رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حماس إسرائيل والصفقة المنتظرة


هل اقترب موعد انتهاء النزيف الفلسطينى؟ المفاوضات التى تتم الآن بالدوحة تقول الكثير، ومن بين ما تقول، إن النزيف الفلسطينى قد أرهق الجميع سواء ما تبقى من حماس أو عائلات المحتجزين الإسرائيليين أو الجانب الأمريكى، حيث توعد ترامب بعواقب وخيمة ما لم تتم الصفقة قبل 20 يناير المقبل وهو يوم دخوله البيت الأبيض كرئيس لأمريكا. 
المفاوضات التى تتم الآن تشهد تطورات متسارعة، مع تباين فى التصريحات والمواقف من الجانبين ومن الوسطاء، ونلاحظ أن التصريحات الإسرائيلية تركز على أولوية تدمير حماس وذلك حسبما نشرت صحيفة «هآرتس» عن مسئول كبير فى فريق التفاوض الإسرائيلى أن الحكومة تفضل تدمير حماس على استعادة المحتجزين الإسرائيليين فى غزة، مما يشير إلى أن إعادة الأسرى ليست من أولوياتها الحالية.

 وإذا كان هذا هو الموقف الحكومى إلا أننا نعتقد أن الموقف الشعبى الرافض للحرب فى إسرائيل هو الذى سوف ينتصر فى نهاية المطاف، وأن ذريعة إسرائيل بأن حماس لم تقدم القائمة المطلوبة والتى تضم أسماء 34 أسيرًا إسرائيليًا مستعدة للإفراج عنهم، سوف تنتهى هذه الذريعة عندما تلمح حماس جدية فى التحرك الإسرائيلى خاصة أن حماس الآن فى أضعف حالاتها بعد الضربات التى تلقتها جبهات الإسناد سواء فى لبنان أو غيرها.
وفى ذات سياق التفاوض جاءت تصريحات حمساوية تتهم إسرائيل بالمماطلة ودللت على ذلك بعودة الوفد الإسرائيلى من الدوحة للتشاور مع القيادة السياسية والأمنية، مما أدى إلى تأخير فى التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار فى غزة، كما أوضحت حماس أن الوسطاء فى مصر وقطر يبذلون جهودًا مكثفة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وصفقة لتبادل الأسرى. 
لذلك يمكن وصف أجواء هذه المفاوضات أنها محاطة بتفاؤل يشوبه الحذر، لذلك من الطبيعى أن تشهد المفاوضات حالة من المد والجزر، مع تباين فى التصريحات والمواقف. ورغم الجهود المبذولة من الوسطاء، فإنه لا يزال الطريق نحو اتفاق نهائى مليئًا بالتحديات والعقبات التى تتطلب مزيدًا من التنازلات من كلا الجانبين.
قراءة لتاريخ صفقات تبادل المحتجزين مع حماس بين الماضى والمستقبل نجد أن صفقات تبادل المحتجزين بين إسرائيل وحماس تعد إحدى أبرز القضايا التى شهدتها الصراعات الفلسطينية الإسرائيلية، هذه الصفقات تعكس تعقيد العلاقات بين الجانبين، ولقد تطورت هذه الصفقات منذ أوائل الثمانينيات وحتى يومنا هذا، وشهدت تغيرات فى التكتيكات والنتائج.
بدأت صفقات التبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية فى الثمانينيات، وبالتحديد فى عام 1985، أُبرمت واحدة من أبرز هذه الصفقات، عُرفت باسم «صفقة جبريل». بموجبها أطلقت إسرائيل سراح أكثر من ألف أسير فلسطينى مقابل ثلاثة جنود إسرائيليين أسرى. شكّلت هذه الصفقة سابقة مهمة حيث أظهرت استعداد إسرائيل للتفاوض بشأن الأسرى رغم تكاليف ذلك على المستوى السياسى الداخلى.
ولكن الصفقة التى حازت على دعاية عالمية هى صفقة جلعاد شاليط التى أبرمتها حماس برعاية مصرية عام 2011، وكانت حماس قد احتجزت الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط لمدة خمس سنوات بعد أسره خلال عملية على حدود غزة، وبموجب هذه الصفقة أطلقت إسرائيل سراح 1027 أسيرًا فلسطينيًا مقابل شاليط، هذه الصفقة أثارت جدلًا واسعًا فى الأوساط الإسرائيلية والفلسطينية. اعتبرها الفلسطينيون انتصارًا، إذ أطلقت سراح مئات الأسرى، بينما واجهت الحكومة الإسرائيلية انتقادات من معارضيها بسبب الإفراج عن أسرى تصفهم إسرائيل بـ«الخطرين».
وبمناسبة الحديث عن شاليط يلمح المراقب أن المفاوضات الجارية الآن مطالبة حماس بإطلاق سراح أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين، خاصة أولئك الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم بعد صفقة شاليط، وهذه لعبة إسرائيلية مشهورة وهى الإفراج عن معتقلين فلسطينيين ثم إعادة اعتقالهم، وهنا تبرز احتمالات عقد صفقة صغيرة مؤقتا لا تلبى كل طموح الجانبين يقولون عنها إنها صفقة جزئية، تتضمن إطلاق سراح أسرى محددين، وبعدها يمكن عقد صفقة شاملة تمثل نقطة تحول جديدة فى العلاقات بين الجانبين.