رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى معنى إحياء النصر للسيارات

لو أن مراكز قياس الرأى العام تابعت فرحة المصريين بعودة نشاط شركة النصر للسيارات، كان من الممكن لنا أن نعرف قيمة أملاك الدولة لدى الناس، فى القطاع العام المنتج يتحول العامل إلى مالك، هذه الملكية ترمى بجذور هذا العامل إلى عمق الأرض، فيتحول الأمر من مجرد أكل عيش إلى وطنية خالصة.
و«شركة النصر لصناعة السيارات» رمز وطنى كبير، لها فى الوجدان العام محبة وانتماء وشرف الافتخار بالمنتج المصرى، خاصة أن هذا المنتج يندرج تحت بند الصناعات الثقيلة، تعود الآن للعمل وسط طموحات مرتفعة لوزارة قطاع الأعمال بأن تكون الشركة على قدر كبير من المنافسة وأن تحقق لمصر اسمًا على خريطة صانعى السيارات فى العالم، تعود الشركة والسوق الإفريقية تفتح ذراعيها لها فى اشتياق للمنتج الإفريقى الذى يتعامل مع أحدث التقنيات العلمية فى صناعة السيارات ويضرب دوائر التجار والسمسرة والاحتكار. 
لا أعرف الكثير عن التفاصيل والمخاوف، ولكننى أعرف جيدًا زنه كلما شب مصنع تراجع الإرهاب، الصناعة والطبقة العاملة ليست مجرد ورديات وبضائع مكدسة فى المخازن، ولكنها سلوك وثقافة جديدة تتوالد مع انضباط العامل فى مواعيده وتتطور مع تقدم خبراته وفق منظومة جماعية، لذلك فرحت بمنهج التفكير الذى يتجه لإحياء القلاع الصناعية التى نهشها الفساد فى أزمنة متعاقبة، مع الصناعة ندخل التاريخ والابتعاد عنها من المؤكد هو خروج من التاريخ لذلك اتفق مع الذين قالوا إن إحياء نشاط شركة النصر للسيارات يعتبر لحظة تاريخية فارقة تنتظر البناء عليها.
فى شأن صناعة السيارات، التفت إلى تجربة الهند التى عالجت ضيق شوارعها وإلى سيادة الطبقة الوسطى هناك، لذلك كان لزامًا عليهم التعامل مع هذه الطبيعة وإنتاج ما يتوافق معها من سيارات خاصة صغيرة الحجم، وما أشد الشبه بين واقعنا وواقع المجتمع الهندى حتى فى إبداء المشاعر يتلاحظ اللطف الهندى قريب من المزاج المصرى، وهو ما يدفعنا إلى ضرورة الاستفادة من التجربة الهندية كى نمشى فى طريق إشباع السوق المحلية بما يتوافق مع ظروفه، هذا الاتجاه سوف يُحد بشكل كبير من مظاهر النفخة الكاذبة التى نراها على الطرق من سيارات هشة ضخمة الحجم قليلة الجودة.
أعرف بالطبع أن الشركة سوف تتعامل بمنطق احتياجات السوق بالمنطقة والتصدير وجلب الدولارات، وهذا جيد ولكن المسئولية الوطنية والاجتماعية لشركة كبيرة مثل النصر للسيارات تفرض عليها تحقيق واحد من الأحلام بسيارة ركوب شعبية صغيرة الحجم منخفضة التكاليف، هنا سوف نجد أنفسنا أمام صرح صناعى يأخذ من المجتمع ويعطيه.
قال وزير قطاع الأعمال فى المؤتمر: «إن ما نراه اليوم يمثل نقطة البداية فى خطة متكاملة لعودة عملاق النصر للسيارات فى جميع الأقسام والأنشطة الإنتاجية لتشمل أتوبيسات وسيارات ركوب ومينى باص ونقل خفيف، مع نقل التكنولوجيا الحديثة وتوطين الصناعات المغذية، وتعظيم المكون المحلى وتوفير خدمات الصيانة، بما يضمن تحقيق معايير الاستدامة والتوافق مع الاشتراطات البيئية».
هذا التصريح يمكن اعتباره تعهدًا من الدولة تجاه هذه الصناعة الواعدة، وهو «مانيفستو واضح» وملزم وطموح وهو ما يدفعنا لمتابعة هذا التعهد لتعود بلادنا رائدة بحق فى مجال الصناعة، ولكى نطمئن إلى المستقبل نريد مزيد من المبادرات المشابهة، لذلك قلت فى بداية المقال إن أجهزة قياس الرأى العام لو تابعت فرحة المصريين بعودة النصر للسيارات لعرفنا قيمة الصناعة وأهمية القطاع العام وقدسية المال العام.