رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بورسودان.. زيارة ثانية

 

للبناء على الزيارات الوزارية المتبادلة بين البلدين خلال الفترة الأخيرة، وتنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية بمواصلة تقديم الدعم للبلد الشقيق، توجّه الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، صباح أمس، الأربعاء، إلى مدينة بورسودان، فى زيارة ثانية، استهدفت تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، ومناقشة آخر مستجدات الأزمة الراهنة، أو الحرب الدائرة، التى راح ضحيتها، إلى الآن، أكثر من ١٥٠ ألفًا، إضافة إلى ملايين المشردين والنازحين واللاجئين.

فى ٣ ديسمبر الماضى، قام الدكتور عبدالعاطى بأول زيارة رسمية للعاصمة الإدارية المؤقتة للبلد الشقيق، منذ أبريل ٢٠٢٣، وخلال تلك الزيارة قام بتسليم رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى شقيقه الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالى، أعرب فيها عن اعتزازه بالعلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين، وأكد اعتزام مصر بذل كل المساعى الممكنة من أجل تحقيق أمن واستقرار السودان.

أمس الأول، الثلاثاء، انهى البرهان جولة إفريقية، شملت مالى، وغينيا بيساو، وسيراليون، والسنغال. ومن موريتانيا، التى تترأس الدورة الحالية للاتحاد الإفريقى، اتّهم «قوى استعمارية»، لم يحددها، بأنها تقف خلف «الدعم السريع وتدعمه بالمال والسلاح والمرتزقة»، وتعهّد بمواصلة الحرب حتى تحرير «كل المدن والأرياف والقرى»، و«كل شبر دنسه هؤلاء المجرمون». وكرّر وصف المعركة بأنها «معركة كرامة» و«معركة الشعب السودانى بكل قطاعاته المختلفة، الذى يدافع عن شرفه وعرضه وسكنه ووطنه»، ووجّه «التحية» لأهل ولاية الجزيرة وحاضرتها مدينة «ود مدنى»، ولكل من شارك فى تحريرها وتطهيرها. 

بعد أربع سنوات من الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير، اندلعت الحرب بين الجيش السودانى وميليشيا «الدعم السريع»، فى أبريل ٢٠٢٣، بعد خلاف حول خطط لدمج الميليشيا فى القوات المسلحة. ولعلك تتذكر أن الفرقاء المدنيين فى الساحة السياسية السودانية، اجتمعوا، لأول مرة، منذ بداية الأزمة، فى مؤتمر استضافته القاهرة، فى يوليو الماضى، وتوافقوا على ضرورة وقف الحرب، وتجنيب المرحلة اللاحقة كل الأسباب، التى أدت الى إفشال الفترات الانتقالية السابقة، وصولًا إلى إعادة تأسيس الدولة السودانية.

فى هذا السياق، عقد وزير خارجيتنا، أمس، جلسة مباحثات رسمية مع نظيره السودانى الدكتور على يوسف الشريف، والتقى رئيس مجلس السيادة الانتقالى، ونائبه مالك عقار، وخلال الجلسة واللقائين، شدّد على دعم مصر للمؤسسات السودانية وسيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، مؤكدًا حرص مصر على بذل جميع الجهود الممكنة من أجل رفع المعاناة عن الشعب السودانى وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية. كما أشار إلى التسهيلات التى تقدمها مصر للمواطنين السودانيين لتيسير إقامتهم لحين عودتهم بأمان إلى بلادهم، وآخرها عقد امتحانات الثانوية العامة لأبناء الجالية السودانية، بناء على توجيهات رئيس الجمهورية، وفى إطار الأهمية التى توليها مصر لمساعدة أبناء الجالية فى استكمال مسيرتهم التعليمية.

أكد وزير خارجيتنا، أيضًا، أهمية تحقيق وقف إطلاق النار، والحرص على بذل جميع الجهود لاستعادة أمن واستقرار السودان الشقيق، معربًا عن تقديره للخطوات التى اتخذتها الحكومة السودانية لتسهيل إنفاذ المساعدات الإنسانية. كما استعرض مستجدات الجهود التى تبذلها مصر من أجل ضمان استئناف السودان لأنشطته فى الاتحاد الإفريقى، بالإضافة إلى أوجه انخراطها بفاعلية فى المساعى الإقليمية والدولية المختلفة فى إطار الحرص على الحفاظ على أمن واستقرار السودان ووحدته وسلامة أراضيه. كما تناول مع نظيره السودانى ملف الأمن المائى، وأعرب الوزيران عن تثمينهما التعاون والتنسيق المستمر بشأن هذه القضية الحيوية بغرض تأمين المصالح الوجودية المشتركة للشعبين، واتفقا على استمرار التنسيق بصورة وثيقة بما يضمن صون وحماية الأمن المائى لكلا البلدين باعتباره أمرًا لا تهاون فيه.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الجيش السودانى دخل، السبت الماضى، مدينة «ود مدنى» الاستراتيجية، التى كانت ميليشيا «الدعم السريع» قد استولت عليها فى ١٨ ديسمبر ٢٠٢٣. والطريف، هو أن أبوعاقلة كيكل، الذى يقود فصيلًا، اسمه «درع السودان»، هو الذى قاد دخول المدينة فى المرتين: مرة على رأس عناصر «الدعم السريع»، والأخرى بعد انسلاخه عنها وانضمامه للجيش السودانى.