رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد عدوية.. الصوت الذى طربت له طبقة الانفتاح والنخبة المثقفة فى مصر

أحمد عدوية
أحمد عدوية

في سبعينيات القرن الماضي تسلل صوته خلسة وعلى استحياء من الأفراح الشعبية في أحياء وأزقة مصر الشعبية للساحات والميادين الكبرى فى مصر، معبرًا عن مفردات - لغة رجل الشارع الجديد - رجل طبقة الانفتاح الاقتصادي الذي ظهر فى عصر الرئيس السادات وسياساته الاقتصادية بعد عقدين من الزمن كانت فيها مصر تمشي علي النهج الاقتصادي الاشتراكي في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، إنه أحمد عدوية المطرب الشعبي الذي طرب له طبقة الانفتاح والنخبة المثقفة في مصر معًا «كله على كله».

في تلك اللحظات التي كانت فيها مصر تشهد تحولات كبرى سياسية واقتصادية وثقافية، حيث الانتقال من نظام الاقتصاد الاشتراكي في أقصى الشرق في عهد “ناصر” إلى اقتصاد رأسمالي في أقصى الغرب، وسياسات الانفتاح الاقتصادي للرئيس السادات، كانت ثمة طبقة اجتماعية جديدة تتشكل في مجتمعنا، طبقة لها قاموسها ومفرداتها ومعانيها الخاصة بها، وهو ما التقطه الفتي الأسمر أحمد عدوية بذكاء ليدفع به إلى آذان رجل الشارع عبر كلمات أغنياته.

أحمد عدوية
أحمد عدوية

“عدوية” الذي شكلته لغة أبناء الأحياء الشعبية استطاع أن يفهم جيدًا أن رجل الشارع في مصر مازال يقف حائرًا بين اقتصاد ناصر وانفتاح السادات يحتاج من “يرسيه على بر”، فما كان منه أنه قرر ألا يترك  رجل الشارع حائرًا بين هذا وذاك فقدم له لونًا طربيًا من الغناء الشعبي يؤنسه في حيرته، حتى صار ذلك الرجل يتتبع صوت عدوية إينما حل، وعسى أن يجد فيه ضالته في مرحلة ملغمة بالاضطرابات الاقتصادية، والثقافية وبالتبعية الفنية.

ظل عدوية ينتقل في سبعينيات القرن الماضي بين أفراح القاهرة وحاراتها وأزقتها الشعبية حتى عام 1972، وقتها استطاع أن يسبق أبناء جيله في ساحات الطرب الشعبي من منافسيه بقراءة تخصه وحده دون غيره، تلك القراءة تتلخص في أن ثمة ثقافة طبقة اجتماعية جديدة تتشكل في مجتمعنا المصري في عصر الانفتاح الاقتصادي، وما جعله يتيقن من أن قراءته تلك التي وصل إليها بنفسه صحيحة، عندما وجد ظهيرًا شعبيًا له من أهل الوجد والسلطنة في الأفراح الشعبية التي كان يحييها في كل ليلة، وهو ما جلعه أكثر جرأة عندما قرر أن يكون واحدًا من الذين سيحييون حفل عيد زواج المطربة شريفة فاضل، الذي حضره عدد من الفنانين والصحفيين، وهو الحفل الذي كان موجودا فيه صاحب كازينو (الأريزونا) والذي عرض عليه العمل هناك آئنذاك لينتقل صوت عدوية للطبقات العليا من طبقة الانفتاح.

مدخل لمحفوظ| 6 روايات تساعدك على الدخول إلى عالم نجيب محفوظ - مدونة - مكتبات الشروق
نجيب محفوظ

كازينو “الأريزونا” أعطى لصوت عدوية قُبلة الحياة، حيث استطاع من خلاله أن يسجل أسطوانتين لشركة (صوت الحب) تضمنت أشهر أغانيه الشعبية “السح الدح إمبو، زحمة يا دنيا زحمة، سيب وأنا أسيب”، ومن هنا كانت البداية ليطرب عدوية ليس طبقة الانفتاح فحسب بل وأهل الثقافة والأدب.

وأثنى عليه الأديب نجيب محفوظ خلال حديثه مع الإعلامي مفيد فوزي، وقتها ذكر الأديب العالمي أن عدوية كان “المسموع الأول” من الجمهور في وقت من الأوقات، مواصلا: "ده راجل من الشعب يستعمل أساليب شعبية وألفاظ شعبية وصوت شعبي خشن لا يخلو من حلاوة"، كما أشاد أديب نوبل بأغنية “سيب وأنا أسيب”، قائلا: “عجبتني، الكلام غير المعقول ده له مغزى كبير ما يصحش يفوتك.. يعني لو كنا عاوزين نتفق تخفف اتخفف شوية”، ولم يكن أديب نوبل الوحيد الذي أثنى على "عدوية" من أبناء النخبة الثقافية بل وصل الأمر لأن يكتب واحدًا من كبار مبدعيها له كلمات أغنية “مجنون” هو صلاح جاهين، وكذلك الأبنودي، ومأمون الشناوي، وسمير الطاير؛ وغيرهم كتبوا له، بل أن بليغ حمدي وسيد مكاوي وكمال الطويل وعمار الشريعي لحنوا له. 

الضاحك الباكى».. 32 عامًا على رحيل صلاح جاهين
صلاح جاهين