رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مخاطر وتحديات فى العام الجديد

مع استمرار هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على البلدان النامية، ونهب ثرواتها، واستمرار الدعم الأمريكى المطلق للكيان الصهيونى الاستعمارى العنصرى الاستيطانى، ومع استمرار العقوبات الاقتصادية على الدول المناهضة للسياسات الأمريكية النيو ليبرالية، والمناهضة للفاشية والصهيونية فى بلدان أمريكا الوسطى وأمريكا اللاتينية ومنها جمهورية فنزويلا البوليفارية وكوبا، يأتى العام الجديد.
كما يأتى العام الجديد حاملًا معه السياسات العدائية الأمريكية على يد الرئيس القادم دونالد ترامب، الذى يهدد العالم بضم كندا والمكسيك وبنما إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وضم جزيرة جرينلاند، التابعة للدنمارك!!، ويعلن أن التهديد الرئيسى لأمريكا هو الصين، وبالتالى استمرار السياسات العدائية للصين، المتقدمة اقتصاديًا وتكنولوجيًا، مع التقدم العسكرى بخطوات سريعة، مما يهدد هيمنة القطب الواحد، حيث تضع كل من روسيا والصين قدمها بثبات كأقطاب فى العام الجديد، فى الوقت الذى تزداد فيه الأزمة الاقتصادية الأمريكية، مع عجز الموازنة وارتفاع الديون، وهذا فى الوقت الذى تقوى فيه دول «بريكس» اقتصاديًا، وفى القلب منها الصين وروسيا، وتقوم العلاقات الصينية مع الدول على أساس المصير المشترك والمنفعة المتبادلة وعدم التدخل فى الشئون الداخلية لأى دولة.
ويحاول ترامب أن يفرض سياساته على الدول الأوروبية، فى الوقت الذى تعانى فيه دول أوروبا، وفى مقدمتها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، من أزمات اقتصادية، وفى الوقت الذى ترى فيه بعض الدول الأوروبية، أيضًا، أن علاقاتها مع الصين تحقق المصالح المشتركة، وأن فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا عقب الحرب الأوكرانية الروسية أضر بالاقتصاد الأوروبى.
وبالطبع تستمر أمريكا فى عهد ترامب فى دعم وتقديم كل المساعدات العسكرية والمالية والاستخباراتية للكيان الصهيونى، وتنفيذ مخطط «الشرق الأوسط الجديد»، لمحو تاريخ وحضارة وهوية بلداننا العربية «الوطن العربى»، وضم الكيان الصهيونى ضمن الشرق الأوسط الجديد كقوة كبرى، مع البلدان العربية الحالية التى هى فى أضعف حالاتها بعد تنفيذ مخططات تقسيمها وإنهاك وإضعاف جيوشها، واحتدام أزماتها الداخلية، بعد الاعتماد على سياسة القروض من صندوق النقد الدولى وتراكم الديون والوصول إلى العجز عن سداد الديون، مما يهدد البعض منها ببيع أصولها وتهديد أمنها القومى.
ويجىء العام الجديد حاملًا معه الأطماع الصهيونية فى قيام الدولة القومية اليهودية «دولة إسرائيل الكبرى» من النيل للفرات، مع التوسع وضم أجزاء من الأردن ومصر وسوريا والعراق والسعودية ولبنان، وذلك بعد التطهير العرقى للفلسطينيين، وتهجيرهم إلى مصر والأردن، بالإضافة إلى استكمال التطبيع بين الكيان الصهيونى والدول التى لم تقم علاقات مع العدو الصهيونى، وفى مقدمتها المملكة العربية السعودية.
ومن هنا يمكننا فهم استمرار العدوان الصهيونى على لبنان واحتلال بعض قرى الجنوب، بجانب التوسع فى احتلال أجزاء من سوريا فى الأسابيع الأخيرة، بجانب الجولان، «جبل الشيخ والقنيطرة»، واستمرار التوغل فى الأراضى السورية، والعدوان على اليمن للقضاء على المقاومة اليمنية، بجانب وضع خطة للعدوان على إيران ومفاعلاتها النووية.
تلعب أمريكا والدول الاستعمارية نفس لعبتها منذ قديم الزمن، وهى استغلال الدين لتحقيق مصالحها، وهى التى تعمل على إنشاء التنظيمات المتطرفة، ومنها «القاعدة» و«داعش»، وتقوم على تمويلها وتسليحها وتدريبها.
وسبحان مُغيِّر الأحوال، فبعد سقوط النظام السورى على يد «هيئة تحرير الشام»، المولودة من رحم تنظيم «القاعدة» المتشدد والمتطرف، والذى اعتبرته الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية تنظيمًا إرهابيًا، واعتبرت زعيمه «أبومحمد الجولانى» إرهابيًا، ورصدت ملايين الدولارات من أجل القبض عليه- أصبح بين ليلة وضحاها الحاكم لسوريا وفق المخطط الأمريكى الصهيونى التركى، مع صمت معظم البلدان العربية، وغض بصرها عما سيحدث نتيجة لتربع أحد التنظيمات الدينية المتطرفة على عرش سوريا، وذلك بالمخالفة لرغبة الشعب السورى الذى يطالب بحكم مدنى ديمقراطى يحمل الحرية والخير والسلام والعيش بكرامة وأمن، بعد طول معاناة من الدكتاتورية والقهر وسوء المعيشة.
إن ما يهدد الدول العربية، ومنها الدولة المصرية، هو عودة التنظيمات الدينية المتطرفة، لتحكم وتتحكم فى بلداننا مرة أخرى بدعم من الدول الاستعمارية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التى دعمت من قبل ثورة 25 يناير ٢٠١١، وساندت حكم الإخوان المسلمين فى مصر، وفى عدد من الدول، بزعم أن الإخوان جماعة معتدلة، ورأينا بعد ذلك فى تجربتنا المصرية وعلى مدى عام من حكم الإخوان أنهم لا يؤمنون بالديمقراطية ويقومون بإقصاء كل القوى الوطنية والانفراد بالحكم من أجل إقامة دولة دينية وإقامة الخلافة الإسلامية، كما يعملون على تنفيذ مخططاتهم بالقوة واستخدام العنف والقيام بعمليات إرهابية من أجل إرساء وتثبيت حكمهم.
وقبل أن أنهى مقالى ينبغى أن أشير إلى أنه مع بداية العام الجديد 2025، يستمر تصاعد نيران الحروب واحتدام الصراعات، وإشعال الفتن العرقية والمذهبية والطائفية، كما يستمر الصراع الداخلى فى السودان والاقتتال بين القوات المسلحة وميليشيات الدعم السريع، والذى تسبب فى قتل وإصابة الآلاف من الشعب السودانى وتدمير ونهب عدد من المدن والقرى، وتسبب فى المجاعة لملايين من السودانيين، ونزوح عشرة ملايين منهم 2 مليون لاجئ. 
يأتى العام الجديد وكل الشعوب تتمنى إنهاء الحروب والصراعات، وتتمنى العيش فى عالم خالٍ من العنف والتمييز، عالم يسوده العدل والسلام والمساواة. إن شعوب العالم الحرة الأبية خرجت إلى الشوارع طوال العام المنصرم، تطالب بوقف العدوان الصهيونى الوحشى على الشعب الفلسطينى، وتطالب بمحاكمة مجرمى الحرب على جرائمهم التى ارتكبوها أمام المحاكم الدولية، وتطالب بوقف الإبادة الجماعية، والتهجير القسرى، واستخدام سلاح التجويع بحق الشعب الفلسطينى.