لعبة الدجاج الأخيرة لبايدن!
تسبب الضوء الأخضر الواضح، الذى منحه الرئيس الأمريكى، جو بايدن، لأوكرانيا بضرب روسيا بصواريخ بعيدة المدى مصنوعة فى الولايات المتحدة فى إثارة الذعر بين بعض حلفاء دونالد ترامب.. ولم يعلق ترامب نفسه، لكنه فاز فى الانتخابات بعد أن وعد بإنهاء الحرب، وأدان العديد من الأشخاص المقربين منه هذه الخطوة، باعتبارها تصعيدًا خطيرًا، وكأن بايدن يريد أن يشعل نيران الحرب العالمية الثالثة، قبل أن يغادر البيت الأبيض فى العشرين من يناير المقبل، ويترك العالم أمام ترامب، وقد بدا على شفير الجحيم.. لقد تعهد بايدن بدفع عشرات المليارات من الدولارات، لدعم جهود كييف الحربية، دون السماح لها بضرب العمق الروسى، إلا أنه، فى نهاية الأسبوع، ورد أنه تخلى عن الخط الأحمر، الذى طالما وضعه بشأن استخدام أوكرانيا للأسلحة الأمريكية لشن هجمات فى عمق روسيا.. ومع أنه لم يتم تأكيد قرار بايدن رسميًا، وقد لا يتم تأكيده أبدًا.. وقد كتب دونالد ترامب جونيور على تويتر، أن الرئيس بايدن يحاول «إشعال حرب عالمية ثالثة»، قبل أن يتولى والده منصبه، للمرة الثانية.
وعندما سُئل عن مدى شيوع اتخاذ إدارة رئاسية مثل هذا القرار السياسى المهم فى أشهرها الأخيرة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، إن بايدن «انتخب لفترة مدتها أربع سنوات، وليس ثلاث سنوات وعشرة أشهر».. وقال الرئيس الديمقراطى الأسبق، باراك أوباما، «سنستغل كل يوم من ولايتنا، فى متابعة المصالح السياسية التى نعتقد أنها تخدم مصالح الشعب الأمريكى.. وإذا أرادت الإدارة المقبلة أن تتبنى وجهة نظر مختلفة، فهذا بالطبع من حقها أن تفعل ذلك.. أما الآن، هناك رئيس واحد فى كل مرة، وعندما يتولى الرئيس التالى منصبه، فإنه يستطيع اتخاذ قراراته بنفسه».. بينما قال الرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، «إنه لن يتم الإعلان عن مثل هذا الأمر فى المستقبل، الصواريخ ستتحدث عن نفسها».
قبل شهرين من الآن، كتب ديفيد إجناطيوس، فى صحيفة «واشنطن بوست»، تعليقًا على عدم سماح بايدن استخدام كييف للصواريخ الأمريكية الصنع ATACMS بعيدة المدى ضد روسيا، إنه لن يكون الرئيس جو بايدن جيدًا فى لعب الدجاج، كما أظهر مرة أخرى الأسبوع الماضى.. وتعد «لعبة الدجاج» إحدى نظريات الألعاب، وتُعرف أيضًا باسم لعبة «الصقر ـ الحمامة»، أو لعبة التزحلق على الجليد، وهى نموذج للنزاع بين لاعبين.. وتصف عادةً طرفين متجهين نحو بعضهما البعض.. إذا استمرا على نفس المسار، سيصطدمان، وإذا انحرف أحدهما ولم يفعل الآخر، فإن المنحرف يخسر ويطلق عليه اسم الدجاجة «دلالة على الجبن»، بينما يفوز الثانى.. وبدلًا من المخاطرة بالانتقام الروسى، انحرف بايدن عن طلب الرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، باستخدام الصواريخ الأمريكية لضرب أهداف فى عمق روسيا.. وقد أدى ذلك إلى سخرية أنصار أوكرانيا من حذر بايدن، مُدَّعين أنه علامة على الضعف.. لكن هذا النقد يبدو سطحيًا للغاية..إذ لا ينبغى أن يكون ساكن البيت الأبيض متهورًا.. ولتجنب خطر التصعيد، كان بايدن يتبع نصيحة مستشاريه الاستخباراتيين، ويفى بالتزام أى رئيس بالحد من خطر الحرب النووية.
وكان على بايدن أن يتخذ خطوات عدوانية أخرى لدعم أوكرانيا، حتى لو رفض إعطاء الضوء الأخضر لضربات بعيدة المدى باستخدام صواريخ ATACMS، خصوصًا أن أوكرانيا المرهقة، بدأت تترنح تحت ضغط هذه الحرب الفظيعة.. قاعدة زيلينسكى السياسية مجزأة، وحرب استنزاف طويلة ستسحق أوكرانيا.. يجب على الولايات المتحدة وحلفائها مساعدة كييف على الفوز بتسوية عادلة قريبًا، حتى لو لم يكن النصر الكامل الذى يسعى إليه زيلينسكى.. وكانت روسيا تشير بصوت عالٍ أكثر من أى وقت مضى، إلى أن الضربات الصاروخية الأوكرانية بعيدة المدى، هى «خط أحمر».. أوكرانيا تضرب بالفعل فى عمق روسيا بأسرابها الخاصة من الطائرات بدون طيار والصواريخ.. لكن نظامATACMS، الذى يتطلب استهدافًا أمريكيًا، يختلف عند الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، الذى شدد على أنه من خلال الإعلان الأسبوع الماضى، أن روسيا تقوم بمراجعة عقيدتها النووية، للتعامل مع الهجمات التى تشنها دولة غير نووية، أوكرانيا تدعمها دولة نووية، الولايات المتحدة ـ على أنها «هجوم مشترك على الاتحاد الروسى».
ربما كان هذا مجرد «قعقعة سيوف».. لكن مسئولى الاستخبارات الأمريكية نصحوا بايدن، بأن هناك بعض المخاطر الحقيقية للتصعيد.. ويعتقد محللو الاستخبارات، أن بوتين يعتقد أن الولايات المتحدة وحلفاءها زادوا بشكل مُطرد دعمهم لأوكرانيا هذا العام.. تصور الزعيم الروسى، هو أن الغرب يضاعف جهوده، لمنع خسارة أوكرانيا، وإذا أمكن، لتحقيق النصر على الكرملين.. ومع أن بوتين أراد أن تتركز الحرب فى أوكرانيا، مع تقييد «قواعد الاشتباك» لكييف، فإن الغزو الأوكرانى المفاجئ لكورسك الشهر الماضى كسر تلك الحدود.. سبب آخر لخطاب بوتين التصعيدى، وهو أن روسيا عانت من خمسمائة وثلاثين ألف قتيل فى هذه الحرب، وفقًا لتقدير أوكرانى.
ولمنع الغرب، كان بوتين يصعد الحرب «أفقيًا، كما يعتقد المحللون، من خلال نقلها إلى جبهات جديدة.. ومن الأمثلة على ذلك، الهجمات الروسية هذا العام على شبكة الطاقة الأوكرانية.. والسبب الآخر، هو حملة التخريب المتنامية داخل دول حلف شمال الأطلسى، التى تنظمها المخابرات العسكرية الروسية، غالبًا ما ينفذها رجال العصابات المحليون.. التصعيد الثالث، هو تحالف بوتين العميق مع إيران وكوريا الشمالية، وهما دولتان تعامل معهما الكرملين بحذر فى الماضى.
فماذا سيفعل بوتين، وقد قرر بايدن السماح بضربات أعمق مع صواريخ ATACMS الأمريكية؟.
يعتقد المحللون، أن روسيا قد تسلح الخصوم الذين يهاجمون الولايات المتحدة بالفعل، مثل الحوثيين فى اليمن.. لكن عند تسليح الحوثيين، سيتعين على الكرملين النظر فى ردود فعل الدول المجاورة، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.. ومن خيارات التصعيد الأخرى، أن روسيا قد تضرب مراكز العبور فى بولندا لشحنات الأسلحة الأمريكية إلى أوكرانيا.. أو قد تستهدف العمليات الغربية فى أوكرانيا بشكل أكثر عدوانية، بضرب شركات الدفاع أو العمليات الاستخباراتية التى تساعد كييف.. ويمكنك تخيل مخاطر أخرى.. فقد أشار نائب وزير الخارجية، كورت كامبل، إلى أن روسيا تتقاسم تكنولوجيا الغواصات الحساسة للغاية مع الصين، ولا ندرى ما الأسرار الأخرى التى قد تشاركها مع إيران أو كوريا الشمالية، على سبيل المثال؟.. وقد سبق للرئيس الروسى السابق، ديمترى ميدفيديف، أن قال فى يونيو الماضى، إنه بسبب هجوم أوكرانى على خط أنابيب «نورد ستريم» الروسى، تشعر روسيا بأن لها ما يبررها فى قطع كابلات الاتصالات الغربية تحت سطح البحر.
فى مواجهة هذه المخاطر الاستراتيجية.. ما الفوائد التى ستوفرها ضربات ATACMS لأوكرانيا؟.
لا يعتقد المحللون الأمريكيون أن المكسب التكتيكى سيكون حاسمًا.. لقد نقلت روسيا بالفعل أسلحتها الرئيسية ومستودعات الأسلحة الكبيرة إلى ما وراء مدى ثلاثمائة كيلو متر.. ويمكن للصواريخ أن تضرب الخدمات اللوجستية ومراكز القيادة والسيطرة، لكن محللين أمريكيين يعتقدون أن أوكرانيا يمكن أن تستخدم بشكل أفضل، إمداداتها المتاحة من ATACMS لضرب أهداف فى مناطق أوكرانيا التى تحتلها روسيا، حيث أصبحت قبضة بوتين عرضة للخطر بشكل متزايد.. وكما تشير هذه القائمة القاتمة من الخيارات التصعيدية، فإن الصراع الأوكرانى ربما يكون أقرب ما يكون إلى حافة حرب شاملة بين القوى العظمى، منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.. فى أكتوبر 2022، عندما كانت الخطوط الروسية تنهار فى خيرسون وخاركيف، أخبرت الاستخبارات بايدن، أن هناك فرصة بنسبة 50 إلى50، أن يستخدم بوتين أسلحة نووية تكتيكية، وفقًا لمصدر مطلع.
ولمساعدة صناع القرار قبل عامين، أعد جراهام أليسون، الأستاذ فى جامعة هارفاردـ الذى كتب الدراسة الكلاسيكية «جوهر القرار»، تمرينًا لكبار المسئولين، لتذكيرهم بالكيفية التى تجنب بها الرئيس جون كينيدى الكارثة فى كوبا عام 1962، شمل مقتطفات من اجتماعات EX COMM التى وزن فيها كينيدى توصيات من جميع كبار مستشاريه تقريبًا، لقصف منشآت الصواريخ الروسية المضادة للطائرات، التى أسقطت طائرة تجسس U-2.. وعلى حافة الحرب، تراجع كينيدى خطوة إلى الوراء، قال للمجتمعين، «هل يمكننا أن نلتقى عند الساعة التاسعة مساءً، ويحصل الجميع على راحة لتناول الطعام، ثم يعودون ويرون؟».. ووفقًا لنسخة من تسجيلات اجتماعات EX COMM التى قدمها أليسون.. وبعيدًا عن حمى التصعيد، تحدث كينيدى مع شقيقه روبرت، وبدأ فى صياغة طريق نحو تسوية لحفظ ماء الوجه، مع الزعيم السوفيتى نيكيتا خروتشوف.
هذا يعيدنا إلى «لعبة الدجاج» التى يتمنى زيلينسكى أن يلعبها بايدن مع بوتين.. لاحظ هيرمان كان، الأب الروحى للاستراتيجية النووية، فى كتابه الصادر عام 1965 بعنوان «عن التصعيد»About escalation، أن لاعبًا «ماهرًا» فى تلك اللعبة قد يدخل سيارته وهو فى حالة سُكر واضح، أو يرتدى نظارات داكنة جدًا تحجب رؤيته.. وأنه قد يرمى عجلة القيادة من النافذة عندما يقترب من السيارة الأخرى.. «إذا كان خصمه يراقب، فقد فاز.. إذا كان خصمه لا يراقب، فلديه مشكلة».. يحتاج بايدن إلى مساعدة أوكرانيا بكل طريقة ممكنة خلال فترة حكمه المتبقية، لكن الحظ قد يغيب، لأنه يلعب لعبة متهورة، لها ما بعدها!!.
●●●
وما بعدها، أعلنه الكرملين، بأن روسيا سترد على ما وصفه بـ«قرار متهور من جانب إدارة جو بايدن»، بالسماح لأوكرانيا بإطلاق صواريخ أمريكية فى عمق روسيا، سيجر الولايات المتحدة مباشرة إلى الصراع، ويزيد من خطر المواجهة مع حلف شمال الأطلسى بقيادة الولايات المتحدة.. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمترى بيسكوف، إن «هذا القرار متهور وخطير، ويهدف إلى تغيير نوعى وزيادة مستوى تدخل الولايات المتحدة فى هذا الصراع»، وقد سبق أن أكد الرئيس فلاديمير بوتين، موقف روسيا، عندما تحدث فى سان بطرسبرج فى سبتمبر الماضى، أن الموافقة الغربية على مثل هذه الخطوة تعنى، «التدخل المباشر لدول حلف شمال الأطلسى والولايات المتحدة والدول الأوروبية فى الحرب فى أوكرانيا»، لأن البنية التحتية العسكرية وأفراد حلف شمال الأطلسى، سوف يتعين أن يشاركوا فى تحديد الأهداف وإطلاق الصواريخ.. من الواضح، أن الإدارة المنتهية ولايتها فى واشنطن، تنوى اتخاذ خطوات لمواصلة صب الزيت على النار، ومواصلة إثارة التوتر حول هذا الصراع فى أوكرانيا.. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» و«رويترز»، عن مصادر وصفتها بالقول، إن الخطوة الأمريكية جاءت جزئيًا ردًا على وصول جنود كوريين شماليين إلى منطقة كورسك الروسية للمساعدة فى صد التوغل الأوكرانى هناك.
وبينما قال نائب مستشار الأمن القومى الأمريكى، جون فينر، إن روسيا صعدت الصراع «بنشر قوات دولة أجنبية على أراضيها».. يقول المسئولون الروس، إنهم يستطيعون نشر أى قوات يريدونها داخل روسيا، وإن الخطوة الأمريكية، إذا تأكدت، ستكون استفزازية للغاية بالنسبة للإدارة المنتهية ولايتها، لكنها لن تغير نتيجة الحرب.. تسيطر أوكرانيا على نحو ستمائة وخمسين كيلو مترًا مربعًا من الأراضى الروسية فى كورسك، فى حين تسيطر روسيا، التى تتقدم بوتيرة أسرع من أى وقت مضى منذ بداية الحرب، على أكثر من مائة وعشرة آلاف كيلو متر مربع من أوكرانيا.. كان استيلاء أوكرانيا على جزء من منطقة كورسك هذا العام، بمثابة المرة الأولى التى يتم فيها استخدام الأسلحة الأمريكية على أراضٍ روسية ذات سيادة معترف بها دوليًا، منذ أن أرسلت روسيا قوات إلى أوكرانيا أوائل عام 2022.. وقد حذر الروس مرارًا وتكرارًا، من أن الغرب يلعب بالنار، من خلال استكشاف حدود ما يمكن أو لا يمكن لقوة نووية أن تتسامح معه.. لقد قام بوتين بتغيير العقيدة النووية الروسية، ليقول إن أى هجوم تقليدى على روسيا بمساعدة قوة نووية، يمكن اعتباره هجومًا مشتركًا على روسيا.. وفى أواخر أكتوبرالماضى، أكد أن وزارة دفاعه تعمل على طرق مختلفة، للرد إذا ساعدت الولايات المتحدة وحلفاؤها فى حلف شمال الأطلسى أوكرانيا، على ضرب عمق روسيا بصواريخ غربية بعيدة المدى.
●●●
وكما أثار قرار بايدن، ضرب أوكرانيا للعمق الروسى، بصواريخ أمريكية، فإن حلفاء الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، هاجموا بشدة القرار، الذى وصفه الكرملين بـ«التصعيد» فى الحرب.. واتهم مساعدون رئيسيون لترامب، بمن فيهم نجله دونالد ترامب جونيور، والجمهوريون المتشددون فى الكونجرس، وداعمون آخرون، بايدن بالسعى إلى إشعال فتيل «حرب عالمية ثالثة»، قبل تنصيب ترامب رئيسًا فى يناير.. كتب دونالد ترامب جونيور على موقع X، «يبدو أن المجمع الصناعى العسكرى يريد التأكد من بدء الحرب العالمية الثالثة، قبل أن تتاح لوالدى فرصة خلق السلام وإنقاذ الأرواح».. وكتب ريتشارد جرينيل، القائم بأعمال مدير الاستخبارات الوطنية خلال فترة ولاية ترامب الأولى، والذى كان يُنظر إليه كمرشح محتمل لمنصب وزير الخارجية، (لم يتوقع أحد أن يُصعِّد جو بايدن الحرب فى أوكرانيا خلال الفترة الانتقالية.. هذا كما لو كان يشن حربًا جديدة تمامًا.. لقد تغير كل شىء الآن، كل الحسابات السابقة أصبحت باطلة ولاغية».
لقد تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية، بإنهاء مشاركة الولايات المتحدة فى الحروب، واستخدام أموال دافعى الضرائب بدلًا من ذلك، لتحسين حياة الأمريكيين.. وقال إنه سينهى الحرب بين روسيا وأوكرانيا خلال أربعة وعشرين ساعة، دون أن يوضح كيف.. لكن هناك أمر واحد مؤكد: كان ترامب يرى نفسه دائمًا كصانع صفقات، ولن يرغب فى أن يحصل بايدن على أى قدر من هذا الفضل.
ومع أن السماح لأوكرانيا بإطلاق الصواريخ على روسيا، من غير المرجح أن يكون له تأثير حاسم، إلا أن قرار البيت الأبيض سوف يشكل معضلة للإدارة المقبلة، بشأن ما إذا كانت ستلغى تفويض بايدن لأوكرانيا على الفور بعد تنصيب ترامب، أو ستحتفظ به كورقة مساومة محتملة فى المفاوضات، التى قال الرئيس المنتخب إنه يريد عقدها من أجل إنهاء القتال.. وفى حين أدان ترامب وحلفاؤه على نطاق واسع، الدعم العسكرى المتزايد والمساعدات المالية للحكومة الأوكرانية، قال محللون إنه من غير الواضح، ما إذا كان ترامب سيتحرك على الفور لإلغاء القرار المتعلق بالصواريخ بعيدة المدى.
يقول مارك كانسيان، المستشار البارز فى مركز أبحاث الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومقره واشنطن، «فى اليوم الأول، قد يعلنون تعليق هذا التفويض، فى انتظار مراجعة السياسة تجاه أوكرانيا.. لكن هذا من شأنه أن يثير الكثير من الانتقادات، ويحيى كل هذه القصص حول بعض الصفقات مع بوتين».. إنه ليس من المؤكد أن ترامب سوف يلغى القرار على الفور.. «السبب الأول، هو أن التكلفة السياسية لا تستحق المكسب، ولكن ترامب أيضًا صانع صفقات، وهذا يعنى التنازل عن شىء دون الحصول على أى شىء فى المقابل.. البدء بتنازل، هو مجرد تكتيك تفاوضى سيئ».. وقد يدفع قرار البيت الأبيض الحلفاء الأوروبيين الذين يفرضون قيودًا مماثلة على استخدام صواريخهم بعيدة المدى فى أوكرانيا، إلى اتباع نفس النهج.. ومن المتوقع أن تزود المملكة المتحدة أوكرانيا بصواريخ Storm Shadow، لاستخدامها على أهداف داخل روسيا فى أعقاب قرار بايدن، حيث قال كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطانى، فى قمة مجموعة العشرين، إن المملكة المتحدة بحاجة إلى «مضاعفة» دعمها لأوكرانيا.
وتمسكت ألمانيا بموقفها بعدم تزويد أوكرانيا بصواريخ Taurus بعيدة المدى، فى حين قال الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، بالفعل إن باريس منفتحة على النظر فى إعطاء الضوء الأخضر، لاستخدام صواريخها لضرب الأراضى الروسية.. وقالت تيريزا فالون، مديرة مركز دراسات روسيا وأوروبا وآسيا فى بروكسل، إن ردود الفعل بين المسئولين العسكريين الأوروبيين كانت متباينة، حيث أبدى البعض قلقهم إزاء احتمالات التصعيد، فى حين أعرب آخرون عن «سعادتهم.. لأن أوكرانيا أصبحت قادرة الآن على استخدام المعدات دون قيود.. لكن هذا القرار جاء متأخرًا جدًا، وتحتاج أوكرانيا إلى أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها، واستخدام هذه المعدات للغرض الذى صممت من أجله.. ولكن، يجب أن نضع فى اعتبارنا، أن هذا لن يغير قواعد اللعبة، وأن هناك حاجة إلى المزيد من المعدات».
أكدت تيريزا «لا أستطيع أن أتنبأ بما سيفعله ترامب.. ولكن بمجرد أن يتم وضع هذه الأمور فى مكانها، سيكون هناك زخم لمواصلة استخدامها.. قد يكون من الصعب إعادتها إلى الصندوق.. ولكن من ناحية أخرى، إذا لم يكن هناك إعادة إمداد بالصواريخ، فإن استخدامها لأهداف فى روسيا سيكون قد انتهى».. فى حين أبدى الرئيس التنفيذى لشركة X Space، إيلون ماسك، وهو أحد المقربين من الرئيس الأمريكى المنتخب، دونالد ترامب، رأيه فى قرار الرئيس جو بايدن الواضح بالموافقة رسميًا على استخدام الصواريخ الأمريكية على أهداف فى عمق الأراضى الروسية، متفقًا مع منشور جاء فيه إن «الليبراليين ـ الديمقراطيين ـ يحبون الحرب».
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.