تدمير البرنامج النووي وإفلاس إيران.. ورقتان للضغط
تظل المرحلة الانتقالية في الرئاسة الأمريكية، حُبلى بما ينتظره الشرق الأوسط والقرن الإفريقي والحرب الروسية في أوكرانيا بالذات، على يد الرئيس المُنتخب دونالد ترامب، إذ يرى أشخاص مُطَّلعون على عملية انتقال السلطة في الولايات المتحدة، أن الإدارة الجديدة تعتزم إحياء سياسة (الضغط الأقصى)، بهدف (إفلاس) قدرة إيران على تمويل وكلائها الإقليميين وتعطيل تطوير الأسلحة النووية، التي قد تشهد تدميرًا لبرنامجها في طهران.. إذ قال هؤلاء، إن فريق السياسة الخارجية في إدارة ترامب، سيسعى إلى تشديد العقوبات على طهران، بما في ذلك صادرات النفط الحيوية، بمجرد عودة الرئيس المنتخب إلى البيت الأبيض في يناير القادم.. وقال خبير في الأمن القومي، مُطَّلع على انتقال ترامب، (إنه عازم على إعادة فرض استراتيجية الضغط الأقصى لإفلاس إيران في أقرب وقت ممكن).. وستُمثل الخطة تحولًا في السياسة الخارجية الأمريكية، في وقت يشهد اضطرابات في الشرق الأوسط، بعد أن أدى هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023، إلى موجة من الأعمال العدائية الإقليمية، ودفع حرب إسرائيل الخفية مع إيران إلى العلَن، مع أن ترامب أشار خلال حملته الانتخابية، إلى أنه يريد التوصل إلى اتفاق مع إيران، وقال في سبتمبر، (يتعين علينا التوصل إلى اتفاق، لأن العواقب مستحيلة.. يتعين علينا التوصل إلى اتفاق)، إلا أن المُطَّلعون على تفكير ترامب أكدوا، أن تكتيك الضغط الأقصى سيتم استخدامه، لمحاولة إجبار إيران على إجراء محادثات مع الولايات المتحدة، على الرغم من أن الخبراء يعتقدون أن هذا احتمال بعيد.. وكان الرئيس المنتخب قد شن حملة (أقصى قدر من الضغط) في ولايته الأولى، بعد الانسحاب من الاتفاق النووي، الذي وقعته إيران عام 2015 مع القوى العالمية، وفرض مئات العقوبات على الجمهورية الإسلامية.. وردًا على ذلك، كثَّفت طهران نشاطها النووي، وتقوم بتخصيب اليورانيوم إلى مستوى قريب من مستوى الأسلحة.
وظلت العقوبات سارية خلال إدارة الرئيس، جو بايدن، لكن المحللين يقولون إن الإدارة الأمريكية الحالية لم تُطبقها بصرامة، كما سعت لإحياء الاتفاق النووي مع إيران وتخفيف الأزمة.. فارتفعت صادرات إيران من النفط الخام بأكثر من ثلاثة أضعاف في السنوات الأربع الماضية، من مستوى منخفض بلغ أربعمائة ألف برميل يوميًا عام 2020، إلى أكثر من مليون ونصف المليون برميل يوميًا خلال عام 2024، حيث تذهب جميع الشُحنات تقريبًا إلى الصين، وفقًا لوكالة معلومات الطاقة الأمريكية.
ويعمل فريق ترامب الانتقالي على صياغة أوامر تنفيذية ـ كما تقول فيليسيا شوارتز وأندرو إنجلاند، في صحيفة Financial Times ـ يُمكن أن يُصدرها ترامب في يومه الأول في المكتب البيضاوي لاستهداف طهران، بما في ذلك تشديد وإضافة عقوبات جديدة على صادرات النفط الإيرانية.. وقال بوب ماكنالي، رئيس شركة رابيدان إنرجي الاستشارية، والمستشار السابق في شئون الطاقة لإدارة جورج دبليو بوش، (إذا ما ذهبوا إلى أبعد من ذلك.. فإنهم قد يُخفضون صادرات النفط الإيرانية إلى بضع مئات الآلاف من البراميل يوميًا.. إنها مصدر دخلهم الرئيسي، واقتصادهم أصبح بالفعل أكثر هشاشة مما كان عليه في ذلك الوقت.. إنهم في وضع أسوأ بكثير من الفترة الأولى، وسيكون الوضع سيئًا للغاية).
وحث مستشارو الرئيس المنتخب، على التحرك بسرعة بشأن طهران، حيث قال أحد الأشخاص المُطَّلعين على خطته، إن الرئيس الأمريكي الجديد سيوضح (أننا سنتعامل مع تطبيق العقوبات على إيران بجدية بالغة).. وكان مايك والتز، مستشار الأمن القومي الجديد لترامب، قد ساعد في تمرير تشريع أثناء عضويته في مجلس النواب، والذي من شأنه أن يفرض عقوبات ثانوية على المشتريات الصينية من النفط الخام الإيراني.. ولم يتم تمرير مشروع القانون في مجلس الشيوخ.. ويؤكد مُطَّلعون على عملية الانتقال، على أن حملة الضغط القصوى، تهدف إلى حرمان إيران من الإيرادات اللازمة لبناء جيشها، أو تمويل مجموعاتها بالوكالة في المنطقة.. لكن الهدف في نهاية المطاف، هو دفع طهران إلى التفاوض على اتفاق نووي جديد وتغيير سياساتها الإقليمية، التي تقوم على دعم طهران للجماعات المسلحة في مختلف أنحاء المنطقة، والتي كانت تطلق الصواريخ على إسرائيل على مدار العام الماضي.. كما تبادلت إسرائيل وإيران الهجمات الصاروخية المباشرة ضد بعضهما البعض.. وقال خبير الأمن القومي، (نأمل أن يكون ذلك حافزًا لحملهم على الموافقة على مفاوضات بحسن نية، من شأنها أن تعمل على استقرار العلاقات، وحتى تطبيعها يومًا ما، لكنني أعتقد أن شروط ترامب لذلك ستكون أصعب بكثير مما قد يكون الإيرانيون مستعدين له).
●●●
من بين أعضاء فريق الأمن القومي في إدارة ترامب، شخصيات بارزة، من بينها مرشحه لمنصب وزير الخارجية، ماركو روبيو، ومايك والتز مستشار الأمن القومي، اللذين دعا إلى اتباع نهج متشدد تجاه إيران.. قال والتز خلال فعالية أُقيمت في أكتوبر الماضي بالمجلس الأطلسي، (قبل أربع سنوات فقط.. كانت عملتهم ـ أي الإيرانيين ـ في حالة انهيار، وكانوا في موقف دفاعي حقيقي.. ونحن بحاجة إلى العودة إلى هذا الوضع).. في حين حث وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، فريق ترامب، على عدم محاولة ممارسة أقصى قدر من الضغوط مرة أخرى، مشيرًا إلى التقدم النووي الإيراني في السنوات التي تلت تخلي ترامب عن الاتفاق، (إن محاولة ممارسة أقصى قدر من الضغط، لن تؤدي إلا إلى تحقيق أقصى قدر من الهزيمة.. الفكرة الأفضل، هي تجربة أقصى قدر من الحكمة، لصالح الجميع).. في حين أكدت الحكومة الإيرانية الجديدة، بقيادة الرئيس الإصلاحي، مسعود بزشكيان، إنها تريد إعادة التواصل مع الغرب بشأن الأزمة النووية، في محاولة لضمان تخفيف العقوبات لتعزيز اقتصاد البلاد المُتعثِّر.. وبعد إجراء محادثات مع رافائيل جروسي، رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في طهران قبل أيام، نشر عراقجي على موقعX، إن طهران مستعدة للتفاوض (على أساس مصلحتنا الوطنية وحقوقنا غير القابلة للتصرف، لكنها غير مستعدة للتفاوض تحت الضغط والترهيب!).
وحتى لو كان كلا الجانبين على استعداد للحديث، فإن فُرص تحقيق تقدم ضئيلة.. ليقول كريم سجادبور، الزميل البارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، (السؤال الكبير، هو ما إذا كان آية الله خامنئي على استعداد لإبرام صفقة نووية وإقليمية، مع الرجل الذي قتل قاسم سليماني.. من الصعب تصور اتفاق نووي أو إقليمي، يُمكن أن يكون مقبولًا لدى رئيس وزراء إسرائيل والزعيم الأعلى لإيران).. وقد واجه المسئولون السابقون في إدارة ترامب، بمن فيهم الرئيس المُنتخب، تهديدات متزايدة من إيران، منذ أن أمر ترامب باغتيال القائد الإيراني الأعلى، قاسم سليماني، في يناير 2020.. وفي الأسبوع الماضي، اتهمت وزارة العدل الأمريكية الحكومة الإيرانية بتوظيف رجل، لتنفيذ اعتيالات أعداء النظام المفترضين، بمن في ذلك ترامب، وقد نفت إيران تورطها في أي مؤامرة لقتل ترامب.. بل إن تقريرًا نشرته صحيفة (نيويورك تايمز)، عن لقاء رجل الأعمال المُقرَّب من ترامب، إيلون ماسك، مع السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، لمناقشة تخفيف التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، أثار توقعات بأن ترامب قد يتطلع إلى إبرام صفقة مع طهران.
●●●
وإذا كان الضغط الأمريكي الأقصى يستهدف إفقاد طهران قدرنها على دعم حلفائها في الشرق الأوسط، وتعطيل برنامجها النووي، إلا أن صحيفة (وول ستريت جورنال)، تؤكد إن الولايات المتحدة تريد إرسال رسالة لطهران بتدمير المخابئ النووية الإيرانية تحت الجبال، بعد أن أدى الهجوم الإسرائيلي على إيران في أواخر أكتوبرالماضي، إلى تدمير منشأة نشطة سرية لأبحاث الأسلحة النووية في منطقة بارشين.. هذه الضربة ـ التي استهدفت موقعًا قِيل سابقًا إنه غير نشط ـ ألحقت أضرارًا كبيرة بجهود إيران على مدار العام الماضي لاستئناف أبحاث الأسلحة النووية، لأنها دمرت مُعدات متطورة تُستخدم لتصميم المتفجرات البلاستيكية، التي تحيط باليورانيوم في الجهاز النووي، والتي تعتبر ضرورية لتفجيره.. وكان أحد أهداف الضربة الإسرائيلية هو منشأة (طالقان 2) في مجمع بارشين العسكري، على بعد حوالي عشرين ميلًا جنوب شرق طهران، وهي جزء من برنامج الأسلحة النووية الإيراني (عماد)، حتى أوقفت إيران برنامجها النووي العسكري عام 2003، واستُخدمت لاختبار المتفجرات اللازمة لتفجير جهاز نووي، وفقًا لمعهد العلوم والأمن الدولي.. وقد أظهرت صور عالية الدقة التقطتها الأقمار الصناعية، والتي حصل عليها المعهد بعد الغارة الإسرائيلية، تدمير مبنى (طالقان 2) بالكامل.
مسئولون إسرائيليون وأمريكيون كشفوا للصحفي باراك رافيد، في AXIOS، أن النشاط الذي حدث مؤخرًا في منشأة (طالقان 2)، كان جزءًا من جهد داخل الحكومة الإيرانية، لإجراء أبحاث يمكن استخدامها لتطوير الأسلحة النووية، ولكن يمكن أيضًا تقديمها على أنها أبحاث لأغراض مدنية، (لقد أجروا أنشطة علمية من شأنها أن تمهد الطريق لإنتاج سلاح نووي.. وكان الأمر سريًا للغاية.. وكان جزءًا صغيرًا من الحكومة الإيرانية على علم بهذا الأمر، لكن أغلب أعضاء الحكومة الإيرانية لم يكونوا على علم به).. وبدأت الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية في رصد نشاط بحثي في بارشين في وقت سابق من هذا العام، بما في ذلك قيام علماء إيرانيين بإجراء أبحاث في مجال النمذجة الحاسوبية والمعادن والمتفجرات، التي يمكن استخدامها في صنع الأسلحة النووية.
في يونيو الماضي، حذر مسئولون في البيت الأبيض الإيرانيين بشكل خاص، في محادثات مباشرة، بشأن أنشطة البحث المشبوهة، حسبما ذكر موقع AXIOS.. وقال هؤلاء، إن الولايات المتحدة كانت تأمل أن يؤدي التحذير إلى دفع الإيرانيين إلى وقف أنشطتهم النووية، إلا أنهم واصلوا ذلك، وفي الأشهر التي سبقت الهجوم الإسرائيلي، (كان هناك قلق على كافة الأصعدة)، بشأن النشاط الإيراني في منشأة (طالقان 2).. وقد أدت أبحاث الأسلحة النووية الإيرانية، إلى دفع مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية إلى تغيير تقييمه للبرنامج النووي الإيراني.. إذ ذكرت صحيفة (وول ستريت جورنال) في أغسطس الماضي، أن تقرير مدير الاستخبارات الوطنية المُقدم إلى الكونجرس، لم يتضمن جملة ظهرت في تقييمات الاستخبارات في السنوات الأخيرة، والتي تقول إن إيران (لا تقوم حاليًا بأنشطة تطوير الأسلحة النووية الرئيسية اللازمة لإنتاج جهاز نووي قابل للاختبار).
وعندما أعدت إسرائيل ردها على الهجوم الصاروخي الضخم الذي شنته إيران في الأول من أكتوبر الماضي، تم اختيار منشأة (طالقان 2) كهدف، مع أن بايدن طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عدم مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، حتى لا يؤدي ذلك إلى إشعال حرب مع إيران.. لكن (طالقان 2) لم يكن جزءًا من البرنامج النووي الإيراني المُعلن، وبالتالي لن يتمكن الإيرانيون من الاعتراف بأهمية الهجوم، دون الاعتراف بانتهاكهم لمعاهدة حظر الانتشار النووي.. وقد كانت (الضربة رسالة غير مباشرة، مفادها أن الإسرائيليين لديهم رؤية مهمة في النظام الإيراني، حتى عندما يتعلق الأمر بأمور ظلت سرية للغاية، ومعروفة لمجموعة صغيرة للغاية من الأشخاص في الحكومة الإيرانية).
ومن المقرر أن يجتمع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومن المتوقع أن يصوت على قرار يدين إيران، بسبب افتقارها إلى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. وقالت إيران إنها قد ترد على ذلك بتقييد تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد زار المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي إيران، الأسبوع الماضي، قبل اجتماع مجلس الإدارة.. إلا أن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قال لجروسي، إن إيران مستعدة للتفاوض مع مجموعة الدول الأوروبية الثلاث، فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، (بشأن برنامجها النووي السلمي.. لكنها غير مستعدة للتفاوض تحت الضغط والترهيب).
●●●
ذات يوم، أعرب الزعيم البروسي، فريدريك الكبير، عن أسفه قائلًا، (لقد فشلت طرق التفاوض حتى الآن، والمفاوضات بدون أسلحة لا تخلف أي تأثير يُذكر، مثل النوتات الموسيقية بدون آلات).. ويمكننا أن نقول نفس الشيء عن المفاوضات النووية مع إيران.. فقد سبق ونجحت إدارة الرئيس الأسبق، باراك أوباما، في إبرام اتفاق مؤقت، وتخلت عن فرض عقوبات جديدة، وأزالت فعليًا الخيار العسكري من على الطاولة، فأدى الاتفاق المؤقت إلى تقويض نفوذ الولايات المتحدة وشركائها.. كما أدى إلى ارتفاع عائدات إيران من تصدير النفط، في حين ظل توقيت انطلاقتها النووية دون تغيير، بسبب زيادة كفاءة أجهزة الطرد المركزي، كما هو مسموح به في الاتفاق، واستمرت طهران في منع المفتشين من الوصول إلى المنشآت النووية الرئيسية، ولن تؤدي التوترات الأخيرة مع روسيا في أوكرانيا، إلا إلى خلق فرص جديدة لإيران لاستغلال الولايات المتحدة في المفاوضات.
وبعد كل هذا الوقت، أدركت الولايات المتحدة، أهمية الضغوط العسكرية الإسرائيلية ضد برنامج الأسلحة النووية الإيراني، والذي تم تحصين بعض أجزائه ودفنها تحت الأرض.. وفي عام 2012، وقع الرئيس أوباما على قانون تعزيز التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والذي نص على تسليم إسرائيل طائرات التزود بالوقود جوًا، والذخائر الخارقة للتحصينات.. وتمتلك إسرائيل الآن قنابل خارقة للتحصينات تزن ألفين وخمسة آلاف رطل، لكن، يتعين على الولايات المتحدة تزويد إسرائيل بالقدرة على الوصول إلى المواقع النووية الإيرانية المدفونة تحت الأرض وتدميرها.. ويمكن للولايات المتحدة أن تفعل هذا، من خلال توفير عدد مناسب من القنابل الخارقة للتحصينات من طراز GBU-57 التي تزن ثلاثين ألف رطل، والمعروفة باسم القنبلة الخارقة للتحصينات الضخمة أو MOP، وعدة قاذفات من طراز B-52.
لقد طور البنتاجون قنبلة MOP خصيصًا لتدمير الأهداف المحصنة.. ويمكن لهذه القنبلة أن تخترق عمقًا يصل إلى مائتي قدم تحت الأرض قبل أن تنفجر، وهي قدرة أكثر من كافية لإلحاق أضرار جسيمة بالبرنامج النووي الإيراني.. ولا توجد قيود قانونية أو سياسية على بيع قنابل MOP لإسرائيل..ومع وجود مخزون تشغيلي في قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري، فإن الولايات المتحدة لديها ما يكفي في ترسانتها لتقاسمها.. ولكن إسرائيل تفتقر أيضًا إلى الطائرات القادرة على حمل القنبلة النووية العملاقة.. وهذا يعني أن الولايات المتحدة سوف تحتاج إلى توفير طائرات قادرة على حمل مثل هذه الحمولة الثقيلة.. ولا تستطيع القيام بهذه المهمة، سوى اثنتين: القاذفة بي ـ52 والقاذفة الشبح بي ـ2.. والولايات المتحدة لا تمتلك سوى عشرين طائرة من طراز بي ـ2، ولن تشارك في مثل هذا العنصر الأساسي من الردع النووي.. كما أن البنتاجون غير مستعد للتخلي عن طائرات بي ـ52 العاملة.. ومن بين الطائرات البالغ عددها 744 التي تم بناؤها منذ عام 1955، تم إخراج جميع الطائرات باستثناء ثمانين منها تقريبًا من الخدمة، وإرسالها إلى (مقبرة) قاعدة ديفيس مونثان الجوية في أريزونا، وامتثالًا لالتزامات معاهدة الحد من الأسلحة، أصبحت معظمها غير صالحة للعمل.. ومع تأخر خطط بناء قاذفة بعيدة المدى جديدة، بسبب خفض الإنفاق الدفاعي وتخفيض الميزانية، فإن الخطط الحالية تدعو إلى إبقاء طائرات بي ـ52 العاملة في الخدمة لمدة عشرين عامًا أخرى على الأقل.
هناك أكثر من عشرة من أحدث قاذفات بي ـ52 إتش، التي بُنيت في أوائل ستينيات القرن العشرين، مُخزنة في الهناجر، ومن المقرر تسليم بعض هذه القاذفات إلى إسرائيل.. ولا توجد أي عوائق قانونية أو سياسية تحول دون نقلها؛ بل يتعين فقط تجديدها وتعديلها بحيث تتمكن من حمل القنبلة.. نقل القنابل اليدوية والقاذفات من طراز بي ـ52 إتش إلى إسرائيل، من شأنه أن يرسل إشارة إلى حليفتها، التي تمتلك الإرادة بالفعل، بأنها أصبحت قادرة الآن على منع إيران من التحول إلى دولة نووية.. وبمجرد تسليم هذه القنابل، فسوف يتم إخطار إيران بأن برنامجها النووي سوف ينتهي بطريقة أو بأخرى.. وقد صدق أوباما، عندما تعهد عام 2012، (سنفعل كل ما يلزم للحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، لأن إسرائيل لابد أن تتمتع دائمًا بالقدرة على الدفاع عن نفسها، بنفسها، ضد أي تهديد).. ومن شأن نقل القنابل اليدوية والقاذفات من طراز بي ـ52 إلى إسرائيل، أن يساعد في الحفاظ على هذا التعهد.. وقد وصلت بالفعل، إحدى هذه الطائرات، إلى قاعدة العيديد العسكرية الأمريكية في قطر.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.