رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"قراءة كف العالم".. سياسيون: ترامب لن ينشغل بالصراعات التقليدية فى ولايته الثانية

ترامب
ترامب

توقع خبراء سياسيون وباحثون عرب أن يتبع الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، سياسات «متخطبة» تجاه أزمات منطقة الشرق الأوسط، فى ولايته الجديدة على رأس قيادة الولايات المتحدة، التى بدأت رسميًا أمس.

ورأى الخبراء السياسيون والباحثون العرب، فى حديثهم مع «الدستور»، أن هذه السياسات «المتخبطة» لن تشعل حروبًا جديدة فى المنطقة، خاصة بعد وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وانشغال إدارة «ترامب» بالعديد من الملفات الداخلية، على رأسها الاقتصاد الأمريكى.

عبدالمنعم سعيد:  انخفاض سعر البترول والتأثير على الدول المنتجة

قال الدكتور عبدالمنعم سعيد، المفكر السياسى، عضو مجلس الشيوخ، إن العالم بعد عودة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للبيت الأبيض، سيتغير بلا شك، مشيرًا إلى أن التصريحات التى ذكرها فى خطابه تؤكد ذلك.

وأوضح «سعيد»، لـ«الدستور»، أن «ترامب» اتخذ عددًا هائلًا من القرارات والالتزامات ذات الطبيعة الرئاسية التى يجب تنفيذها، منها إعلان حالة الطوارئ فى الجنوب الأمريكى، وموضوع الرسوم الجمركية على الصين والدول المجاورة، إضافة إلى نيته بشأن قناة بنما وكندا، وكذلك الأراضى الخضراء التى يريد ضمها. كما تحدث عن موقفه من العفو عن الأشخاص الذين أدينوا فى أحداث ٦ يناير ٢٠٢١.

وأكد المفكر السياسى أن العالم سيشهد تغيرات كبيرة جدًا؛ فالالتزامات التى قطعها «ترامب» على نفسه فيما يتعلق بموضوعات الطاقة، ستكون لها نتائج عالمية قد تؤدى إلى انخفاض كبير فى أسعار النفط خلال فترة قصيرة. هذا الانخفاض سيؤثر على العديد من الدول المنتجة.

وأشار إلى أن «ترامب» فى ولايته الأولى رفع إنتاج أمريكا من النفط إلى ٤ ملايين برميل يوميًا، وكانت النتيجة أن سعر برميل النفط انخفض إلى أقل من ٣٠ دولارًا، ثم اقترب من الـ٢٠ دولارًا، أما حاليًا، وقبل خطابه الأخير، فكان سعر البرميل حوالى ٨٠ دولارًا، وبالتالى فإن هذا الانخفاض المرتقب سيكون كبيرًا ومؤثرًا على الدول المنتجة فى منطقة الشرق الأوسط.

وتابع: «حديث ترامب عن حلف الأطلسى وأوروبا يشير إلى أنه لا ينوى إقامة علاقات سهلة خلال المرحلة المقبلة، لذا هناك تغييرات عميقة ستطرأ على أمريكا والنظام الدولى»، وتوقع أن يكون هناك توجه جديد فى السياسة الأمريكية بشكل عام، يعتمد على قوة غير عادية نتيجة الانتخابات التى منحت «ترامب» شبه سلطة مطلقة فى المجالس التشريعية، وبالتالى أصبح مفوضًا بإجراء تغييرات عميقة، وهو ما لا أظن أنه سيكون فى مصلحة الولايات المتحدة أو مصلحة العالم، لكن هذه هى اختيارات الشعب الأمريكى، وستتضح نتائجها خلال الفترة المقبلة.

وأشار إلى أن حكومة «ترامب» الجديدة تتمتع بولاء كامل للأفكار والمعتقدات التى يروج لها الرئيس الأمريكى الجديد، وهى جاهزة لتنفيذها.

 

طارق فهمى:  عودة إلى صفقة القرن وحسابات منضبطة بشأن صراعات الإقليم

 

قال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه بعد تأدية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، اليمين الدستورية رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، فإننا أمام توقعات عديدة بإجراءات تتخذها الإدارة الأمريكية الجديدة، مشيرًا إلى أن العالم الآن أصبح يتعامل مع رئيس يعمل خارج النطاق المؤسسى.

وأكد «فهمى»، لـ«الدستور»، أن «ترامب» يسعى لتحقيق مصالح أمريكا، لكن آليات التعامل مع كل الملفات قد تختلف بصورة أو بأخرى، موضحًا: «نحن أمام تطورات دراماتيكية؛ فإذا استمرت المواجهات فى الإقليم ستكون لها آثار كبيرة، فضلًا عن أن الرئيس الأمريكى سيعيد الأوراق الخاصة، ما يعرف بالحسابات السرية، وستكون صفقة القرن مطروحة، وهناك حسابات منضبطة بشأن صراعات الإقليم.

 

محمد خلفان الصوافى: إنهاء الأزمات بدعم إقليمى ودولى

 

رأى محمد خلفان الصوافى، الكاتب والمحلل السياسى الإماراتى، أن النقطة المهمة التى ينبغى أن نعتمد عليها فى توقع تعامل دونالد ترامب مع أزمات الشرق الأوسط، هى عدم القدرة على توقع تصرفاته السياسية.

وشرح «الصوافى»: «ترامب شخص مندفع فى قراراته، مثلما فعل مع قائد فيلق القدس فى فترته الرئاسية السابقة، قاسم سليمانى، عندما وجه باغتياله. مع ذلك، يمكننا الاعتماد فى قراءتنا السياسية على وعوده التى قدمها خلال فترة الانتخابات، وكذلك فى خطابه الأول».

وأضاف: «سواء فى وعوده أو خطابه الأول، تعهد ترامب بالعمل على إنهاء الأزمات فى العالم، ووفقًا للمؤشرات الميدانية، يمكنه تحقيق هذه الوعود؛ خاصة أن هذه الفترة الرئاسية الثانية والأخيرة له، ما سيدفعه لمحاولة ترك بصمة تاريخية له، من خلال تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة».

وواصل: «الفرصة تبدو مواتية للرئيس ترامب بشأن تحقيق الاستقرار فى المنطقة، وسط تركيز دولى وإقليمى لتحقيق الاستقرار، خاصة بعد نجاح إدارة الرئيس بايدن فى أيامها الأخيرة، وبالتعاون مع إدارة ترامب نفسه، فى إيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة، وتدمير الميليشيات الموالية لإيران فى المنطقة، مثل حماس وحزب الله، فى انتظار فعل الأمر ذاته مع الحوثيين والحشد الشعبى، وربما إيران نفسها». وأتم المحلل السياسى الإيرانى بقوله: «أظن علينا مراقبة ترامب خلال الـ١٠٠ يوم الأولى من فترة ولايته الثانية، لتقييم مساره السياسى تجاه منطقة الشرق الأوسط المعقدة بالأزمات والقضايا، قبل الجزم بما ستؤول إليه الأمور».

 

إكرام بدر الدين: مزيد من الخطوات الداعمة لدولة الاحتلال

 

قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، إن تولى دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية لن يغير كثيرًا فى السياسات الأمريكية تجاه ما يحدث فى مختلف قضايا الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية كثيرًا ما تعتمد على رسم الخطط طويلة المدى والاستراتيجيات المعنية بتوجهاتها وآليات تعاملها، سواء فى الداخل أو الخارج، وبالتالى هذه السياسات لا تتغير بتغير الرؤساء.

وأكد «بدر الدين» أن «ترامب» دائمًا يحاول تصدير أولوية دعم إسرائيل فى حربها مع حركة حماس، وكذلك «حزب الله»، وبالتالى سيكون هناك مزيد من الخطوات الداعمة لدولة الاحتلال، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات وليست أفرادًا. وأضاف أن السياسات الأمريكية موضوعة سلفًا، ومن يأتى ينفذها ولكن بأدواته وخططه التكتيكية، ولكن فى النهاية الغاية واحدة والنتائج واحدة.

 

على الصاحب:  «تحريك الساكن» ومواجهة الفصائل المسلحة فى العراق

 

توقع على الصاحب، المحلل السياسى العراقى، أن تسهم تصريحات الرئيس دونالد ترامب فى تغيير الكثير من المفاهيم، ليس فى الشرق الأوسط فحسب، بل فى العالم كله، تحت شعار: «تحريك الساكن». وقال «الصاحب»: «كثير من هذه التصريحات أقرب إلى التهديد والوعيد، فى الوقت الذى يقول ترامب إنه جاء للسلام، فى تناقض كبير نسجله على الإدارة الأمريكية الحالية، والجمهوريين على وجه التحديد». وأضاف المحلل السياسى العراقى: «الشرق الأوسط الذى يعيش وسط أجواء من الصراعات والتهديدات، خاصة فى المنطقة العربية، يترقب بحذر تحركات ترامب وفريقه، الذى أرسل عدة رسائل شديدة اللهجة، تعبر عن سياساته المنتظرة تجاه المنطقة». وواصل: «فيما يتعلق بالعراق تحديدًا، بعث ترامب إلى الحكومة والأحزاب والقيادات العراقية عدة رسائل مهمة حول ملفين خطرين وحساسين، الأول: هو الفصائل المسلحة ونزع أسلحتها وطريقة التعامل معها، والثانى: تضخم وغسل الأموال وتهريب الدولار، بالإضافة إلى السياسة الخارجية للعراق، وتعامله مع الملفين السورى والإيرانى، وربما التركى أيضًا». وأكمل: «العراق من جانبه أجرى العديد من الاتصالات مع أشقائه العرب، وقد تكون هناك قمة أو مؤتمر عربى، على غرار ما حصل فى المملكة العربية السعودية، لمناقشة مجمل التطورات والأحداث فى منطقة الشرق الأوسط».

 

سامر كركى: نزع سلاح حزب الله وتفكيك حركات المقاومة من الداخل

 

أكد الكاتب السياسى اللبنانى، سامر كركى، أن منطقة الشرق الأوسط تعد منطقة ثانوية بالنسبة للولايات المتحدة، باستثناء ما يتعلق بالكيان الإسرائيلى، موضحًا أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سيتجنب الدخول فى حروب مباشرة، وسيركز بدلًا من ذلك على زعزعة استقرار المجتمعات من الداخل.

وقال إن السفارة الأمريكية فى لبنان ستبدأ فى الضغط على سلاح حزب الله باستخدام آلة إعلامية وسياسية ضخمة، موضحًا أن هناك محاولة لإعادة تفسير القرار الأممى ١٧٠١، الذى يشمل جنوب الليطانى فقط، بينما لا يشمل شمال الليطانى أو ينص على نزع السلاح.

ولفت إلى أن «ترامب» لن يلجأ إلى دعم حروب مباشرة بين إسرائيل وحركات المقاومة، بل سيسعى إلى تغيير الأنظمة أو زعزعة المقاومة من الداخل، إضافة إلى ممارسة الضغط عبر قوى سياسية مناوئة لهذه الحركات.

 

أحمد يونس: ضغوط على لبنان لتسريع انتشار الجيش على الحدود

 

أوضح أحمد يونس، الباحث السياسى اللبنانى، أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يعد داعمًا قويًا لإسرائيل، لذا فإن أى خطوة أمريكية تجاه لبنان ستأخذ أمن إسرائيل بعين الاعتبار.

وقال: «إذا كانت إسرائيل ترى أن انتشار الجيش اللبنانى فى المناطق الحدودية بطىء، فمن المحتمل أن تضغط واشنطن لتسريع هذه العملية، من خلال استخدام المساعدات العسكرية التى تقدمها للبنان كورقة ضغط».

وعن نظرة ترامب لسلوك «حزب الله» وقدرته على تعطيل أى مسار، قال الباحث السياسى اللبنانى: «ترامب كان يعتبر حزب الله تهديدًا مباشرًا لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها، لذا من المرجح أن تتبنى إدارته نهجًا أكثر تشددًا تجاه الحزب، من خلال محاولة تقويض نفوذه سياسيًا وعسكريًا، وهذا ما حدث فعلًا فى الآونة الأخيرة، عندما دعمت الولايات المتحدة انتخاب الرئيس جوزيف عون، والرئيس نواف سلام، اللذين لم يكونا مرشحين للحزب».

وأردف: «سنرى فى المرحلة المقبلة دعمًا واضحًا من الولايات المتحدة للجيش اللبنانى، من أجل تسريع انتشاره على الحدود، وضمان عدم وجود فراغ أمنى، قد يستغله حزب الله، وقد يلجأ الرئيس الأمريكى إلى الضغط الدبلوماسى من خلال الأمم المتحدة أو الشركاء الأوروبيين لدفع لبنان نحو إجراءات تضمن استقرار الحدود».

 

مرزوق الصيادى: إجراءات سريعة لتأمين حركة الملاحة فى البحر الأحمر

 

قال المحلل السياسى والصحفى اليمنى، مرزوق الصيادى، إن عودة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى الرئاسة قد تشكل نقطة تحول كبيرة فى إدارة الولايات المتحدة ملف الأزمة اليمنية، مع تركيز أكبر على إنهاء الحرب وإيجاد حلول مستدامة تحقق السلام الشامل. 

وأوضح «الصيادى» أن الإدارة الأمريكية تحت قيادة «ترامب» ستعمل على تحفيز جميع الأطراف المعنية نحو الانخراط فى عملية سياسية شاملة، ترتكز على رؤية واضحة لمعالجة جذور الصراع وضمان تمثيل عادل لكل المكونات السياسية والاجتماعية فى اليمن.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة قد تستخدم نفوذها الدبلوماسى بشكل أكثر فاعلية لتسريع التوصل إلى تسوية سياسية، مع التأكيد على ضرورة تقديم حلول عادلة تحترم تطلعات الشعب اليمنى.

وأضاف أن «ترامب» الذى يتبنى نهجًا أكثر حدة فى السياسة الخارجية، قد يُبقى الخيار العسكرى مطروحًا كوسيلة لضمان تحقيق الأمن والاستقرار، إذا استمر الجمود السياسى ورفض بعض الأطراف تقديم التنازلات اللازمة لتحقيق السلام.

ورأى أن الأمن البحرى سيكون جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، فمن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تحركات أمريكية أكثر حزمًا لضمان سلامة الملاحة فى البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهما نقطتان حيويتان للتجارة العالمية. 

وأشار إلى أن حماية هذه الممرات البحرية من التهديدات ستشكل أولوية قصوى، حيث إن تأمين تدفق السلع والطاقة عبر هذه المسارات الاستراتيجية يصب فى مصلحة الاقتصاد العالمى والمصالح الدولية، لافتًا إلى أن الإدارة الأمريكية ستتبنى مواقف أكثر صرامة بشأن التدخلات الإقليمية والدولية التى تسهم فى تأجيج الصراع. 

وبين أن واشنطن قد تلجأ إلى تعزيز الشراكات مع الحلفاء الإقليميين لدعم جهود الاستقرار فى اليمن، إضافة إلى اتخاذ إجراءات للحد من وصول الدعم المالى والعسكرى إلى الأطراف التى تسهم فى استدامة النزاع.