رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة: العلم ليس مجرد مجموعة معلومات بل تقوى وخوف من الله

د. على جمعة
د. على جمعة

 

 

قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق ورئيس اللجنة الدينية بالبرلمان إن تميزت مصر بعلماءها منذ الفتح الإسلامي وإلى يومنا هذا، وكان العلماء المصريون حريصين دائمًا على العلم ومنهجه الدقيق، فعبد الله بن عمرو بن العاص، الذي عاش ومات في مصر، تميز بدقة روايته للحديث النبوي الشريف، وكان من العابدين الأتقياء الذين ربطوا بين العلم والتقوى، مسترشدين بقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.

 

وتابع " جمعة" قائلا: العلم ليس مجرد مجموعة من المعلومات، بل هو تقوى، وخوف من الله، ونية صادقة، وكان سيدنا عبد الله بن مسعود يقول: «ليس العلم بكثرة الرواية، ولكن العلم الخشية»، كلام يفتح آفاق البحث العلمي إلى أقصى الحدود، بحيث لا يكون هناك قيد عليه وفي الوقت ذاته يضع الضوابط الأخلاقية على استعمال النتائج التي نتوصل إليها من هذا البحث العلمي، بحيث يكون نافعًا للخلق، معمِّرًا للكون.

 

وأضاف: من الأئمة الأعلام الذين ساهموا في رسم المنهج العلمي وتأكيده الإمام الشافعي -رضي الله تعالى عنه-، الذي وضع علم أصول الفقه. وأصول الفقه هي "معرفة دلائل الفقه إجمالًا، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد"، وهي الأركان الثلاثة التي تشكل أي منهج علمي لدراسة أي علم: "معرفة المصادر، وطرق البحث -بما تشتمل عليه من أدوات وسياقات-، وشروط الباحث". بهذا المنهج العلمي، تنوعت مجالاته، فشملت العلوم العقلية، والعلوم الحسية التجريبية، والعلوم النقلية، والعلوم الشرعية. لكن العلم يوصف بأنه علم عندما تحدد مصادره، وطرق بحثه، وشروط باحثه. ومن خلال شروط الباحث نجد بيانًا للعلوم المساعدة التي ينبغي أن يدركها ذلك الباحث لتصب في علمه الأصيل وتخصصه الدقيق،وكتاب "الرسالة" للإمام الشافعي كان فتحًا جديدًا في هذا المضمار، إذ جاء ملخصًا للعمليات العقلية التي كان الطلبة يتناقلونها عن أساتذتهم بصورة عفوية وملكيات تجريبية من المعاشرة وطول العشرة والمجاورة. لكن الإمام الشافعي نجح في تقعيدها وصياغتها بصورة قابلة للتعلم والتراكم المعرفي، وللزيادة فيها والانطلاق بها،وتعد عملية صياغة العمليات العقلية من أهم عمليات حفظ المجهود البشري المجهول في العلوم؛ لأنها تحول الفكر والملكة إلى صياغات علمية دقيقة قابلة للنقل والتدريس والمناقشة والتطوير.