روسيا والصين فى مواجهة الولايات المتحدة.. هل يُشعل "ترامب" صراع الكبار؟
أدى الفوز الكبير للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على منافسته الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس، إلى فتح باب التكهنات حول السنوات الأربع المقبلة التي يتمتع ترامب بأول عامين فيها بأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، فضلًا عن عودته للمكتب البيضاوي في واشنطن.
وتتزايد المخاوف من تصرفات دونالد ترامب غير المتوقعة كما كانت عليه في ولايته الرئاسية الأولى، وتداعيات ذلك على السلم والأمن الدوليين، فيما تبرز الصين كأكبر منافس للولايات المتحدة في العالم، فضلا عن التطلعات نحو وضع حد للحرب الروسية الأوكرانية التي قاربت على إتمام عامها الثالث.
من واشنطن، قال المحلل السياسي الدكتور عاطف عبدالجواد، إنه رغم توقعات الغزو الصيني لتايوان في العام 2027، فإن أحداث الغزو الروسي لأوكرانيا والدعم الأمريكي المتزايد لـ كييف، ثم استعانة “بوتين” بقوات من كوريا الشمالية لمساعدته على استرجاع أراض روسية تهيمن أوكرانيا عليها الآن فضلا عن حقيقة أن الحرب في أوكرانيا تدخل الآن عاما ثالثا لم تتمكن فيه روسيا من تحقيق أهدافها العسكرية يعطي الصين دافعا للتردد في غزو تايوان، وهو الدافع الأكبر لوقوع مواجهة بين ترامب والصين.
معركة اقتصادية
وأضاف عبدالجوادفي تصريحات خاصة لـ"الدستور": ليس متوقعا أن تحدث هذه المواجهة عسكريا لكن المرجح أن يفرض ترامب تعريفة جمركية تصل إلى عشرين في المائة على الواردات الأمريكية من الصين، وغيرها من الدول، ما سيمثل أداة ضغط كبيرة على الاقتصاد الصيني رغم ما تنطوي عليه هذه التعريفات من زيادة في أسعار السلع داخل الولايات المتحدة.
وأشار إلى أنه رغم أن الرئيس بايدن يترك تركة معقدة لخلفه ترامب ابتداء من يناير المقبل بتقديمه صواريخ بعيدة المدى لأوكرانيا وإعطائها الضوء الأخضر لضرب أهداف داخل روسيا، فضلا عن تزويدها بألغام ضد الأفراد، فإن ترامب سوف يسعى لإنهاء الحرب في أوكرانيا بشروط تكون مقبولة من روسيا؛ مثل التفاوض على حكم ذاتي لمناطق تشمل 20 في المائة من الأراضي الأوكرانية في الشرق، وتعهدات بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو لمدة عشرين عاما.
وشدد "عبدالجواد" على أن الرئيس المنتخب سيعمل على تنفيذ وعوده جزئيا بوقف الحروب، والدليل على ذلك أن كوريا الشمالية توقفت عن تجاربها الصاروخية لفترة من الزمن بعد مقابلة ترمب- كيم.
أفضل السيناريوهات
واستبعد الكاتب والمحلل السياسي الصيني نادر رونج، سيناريو التصعيد والمواجهة المسلحة بين الصين والولايات المتحدة، قائلا: هناك نسبة ضئيلة جدا لحدوث المواجهة المسلحة المباشرة بين البلدين؛ لأنها يمكن أن تؤدي إلى كارثة إنسانية لا تستطيع أي دولة أو طرف تحملها.
وأضاف رونج لـ"الدستور"، أن التنافس الاقتصادي أفضل السيناريوهات، فالولايات المتحدو تعتبر الصين أكبر منافس جيوسياسي لها، والإدارة الأمريكية الجديدة يمكن أن تتخذ تحركات لاحتواء الصين.
وتابع: على كل حال، فإن الصين ستدافع عن سيادتها وأمنها ومصالحها، وفي ننفس الوقت تأمل من الولايات المتحدة السير في نفس الاتجاه، وتجنب المواجهة المباشرة، والعمل على توسيع التعاون بين البلدين.
وأشار إلى أن التوازن القديم للعلاقات الصينية الأمريكية قد تم تكسيره، والآن سيتم تشكيل التوازن الجديد على خلفية جديدة، وتطورات الأوضاع للدولتين بشكل تدريجي.
وواصل: نحن نرحب بالتصريحات التي تدعو لوقف الحروب الجارية وإحلال السلام في العالم، والصين أيضا تعمل على تحقيق السلام والاستقرار الدولي ودفع العالم نحو التنمية المشتركة والازدهار المشترك وبناء مصير مشترك للبشرية لمواجهة التحديات المشتركة.
واختتم: يمكن أن تكون هذه الأمور مسار تعاون مشترك بين بكين وواشنطن بدلا من النزعة نحو مواجهات مكلفة للعالم.
إدارة أمريكية مختلفة
وقال الكاتب والمحلل السياسي الروسي ديمتري بريجيع: من الواضح أن السياسة الأمريكية الحالية في تصعيد مع الصين من ناحية السياسات القادمة، وترامب سوف يزيد الضرائب ضد الصين ويستهدف مصالحها الاقتصادية، وسيحمل الشركات الصينية تكلفة كبيرة، وهذا هو الهدف الأساسي، وقد يذهب إلى الضغط على تحالف "بريكس" لعدم إنشاء عملة موحدة كي لا يتم إضعاف الدولار الأمريكي وتجنب تبعات الأمر على اقتصاد بلاده.
وأضاف “بريجيع” أن ترامب يتحدث دائما عن العمل والاقتصاد، وسيكون هناك تغيير في السياسات الاقتصادية بالنظر إلى دخول إيلون ماسك على خط إدارة الرئيس المنتخب، وهو ما يشير إلى أن الفترة الجديدة لـ ترامب ستكون اقتصادية بشكل كبير، وقد يذهب إلى تشكيل "ناتو" في الشرق الأوسط للضغط على إيران.
وفيما يتعلق بالسيناريوهات المتوقعة لتعامل ترامب مع الجانب الروسي، يرى بريجيع، أن الرئيس المنتخب قد يستطيع التفاهم مع روسيا وفتح القنوات الدبلوماسية لأن الجمهوريين بالفعل يريدون فتح هذه القنوات، لافتا إلى أن وقف الأزمة الأوكرانية وعدم تمويل أوكرانيا بالسلاح يشغل قادة ورموز الحزب الجمهوري، في ظل وجود رئيس يقدم نفسه على أنه رجل السلام.
واختتم المحلل الروسي تصريحاته بالقول: نجاح ترامب سوف يساعد الأحزاب اليمينية في دول الاتحاد الأوروبي ويقوي دورها، وهذه التيارات تلقي باللوم على إدارة بايدن في فشل أوكرانيا في هذه الحرب، كما ينظرون إليها على أنها معركة لفائدة شركات الأسلحة الأمريكية المرتبطة بالحزب الديمقراطي.