كيف يتعامل النجم المصرى مع الفلسفة التدريبية لـ«بيب جوارديولا»؟
- الاهتمام بأدق التفاصيل.. التحلى بالصبر الطويل.. البعد عن التراخى والإهمال
- الحفاظ على التركيز فى اللحظات الحاسمة.. والوصول لأعلى مستويات الأداء
- النجاح لن يُبنى فقط بالمهارات البدنية والفنية بل بالتركيز على الجانب الذهنى
عندما يحط نجمنا المصرى عمر مرموش قدميه فى ملعب الاتحاد بمدينة مانشستر، فإنه على موعد لمقابلة واحد من أفضل مدربى العالم واللعبة عبر تاريخها، وهو بيب جوارديولا، المدير الفنى لمانشستر سيتى الإنجليزى، وجهة لاعبنا الدولى الجديدة فى مشواره الجديد بـ«البريميرليج» بعد إتمام عملية انتقاله من «آينتراخت فرانكفورت» الألمانى فى صفقة قياسية وصلت إلى ٨٠ مليون يورو.
ويعرف «جوارديولا» بفلسفته التدريبية الفريدة وتعامله المميز مع لاعبيه، وفى تصريحاته، يركز دائمًا على الجوانب الإنسانية والنفسية للاعبين، مؤكدًا أهمية التعامل معهم كبشر قبل أن يكونوا رياضيين، بالإضافة إلى ذلك، يشدد على أهمية التدريب الجاد والالتزام، حيث يعتقد أن الأداء فى المباريات يعكس جودة التدريبات.
«مدرب مختلف وصاحب عقلية فذة»، اتفق الجميع على هذه الجملة فى وصف «جوارديولا»، وهنا يجب أن يقرأ «مرموش» كتالوج «بيب» الخاص به للتعامل مع أفضل مدربى العالم بطريقته الخاصة، وهنا البداية مع كلمات الأرجنتينى ليونيل ميسى واحد من عظماء اللعبة الذين تدربوا تحت قيادة «جوارديولا» الذى وصفه: «لقد كان فريدًا». جوارديولا يجعل كل شىء سهلًا، إنه يعرف كيف يقرأ المباريات وكيف يجهز الفريق لمواجهة أى تحد. لقد تعلمت منه الكثير.
التفاصيل ثم التفاصيل هى لعبة جوارديولا، حيث قال قائد فريقه الحالى كيفين دى بروين من قبل: «بيب يجعلنا ننظر إلى كرة القدم بطريقة مختلفة، إنه يدفع اللاعبين لتقديم أفضل ما لديهم، ويعلمنا أن كل تفصيلة صغيرة مهمة».
نفس الشىء أكده إلكاى جوندوجان، وهو واحد من أهم لاعبى «جوارديولا» خلال فترته بالنادى الإنجليزى، الذى شرح ذلك بقوله: «بيب ليس مجرد مدرب، إنه معلم. يشرح لنا التفاصيل الدقيقة فى كل حركة وكل قرار، وهذا ما يجعلنا نشعر بأننا نفهم اللعبة بشكل أعمق، سرعة بيب جوارديولا فى إيصال أفكاره التكتيكية للفريق أمر يثير إعجابى حقًا، ونفس المسألة كانت عندما كان مع البايرن».
ويواصل «جوندوجان» حديثه فى حوار صحفى عام ٢٠١٩، عن تعقيد كرة «جوارديولا» وبساطتها فى الوقت نفسه، قائلًا: «اللاعبون دخلوا المجال للتسلية ثم تحولوا لمحترفين، التسلية تأتى مع البساطة، وسيتى يركز مع جوارديولا على هذه البساطة، عندما يكون الهدف الاستمتاع والكرة بسيطة، يكون اللعب الجميل والنجاح».
الصبر هو العنوان الأبرز فى فلسفة بيب جوارديولا التدريبية، وهو النهج الذى يبدو أن اللاعب المصرى عمر مرموش يحاول السير على خطاه مع المدرب الإسبانى. الدليل الأوضح على ذلك هو تجربة الجناح الإنجليزى جاك جريليش، الذى تحول من أغلى صفقة فى تاريخ مانشستر سيتى إلى لاعب احتياطى، قبل أن يصبح خلال عام أحد أهم أعمدة الفريق الأساسية.
«جريليش» صرح قائلًا: «فى بعض الأحيان هذا الموسم، كنت أواجه صعوبات مع نفسى، ولكن جوارديولا كان دائمًا موجودًا لدعمى. أنا مدين له بالكثير، فهو شخص رائع وأفضل مدرب على الإطلاق، لقد كان موسمًا صعبًا بالنسبة لى على الصعيد الشخصى بعد الأداء الرائع الذى قدمته العام الماضى».
تجربة «جريليش» تؤكد أن الصبر والثقة بعملية التطوير هما المفتاح لتحقيق النجاح تحت قيادة «جوارديولا»، وهو درس يمكن أن يستفيد منه أى لاعب طموح.
فى المقابل، يمتلك «بيب» جانبًا سيئًا، على لسان لاعبيه السابقين أيضًا، ويجب الأخذ فى الاعتبار أن هناك جانبًا مضيئًا وآخر مظلمًا لأى شخص، وهنا يقول زلاتان إبراهيموفيتش: «جوارديولا يتحدث كثيرًا عن كرة القدم، لكنه لا يعرف كيف يتحدث مع الناس، شعرت وكأننى كنت أتحدث إلى الحائط».
وفى بايرن صدق المدافع البرازيلى دانتى على كلام زلاتان وقال عن «بيب»: «بيب يهتم فقط بخططه، لم أشعر أبدًا بأنه يقدرنى كلاعب أو كشخص، إنه يدير الفريق كأنه آلة، وهذا يجعل من الصعب بناء علاقة شخصية معه».
كما أن كايل ووكر وفى تصريح سابق قالها بوضوح: «فى مانشستر سيتى لا يمكنك الراحة، إن قمت بالتراخى فى يوم فسيتم تجاهلك فى التدريبات، وإن حدث ذلك فلن تشارك فى اللقاء المقبل».
ويقول بيرناردو سيلفا، فى تصريحات للموقع الرسمى عن جوارديولا: «عندما تتيح لك الفرصة بأن تتدرب تحت قيادة جوارديولا لا يمكن أن تقول لا»، وهو ما حدث مع عمر مرموش فور معرفته باهتمام «بيب» و«السيتى» بضمه هذا الشتاء بعدما كان بعيدًا كل البعد عن الأعين وسط أنباء عن مواصلة موسمه مع «فرانكفورت» ثم البحث عن العروض فى الموسم المقبل.
ويعتمد عمر مرموش بشكل كبير على العامل الذهنى، وهو العنصر الذى أكد أهميته فى حديثه الأخير مع المنتخب المصرى.
واستلهم «مرموش» تجربته من مواطنه محمد صلاح، الذى لعب دورًا فى توجيهه ودعمه، ما يبرز أهمية الاستعداد الذهنى فى مسيرة اللاعبين.
وفى عالم كرة القدم الحديثة، لم يعد النجاح يُبنى فقط على المهارات البدنية والفنية، بل أصبح التركيز على الجانب الذهنى عاملًا حاسمًا فى تطوير الأداء، ويساعد الإعداد الذهنى اللاعبين فى التعامل مع الضغوط، والحفاظ على التركيز فى اللحظات الحاسمة، والوصول إلى أعلى مستويات الأداء على أرض الملعب.
«مرموش» يسعى لتطبيق هذه الفلسفة لتطوير نفسه والتألق، معتمدًا على خبرات سابقة ونماذج ناجحة، ما يجعله مرشحًا لأن يصبح إحدى أبرز المواهب الصاعدة فى الكرة المصرية والعالمية.
ما يميز «مرموش» عن العديد من المواهب الشابة هو عقليته الاحترافية التى تظهر فى العديد من المباريات، فهو يدرك تمامًا أهمية الانضباط داخل وخارج الملعب، ويعلم أن الاحترافية ليست مجرد مهارة فنية فى كرة القدم، بل هى أسلوب حياة يتطلب التزامًا وعملًا مستمرًا، هذه العقلية هى التى ساعدت محمد صلاح فى أن يصبح نجمًا عالميًا، ويبدو أن مرموش قد استوعب هذا الدرس جيدًا ويسير على الطريق نفسه.
يقول دينو تومبولر مدرب فرانكفورت عن مرموش: «هو يريد الفوز دائمًا، سواء فى الدورى الألمانى أو فى التدريبات، ويريد اللعب دائمًا فى كل اللقاءات، لديه عقلية الطموح للفوز بكل شىء».
بينما يرى ميخائيل ويمر مدرب مرموش فى فريقه السابق شتوتجارت: «أرى أن مرموش يستطيع النجاح والتأقلم مع أى مدرب أو أى ناد، ولكن هل سيترك له جوارديولا مساحته للإبداع؟ أعتقد أن جوارديولا سيفعل ذلك».