الشرطة ورسالة التوعية
دائمًا ما نتحدث عن الشرطة وإنجازاتها فى مناسبات محددة ومحدودة، إما فى عيد الشرطة الموافق الخامس والعشرين من يناير كل عام أو عند الاحتفال بتخرج دفعة جديدة من طلبة الشرطة، حيث نتناول النجاحات التى تحققها الشرطة المصرية وتاريخها المشرف فى مجال مكافحة الجريمة والقضاء على الإرهاب، وكذلك ما تتناوله وسائل الإعلام عن القضايا والجرائم التى تحدث بمختلف أشكالها وكيفية القبض على مرتكبيها وتقديمهم للعدالة.
لكن هناك جانبًا آخر تقوم به الشرطة وتحديدًا أكاديمية الشرطة لا يقل أهمية عن دورها فى مجال منع الجريمة أو ضبط مرتكبيها، وهذا الجانب يتمثل فى مجال نشر الوعى وتنمية روح الولاء والانتماء ليس بطلبة كلية الشرطة فقط بل إن الأمر تطور بناء على توجيهات وزير الداخلية ليتضمن استضافة طلبة الجامعات المختلفة بل والعاملين فى الأجهزة والهيئات الحكومية لتقوم بهذا الدور التوعوى الذى نسعى جميعًا للاهتمام به خاصة خلال هذه المرحلة المهمة التى تمر بها البلاد والتى تشهد سيلًا من الشائعات اليومية المغرضة التى تهدف إلى التشكيك وزعزعة استقرار البلاد، وخلق حالة من التوتر والانقسام بين أبناء الشعب الواحد.
وفى هذا الإطار فقد نظمت أكاديمية الشرطة حتى الآن 38 دورة وورشة عمل على مدى الشهور الماضية كانت الفئات المستهدفة فيه، كما سبق أن أشرنا لطلبة الجامعات المصرية الحكومية والأهلية والخاصة وكذلك مجموعات كبيرة من العاملين فى أجهزة الدولة المختلفة شارك فيها نخبة متميزة من الأساتذة والخبراء الأمنيين والمتخصصين فى مختلف المجالات التى تهتم بها الدولة، وتسعى إلى تبصير الشباب تحديدًا بالمخاطر التى تتعرض لها سواء من الداخل أو من الخارج، وتأتى أهمية تلك الدورات أيضًا على خلفية تنوع المخاطر وتعدد الأساليب التى تستهدف الشباب مثل الشائعات وبث الأفكار الهدامة والإعلام الموجه ودوره فى إسقاط الدولة من الداخل، وأخيرًا وليس آخرًا استخدام وسائل التواصل الاجتماعى لتزييف الوعى والحقائق وانتشار الجرائم السيبرانية وحروب الجيلين الرابع والخامس.
الواقع أن ما يشهده المجتمع حاليًا من تحديات وتطورات حتى فى الأساليب الإجرامية جعل من الواجب على كافة الجهات المعنية أن تقوم بواجبها تجاه التوعية من أهداف ومخاطر تلك المتغيرات والمستهدفات... إلا أن جهاز الشرطة والمتمثل فى مركز بحوثها جعل من أهم أهدافه التصدى لجميع العوامل المهددة للوعى الأمنى خاصة على ضوء تطور أساليب التهديد فى ظل تطور الذكاء الاصطناعى والوسائل الرقمية المتنوعة وكذلك الجرائم التى تستهدف صحة وعقل الشباب مثل جرائم المخدرات بمختلف أنواعها ومحاولة نشرها بين التجمعات الشبابية بالإضافة بالطبع للجرائم التى تهدد أمن البلاد من قِبل الجماعات الإرهابية والتنظيمات الإخوانية ومحاولات إعادة تدوير كوادرها الشبابية لدمجهم بين الأوساط الطلابية والشبابية بصفة خاصة وهنا تسعى أكاديمية الشرطة الى إعادة تشكيل الوعى بالقضايا الأمنية المشار إليها والعواقب المترتبة عليها ومخاطرها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وأيضًا الفردية وهو ما يؤدى إلى الوقاية من الجريمة وعدم الوقوع ضحية محاولات بث الفتن والشائعات أو بالتأثير على عناصر من الشباب لاعتناق الأفكار المتطرفة والمتشددة التى تمثل إحدى خطوات الانضمام إلى تنظيمات أو خلايا نائمة قد تسبب خطرًا على أمن البلاد فى أى وقت من الأوقات.
إن ما تقوم به أكاديمية الشرطة حاليًا من تكثيف الدورات التى تعمل على تنمية الوعى لدى الشباب وطلبة الجامعات يعتبر واجبًا وطنيًا محل تقدير واهتمام خاصة على ضوء محاولات استهداف الدولة المصرية حاليًا نتيجة النجاحات التى بدأت تتحقق فى العديد من المجالات الاقتصادية، بالإضافة إلى عودة دورها الريادى فى المنطقة العربية المشتعلة بالعديد من الأزمات والانشقاقات الداخلية، بالإضافة الى احترام المجتمع الدولى لها نتيجة موقفها المعلن والواضح من رفض العدوان الإسرائيلى على أبناء الشعب الفلسطينى، والمحاولات التى تبذلها مصر لوقف تلك الاعتداءات... ومن هنا لجأ أعداء الوطن الى استخدام سلاح الشائعات ضد الدولة المصرية للتأثير والتشويش على تلك النجاحات والتشكيك فيها من خلال استخدام سلاح الشائعات، وقد ساعد على ذلك سرعة انتشار أى شائعة عبر وسائل التواصل الاجتماعى واستخدام التقنيات الرقمية المتطورة التى تستهدف فئات كثيرة ومتنوعة من الشعب من الممكن أن تؤثر عليها إذا لم تكن تلك الفئات قد تم تأهيلها أو توعيتها بالقدر الكافى للتفرقة بين الحقائق والأكاذيب.
وعلى ضوء ما تقوم به أكاديمية الشرطة حاليًا من نشر رسالة الوعى والتوعية والتى جاء صداها واضحًا ومؤثرًا بشكل إيجابى كبير على كل من تمت دعوته لحضور تلك الدورات وورش العمل التى تم تنظيمها بمركز بحوث الشرطة أرى أنه من الواجب أن يتم تعميمها فى الجامعات والهيئات وجهات العمل المختلفة من خلال تخصيص أسبوع على الأقل لشرح مثل تلك المناهج والموضوعات التى تتم بمركز بحوث الشرطة بواسطة أساتذة ومتخصصين وخبراء أمنيين وتفعيل دور إدارات التدريب الموجودة فى تلك القطاعات والهيئات خاصة أن المرحلة التى تمر بها البلاد تستلزم ذلك لاستمرار مسيرة البناء والتنمية، ومواجهة تلك المحاولات التى تستهدف التأثير السلبى عليها وعلى المواطن المصرى خاصة أن الدولة وقيادتها السياسية تقوم بجهود جبارة لتحقيق حياة آمنة ومستقرة وكريمة للشعب المصرى الأصيل نشهدها جميعًا على أرض الواقع حاليًا.