صدمة إدلب وحلب.. ماذا يحدث فى سوريا؟
أكد الكاتب والمحلل السوري يعرب خير بك، أن ما يحدث حاليًا في الشرق السوري هو استكمال للحرب الإسرائيلية، وكان متوقعًا من قبل الدولة السورية، مشيرا إلى أن تركيا تسعى من خلال دعمها للمجموعات المسلحة، وعلى رأسها "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة)، إلى فرض قواعد جديدة في المنطقة، بهدف تأكيد دورها الإقليمي.
وقال خير بك في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إن التصعيد الأخير في المنطقة هو نتيجة مباشرة لمحاولة تركيا فرض هيمنتها، مشيرًا إلى أن الرئيس بشار الأسد كان قد أصر على ضرورة خروج القوات التركية من سوريا خلال محادثاته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وذلك بسبب شكوكه في نوايا تركيا التي لم تنتهِ بعد.
وأضاف أن الدولة السورية كانت على علم بأن الحرب لم تنتهِ، وأن دعمها لحزب الله لن يمر دون رد.
وتابع خير بك أن الهجوم الأخير كان واسعًا ومفاجئًا، حيث شاركت فيه قوات تركية ومدفعية، إلى جانب وجود أوكرانيين واستخدام للطائرات المسيرة، التي يعتقد أن جزءًا منها يعود لإسرائيل.
امتصاص الصدمة
وأشار إلى أن المعركة كانت شديدة، حيث تمكنت القوات المسلحة من التقدم في بعض المواقع، مع قصف طال مدينة حلب، لكن الجيش السوري بدأ بتثبيت مواقعه، حيث تم استرجاع عدة نقاط في ريف حلب الغربي بعد الظهر، وتمكن من امتصاص الصدمة بنجاح.
وأكد خيربك أن الاستعدادات العسكرية مستمرة على كافة المحاور، مع توقعات بأن المعركة قد تمتد إلى مناطق أخرى، لا سيما بعد خروج مسلحي داعش من حقل التنف، وهو ما قد ينذر بتحركات جديدة من اتجاه درعا في الجنوب الشرقي.
وأوضح أن الدولة السورية وزعت قواتها بشكل استراتيجي لمواجهة هذه التحديات.
وأشار إلى أن هذه الحرب ليست مجرد صراع داخلي، بل هي حرب إقليمية ودولية، حيث تتدخل فيها قوى عالمية مثل روسيا والصين وإيران.
ورأى خير بك أن ما يجري هو استعادة لصراع طويل الأمد، ولن يكون قتالًا قصير الأمد أو محدودًا. وأضاف أن الجيش السوري يمتلك القدرة على استعادة المناطق التي تم تحريرها في السابق، وأنه لا يمكنه التراجع في هذه المرحلة.
وأكد الكاتب السوري أن العمليات العسكرية ستستمر، وأن الجيش السوري بدأ بالفعل تنفيذ الهجوم المعاكس في بعض المناطق، رغم صعوبة الوضع، خصوصًا مع استمرار استخدام الطائرات المسيرة والطائرات الإسرائيلية.
وأوضح الكاتب والمحلل السياسي السوري أن الهجمات الأخيرة في الشرق السوري جاءت في توقيت حساس للغاية، حيث تزامنت مع إعلان وقف إطلاق النار في لبنان وتصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو التي اتهم فيها الرئيس بشار الأسد بـ"اللعب بالنار"، محذرًا من أن سوريا لن يُغفر لها ما جرى.
محاصرة حزب الله
واعتبر خير بك أن هذا التوقيت يحمل رسالة واضحة، مؤكدًا أن هذه الهجمات تمثل جزءًا من التداعيات المباشرة للصراع الإقليمي، وتهدف بشكل رئيسي إلى محاصرة حزب الله وقطع الطريق أمامه من خلال شن هجمات واسعة النطاق.
وقال خير بك إن التصعيد الأخير يعكس أن الحرب السورية قد دخلت مرحلة جديدة، حيث تترافق هذه الهجمات مع محاولات لفرض حصار كامل على حزب الله، إضافة إلى سعي تركيا لمزيد من النفوذ في المنطقة.
وأضاف أن هذا الهجوم، الذي انطلق من محيط القواعد التركية ومن مناطق إدلب باتجاه ريف حلب، كان مدعومًا بأعداد كبيرة من المسلحين، استخدموا المدفعية الثقيلة والطائرات المسيرة، وهو ما جعل التصدي لهذه الهجمات أكثر تعقيدًا.
وفيما يخص تساؤلات حول كيفية سيطرة المسلحين على مساحات واسعة من الأراضي، أكد خيربك أن الهجوم كان ضخمًا للغاية، حيث استهدف مناطق شاسعة وبأعداد ضخمة من العناصر المسلحة المدعومة من تركيا، وبتنسيق لوجستي عالٍ.
وأشار إلى أن المدفعية التركية والطائرات المسيرة كان لها دور كبير في تعقيد العمليات العسكرية السورية، ما جعل المقاومة أكثر صعوبة.
أما فيما يتعلق بمستقبل الوضع في سوريا، فقد أشار خيربك إلى أن هذه الحرب ليست مجرد صراع عسكري عادي، بل هي "حرب وجود" بالمعنى الحقيقي للكلمة، ولا يمكن أن تنتهي بحلول جزئية أو مؤقتة.
وأكد أن استئناف العمليات العسكرية بعد خرق الهدنة من قبل المسلحين سيمنح سوريا الفرصة لشن هجوم معاكس، ما قد يكون بداية النهاية للمجموعات المسلحة المدعومة من تركيا.
واختتم خيربك تصريحاته بالتأكيد على أن الحرب السورية لن تنتهي في القريب العاجل، وأن الوضع العسكري سيستمر في التحول مع كل تطور جديد على الأرض، مشيرًا إلى أن قيادات الجيش السوري تعتبر أن هذه المرحلة تمثل فرصة لتغيير موازين القوى في المنطقة لصالح الدولة السورية.
وكانت قد أطلقت جماعات مسلحة يوم الأربعاء، هجوما بقيادة جبهة النصرة الإرهابية على محافظة حلب وريفها في الشمال السوري.
وفيما يدور القتال بين هذه المجموعات المسلحة وقوات الجيش الوطني السوري، أفادت الأمم المتحدة بنزوح نحو 14 ألف سورية من مناطق الاشتباكات حتى الآن.