أحمد فضل شبلول يكشف لـ"الدستور" تفاصيل روايته الأحدث "ليالي الكرمة”
تعد رواية "ليالي الكرمة" من الروايات الغيرية الصوتية، أي أن المتحدثين هنا يتحدثون عن شخصية غيرية وليس عن شخصية الكاتب المؤلف.
وكشف الكاتب أحمد فضل شبلول، عن كواليس وتفاصيل روايته الأحدث، “ليالي الكرمة”، قائلا إن هناك 28 صوتًا يتحدثون عن أمير الشعراء أحمد شوقي، وكان دور الكاتب أو المؤلف هو تنظيم هذه الأصوات واختيار العبارات التي تلائم النسق الروائي، وكيف يرى كل منهم أمير الشعراء من منظوره الإنساني الخاص، سواء كان معه أو ضده. والأغلبية كانت معه، والأقلية التي يترأسها العقاد كانت ضد شوقي، أما طه حسين فكان يقف في المنتصف.
وأضاف لـ"الدستور"، بعد حديث حسين شوقي عن أبيه، وربما كان فصله هو الأطول على مدار العمل، التزمتُ بالترتيب الألفبائي لبقية الشخصيات، وربما بدأتُ بحسين لأنه الأقرب إلى أبيه وأنه كان الأكثر التصاقًا به من بقية الشخصيات الأخرى التي كانت تقضي بعض الساعات معه، ولها معه بعض الذكريات والمواقف الأخرى.
محركات البحث وأمير الشعراء
وتابع: “قد ساعدتني محركات البحث على شبكة الإنترنت من الوصول إلى كتب ومجلات قديمة صدرت في عصر شوقي أو بعده بقليل، كان من الصعب الحصول عليها أو الوصول إليها في مكتبتي أو المكتبات العامة. ومنها ما هو موجود في دول أخرى، مثل مجلة مجمع اللغة العربية في دمشق، ولكن استطاعت محركات البحث الوصول إليها من خلال الأرشيفات الإلكترونية”.
وواصل: “بعد أن تجمعت لي المادة، عملتُ على قراءتها بدقة، واختيار ما يتعلق بالجوانب الإنسانية في حياة أمير الشعراء، فأنا لا يعنيني كثيرا – في هذا المقام – المقالات أو الدراسات الأدبية أو الأبحاث النقدية والرسائل العلمية عن شوقي، فأنا لست بصدد تقديم أو إعداد أطروحة علمية عنه، ولكن ما كنتُ أبحث عنه هو اللحظات الدرامية الساخنة في حياة شوقي وبعد وفاته أيضا. ومن أهم هذه الأحداث النفي الذي تعرض له شوقي عام 1915 واستمر حتى بداية عام 1920، وما عاناه هناك لدرجة أنه كان يرهن ذهب زوجته خديجة وابنته أمينة للحصول على المال في غربته، ثم عودته من المنفى ليتغير مسار شعره تماما. ثم حصوله على إمارة الشعر العربي عام 1927. فضلا عن مواقف أخرى مؤثرة في حياته مثل وفاة والدته وهو في المنفى، والهجوم على شخصه وشعره من بعض الأقلام، واتهامة بسرقة الشعر، أو أن أحدًا يكتب له، وكيف كان يُقابل مثل هذا الهجوم وماذا كان يصنع للرد عليه”.
واستطرد: "كل شخصية من الشخصيات الـ 28 كانت تنظر بمنظار مغاير لشوقي، وسنلاحظ أن الشخصيات العربية من أمثال: أمير البيان شكيب أرسلان، والناقد اللبناني عمر فروخ، والرئيس السوري محمد علي العابد، ومحمد علي كرد، ومصطفى الشهابي وخليل مطران وغيرهم، كانوا الأكثر احتفاء بشخصية شوقي وشعره. كما أدخلت شخصيات متخيلة تحدثت عن شوقي مثل كليوباترا، فهو كتب مسرحية شعرية عن مصرعها "مصرع كليوباترا"، وتخيلت علاقة ما وحوارًا روائيًّا مع الفنان التشكيلي محمود سعيد الذي عاصر شوقي، وكان عمره ثلاثين عاما عندما تقلَّد شوقي إمارة الشعر".
شخصيات عاصرت شوقي
أما من الشخصيات المصرية الأخرى التي عاصرت شوقي وتحدثت كثيرا عنه فكان من بينها: أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وحافظ إبراهيم وكامل الشناوي ومحمد حسين هيكل وفتحي رضوان وغيرهم.
ولعل هذه الرواية يتبعها رواية أخرى بعنوان "أن أكون أميرا للشعراء" وفيها يتحدث شوقي عن نفسه بلسانه، وكيف وصل إلى هذه المرتبة العليا في الشعر.
ولما كنت كتبت من قبل رواية "الليلة الأخيرة في حياة نجيب محفوظ" فقد لاحظت أن هناك عناصر كثيرة مشتركة ومتشابهة بين شوقي ومحفوظ، وهو عنوان كتاب آخر انتهيت منه يحمل عنوان "شوقي ومحفوظ من الإمارة إلى نوبل".
ومما جاء في "ليالي الكرمة" ما قاله الرئيس السوري وقتها محمد علي العابد – على سبيل المثال - وهو يرثي أحمد شوقي فور رحيله:
واختتم أحمد فضل شبلول حديثه لـ"الدستور": "أذكر لشوقي ميزتين في جملة المزايا التي تحلَّى بها: غرامه بصناعته، وتفانيه بإتقانها. عرفت منه هذا يوم كنا في سن الطلب نتلقى العلم في معهد واحد في باريز (باريس)، وكنا على اتصال وثيق على ما يكون الترب مع تربه. وكان من رفاقنا من يعترض على شوقي لصرفه الأوقات في نظم الشعر، ولكن الشاعر العبقري ما كان يبالي بالاعتراض، بل هو على الدوام يتقن شعره، ويدرس ويمعن في درسه. وما كان يخطر بالبال أن هذا الفتى المصري الذي كان يتلهَّى بالشعر في صباحه ومسائه، يحمل بين جنبيه شاعرًا ستطبق شهرته الشرق والغرب. وتبكي لنبوغه اليوم الشعوب العربية جمعاء، لأنه أرواها من منهل بيانه العذب نحو خمسين سنة، وعلَّمها من علمه ما لم تعلم، وأسمعها وترًا جديدًا وتلحينًا غريبًا، فكان في عمله المجد الخالد له ولأمته".