات خاصة بالصحافة والفكر والإبداع.
ثانيا: محور العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة من حدين أدنى وأقصى للأجور دون استثناءات، وضرائب تصاعدية، وحماية الثروات الطبيعية، وتشغيل وتوظيف الشباب ورفع دعم الطاقة عن أصحاب المصانع كثيفة الاستخدام للطاقة، والتى تبيع منتجاتها بالسعر العالمى وتربح أكثر من مائة فى المائة، ووضع أولوية للتأمين الصحى الاجتماعى الشامل لجميع المواطنين، ولإسكان الشباب وتطوير العشوائيات وزيادة نسبة التعليم والبحث العلمى.
ثالثا: إنهاء التبعية واستقلال الإرادة الوطنية. عندما هددت أمريكا بعد خروج الملايين فى الثلاثين من يونيو بقطع أو تخفيض المعونة الاقتصادية وتجميد المعونة العسكرية خرجت الملايين فى 26 يوليو 2013 ضد الإرهاب ورفعت شعارات «لا للمعونة الأمريكية». كانت خطوات النظام بعد ذلك لتنويع مصادر السلاح وعمل علاقات واسعة مع كل الدول من منطلق المصالح المشتركة والندية وإنهاء احتكار الولايات المتحدة للتسليح وللكثير من شئون مصر.آن الأوان لتنمية اقتصادية شاملة على مستوى مصر، بل وعلى مستوى الوطن العربى لنكون قوة مؤثرة فى العلاقات الدولية فالتنمية الشاملة هى أساس الإرادة المستقلة.نستطيع أن نبنى على هذا التحالف ونضع له برنامجا انتخابيا، وتتكون له من الآن لجنة لاختيار المرشحين، مما يساهم فى دخول عدد من الأعضاء المؤثرين فى وضع القوانين ومراقبة السلطة التنفيذية. وفى الوقت نفسه لابد من التأكيد على المحاولات الجادة لبناء جبهة موحدة لليسار حتى لا نستمر مع مرور الوقت فى الحديث عن التشرذم والانقسام والضعف وحتى نستطيع بناء أحزاب قوية تنافس على تداول السلطة