فتاة غزاوية تقود مبادرة رياضية لتخفيف المعاناة النفسية عن نساء القطاع.. ومشاركات: «تساعدنا على تجاوز الأهوال»
من داخل مخيم صغير لزوجات الشهداء فى مخيم الأيتام، ضمن مخيمات البركة فى خان يونس بقلب قطاع غزة، خرج من رحم المعاناة بصيص أمل جديد يؤكد قوة وتماسك المرأة الفلسطينية، على الرغم من المعاناة اليومية جراء القصف الإسرائيلى المستمر، وموجة البرد والأمطار الغزيرة التى ضربت مخيمات النازحين.
خرجت فتاة فلسطينية لم تتجاوز الـ٢٦ عامًا، حاصلة على ليسانس آداب قسم صحافة وإعلام من الجامعة الإسلامية فى قطاع غزة، لتنظم لعبة جماعية نسائية فقط وهى «كرة الطائرة»، فى محاولة للتنفيس عن مشاعرهن وأوضاعهن الصعبة، خاصة بعد فقدان أزواجهن خلال الحرب الحالية.
وقالت ملك سعد الدين، صاحبة المبادرة: «عملنا على تنفيذ مشروع بعنوان (التغيير الاجتماعى من خلال الرياضة) بالتعاون مع جمعية كرة القدم للبتر، وكان الهدف الرئيسى من المشروع الأطفال، إلا أننى خصصت زاوية ضمن المشروع لسيدات من زوجات الشهداء فى خان يونس».
وأردفت: «جاءت هذه المبادرة كمحاولة لمساعدتهن على تجاوز الحالة النفسية الصعبة التى يعشنها، نتيجة فقدان أزواجهن ومواجهة تحديات الحياة بمفردهن، خصوصًا فى ظل الظروف القاسية فى غزة، حيث يتحملن مسئولية أطفالهن الأيتام، وسط ضغوط اجتماعية واقتصادية كبيرة».
وتابعت: «الهدف أنه نطلعهم من جو الكآبة والهموم ورسم الفرحة بقلوبهم، ورغم دراستى للصحافة والإعلام، لكن اتجهت للجانب الرياضى لأساعد فى دعم نفسى للسيدات والأطفال، خاصة أن وضع السيدات مأساوى جدًا».
وأضافت: «أصبحنا نعمل على تقوية الجانب النفسى للمرأة، ليست الأرملة فقط أو زوجة الشهيد فقط، ولكن لكل سيدة وفتاة موجودة بالمخيم، من خلال ممارسة الرياضة، إذ إنها تمدها بالقوة والتنافس والصحة، لنوجه رسالة للعالم أجمع أننا نستحق الحياة والتعليم وممارسة الرياضة، ونتمنى توقف حرب الإبادة والإجرام بحق النساء والأطفال العزل المدنيين».
وأشارت إلى أن السيدات المشاركات فى اللعبة أعمارهن ما بين ٢٠ و٣٥ عامًا، ومجموعة الفتيات تتراوح أعمارهن من السابعة وحتى الثانوية العامة، مواصلة: «ساعدت السيدات والفتيات فى إجراء تدريبات مكثفة قبل المشاركة فى اللعبة والنزول الميدانى ولعب المباريات».
وواصلت: «نلعب مرة بالأسبوع فى مخيم الأيتام من الساعة الثانية وحتى الرابعة عصرًا، المخيم يضم زوجات شهداء الحرب وأطفالهن، وللخصوصية ننصب الشبكة خلف المخيم، ولا يوجد به رجال أو شباب حتى تتمتع المرأة بالمشاركة بمنتهى الحرية فى الحركة واللعب».
ولفتت إلى أن هناك ٤ مخيمات أخرى بخان يونس، قائلة: «فريقى مكون من ٤ شباب، بينهم ٣ شباب ذكور يذهبون لمخيمات أخرى للعب كرة الطائرة لكن مع الأطفال الصغار والشباب».
كما تواصلت «الدستور» مع بعض المشاركات فى اللعبة، لكن فضلن عدم الكشف عن هوياتهن، وتقول المشاركة الأولى «س. م»: «البرنامج يجنن وغير من نفسيتى كأم، خاصة فى ظل معاناة يومية، وحياة صعبة بكل شىء بداية من توفير الطعام والمياه وحتى ترميم الخيام وحمايتها من الأمطار، والرياضة غيرت حياتى لأحلى نوعًا ما».
وقالت طفلة صغيرة ضمن المشاركات تبلغ من العمر ١١ عامًا: «نشكر الكابتن ملك إنها بتعطينا تحفيزات وبتدربنا، وتتحمل كتير شغلات عشان نبدع بالكورة، خاصة أنها تأتى من مخيم آخر يبعد عنا أكثر من نصف ساعة».
بينما قالت «م. ع»، إنها تنتظر كل يوم أحد حتى تلعب الرياضة، وتتنافس مع الصبايا والسيدات الأخريات، قائلة: «بخلص شغل بدرى بالخيمة وتعبئة مياه وتجهيز غداء، وأنتظر الكابتن ملك حتى نلعب معًا».
وذكرت مشاركة رابعة أن اللعبة جعلتهن أقوى، ونشرت الحب والمشاركة مع السيدات الآخريات، من خلال التكافل ونشر المحبة، مؤكدة أن الرياضة مهمة جدًا رغم الظروف الصعبة التى نعيشها.