للعلم.. جديد المتحدة
أتابع باهتمام شديد تلك التنويهات الاجتماعية والتربوية التى تذيعها قنوات المتحدة منذ عدة أيام، وبمشاركة عدد كبير من نجوم المجتمع. تأتى هذه الخدمة الإعلامية الجديدة فى شكل حديث مباشر قصير للغاية وفيه تركيز شديد، ورسالته لا تحمل أى نوع من الغموض. قد يأخذ أحدهم على المادة الفنية تلك المباشرة، إلا أننى أتبنى ذلك الرأى القائل بأن المباشرة مطلوبة فى بعض الأحيان ومع نوعية معينة من الرسائل التى تخاطب عموم الجماهير وليس فئة بعينها أو مستوى ثقافى وتعليمى محدد.
تذكرنى هذه الحملة بتلك الحملات التوعوية الاجتماعية التى كان يقدمها التليفزيون المصرى قديمًا، وشارك فيها عدد من نجوم الجيل السابق، كالقديرة الراحلة كريمة مختار، المعلم محمد رضا، الفنان عبدالسلام محمد، والمطربة الشعبية فاطمة عيد فى إعلان شلبية، وكذلك الإعلان الأشهر فى حينه حسانين ومحمدين. وأتذكر- وربما أبناء جيلى- جملة منير فى أغنيته التعليمية القديمة التى تقول «عدو عايش ويّانا يقول كلام مايفيدش، يمكن يعطّل مسيرتنا نفضل مانتقدّمش، وشعب عايز يتقدّم لازم يحطم معلهش»، إذ جاءت تلك الأغنية ضمن الحملة الرائعة التى أخرجها الأخوان مُهيب باستخدام الكارتون، فخرجت تلك الحملة كطلقات رصاص مباشرة ومؤثرة وبسيطة وفاعلة.
من بين هذه الحملات الاجتماعية، أيضًا، حملة قام ببطولتها الفنان القدير أحمد ماهر حملت شعار «الراجل مش بس بكلمته، الراجل برعايته لبيته وأسرته». لم تقتصر تلك الحملات على الاستعانة بالفنانين، فقد كان لنجوم الرياضة مشاركة واضحة كتلك التى استعانت بنجوم الزمن الجميل حسن شحاتة، الخطيب، ثابت البطل، وإكرامى، ليوعوا المواطنين بأهمية الحفاظ على نظافة الشارع المصرى، فى حملة حملت شعار «من أجل مصر». وإعلان آخر كان يدعو المواطنين لإفساح الطريق لسيارات الخدمات الطارئة كالإسعاف والمطافئ ونحوهم، ودون كلام كثير كان يظهر صوت مذيع برسالة نافذة إلى القلوب تقول «أفسح لهم الطريق، قد يكونون فى طريقهم لإنقاذك أنت».
واليوم أتابع تلك الحملة الجديدة التى تنظمها الشركة المتحدة عبر قنواتها بتتر مختصر ومغنى لا يتجاوز الخمس ثوانٍ، يعقبه ظهور نجم مجتمع فى رسالة بسيطة على نحو رسالة الفنانة الكبيرة يسرا، التى تتحدث فى دقيقة واحدة عن الشائعات والأخبار المضللة بأرقام موثقة، لتنهى رسالتها الموجزة بدعوة لعدم التفاعل على وسائل التواصل مع الأخبار غير الدقيقة. وكذلك نصيحة الإعلامية الكبيرة سناء منصور التى تحذر أولياء الأمور من خطورة تعامل الأطفال مع الموبايل، وتدعو لعدم ترك المحمول فى أيدى الطفل دون الثامنة لأكثر من ثلاث ساعات أسبوعيًا.
الجميل فى الحملة أن منظميها لم يكتفوا بالاستعانة بالفنانين وحدهم، بل استعانوا بعدد من العلماء، كما حدث مع أستاذ الطب النفسى هشام رامى، والشيخ رمضان عبدالمعز، والدكتور أيمن البدراوى أستاذ التغذية، وكذلك أخصائية العلاقات الزوجية سماح عبدالفتاح. كما لم تنس الحملة متحدّى الإعاقة، فاستعانت بأحد خبراء لغة الإشارة، هو بيشوى عماد، ليُعرّف المشاهدين بأهم مصطلحات الطوارئ بلغة الإشارة.
مبلغ ظنى أن هذا ليس كل ما فى جعبة أصحاب الفكرة، وأن لديهم الكثير من الأسماء التى سيفاجئوننا بها من الشخصيات العامة ذات الجماهيرية والقبول الشعبى، ولا أعتقد أن نجمًا ستوجّه له دعوة للمشاركة فيعتذر أو يتعلل بمشاغل وخلافه، لكن يبقى على المنظمين عدم الاستعانة إلا بحسنى السيرة من نجوم المجتمع الذين تشعر كمشاهد بأنهم جزء من عائلتك وأصدقائك المقربين. بالطبع لن أجتهد فى طرح أسماء من رموزنا الوطنية فى السياسة والأدب والإعلام والفن والعلم والرياضة، فقيادات المتحدة يعرفونهم بالتأكيد. هناك أيضًا مزيد من الموضوعات والتخصصات التى تستأهل الطرح بهذه اللغة العصرية والموجزة، فمُشاهد اليوم، خاصة من الشباب- وهم الفئة الأكبر المستهدفة بتلك الحملة- لم يعد لديهم قابلية لتحمل تلك الدروس الطويلة المملة.
مرة ثانية شكرًا للمتحدة، وفى انتظار المزيد من هذه الأفكار الهادفة فى مثل تلك الحملات وفى غيرها على مستوى الدراما والبرامج والحفلات والأغنيات التى تتصدى المتحدة لإنتاجها. كما ننتظر جهدًا مشابهًا من منصات الهيئة الوطنية للإعلام عبر شاشاتها وإذاعاتها، فهى صاحبة السبق والريادة فى حياتنا الإعلامية، وفى اعتقادى أن قياداتها الجديدة ستدفع فى هذا الاتجاه سعيًا لاستعادة ثقة جمهورها من المستمعين والمشاهدين، لتتناغم الجهود من كلا الكيانين الإعلاميين لصالح الوطن والمواطن.