خطة ترامب.. دفع نحو حافة الهاوية دون السقوط!!
فى المؤتمر الصحفى، الذى عقده رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، أمس، مع رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، فى البيت الأبيض، لم يكن هناك احتمال للقول بأن «ما خفى كان أعظم»، لأن الظاهر هو الأعظم، والخفى هو الأقل وطأة.. ولأن لسان ترامب يسبق عقله، فيدفعه للحديث عن كل شىء دون مواربة، لذلك، فقد ارتكب خطأ، حينما قال إن هناك دولًا عربية لا تريد حماس فى غزة، وأنها تنتظر الخلاص من مشلكة الفلسطينيين فى القطاع، ما دفع دولة، كالمملكة العربية السعودية، لإصدار بيان، على الفور، أكدت فيه، وزارة الخارجية، أن موقف المملكة من قيام الدولة الفلسطينية موقف راسخ وثابت لا يتزعزع، حيث شدد على أن المملكة لن تتوقف عن عملها الدءوب فى سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وأن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون ذلك.. وأن هذا الموقف الثابت ليس محل تفاوض أو مزايدات، وأن السلام الدائم والعادل لا يمكن تحقيقه، دون حصول الشعب الفلسطينى على حقوقه المشروعة، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، وهذا ما سبق إيضاحه للإدارة الأمريكية السابقة والإدارة الحالية.
وفى محادثات البيت الأبيض، مع رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، زعم ترامب أنه قادر على ترتيب عمليات نقل المستوطنات فى غزة، قائلًا، إن السعودية لم تطالب بدولة فلسطينيةـ كما ذكر عميحاى ستاين، فى صحيفة «جيروزالم بوست» العبرية- وذلك ما دفع مستشار الأمن القومى الأمريكى، مايك والتز، إلى القول، بأن مقترح ترامب بالسيطرة على غزة، يهدف إلى الضغط على الدول العربية المجاورة للتوصل إلى حل خاص بها، «هذا الضغط من شأنه أن يدفع المنطقة بأكملها إلى التوصل إلى حلول خاصة بغزة».
وكان ترامب قد اقترح إعادة توطين الفلسطينيين النازحين فى غزة، بشكل دائم خارج القطاع الذى مزقته الحرب، واقترح أن تتولى الولايات المتحدة «الملكية» فى إعادة تطوير المنطقة وتحويلها إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»!!.. مع أن الاقتراح المُستفز الذى قدمه ترامب سوف يزعزع استقرار المرحلة التالية من المحادثات بين إسرائيل وحماس، التى تهدف إلى تمديد وقف إطلاق النار الهش بينهما، وتأمين إطلاق سراح الرهائن المتبقين المحتجزين فى غزة.. وقد جاءت تعليقات ترامب الاستفزازية، فى الوقت الذى تتصاعد فيه المحادثات، مع الوعد بزيادة المساعدات الإنسانية وإمدادات إعادة الإعمار، لمساعدة سكان غزة على التعافى بعد أكثر من خمسة عشر شهرًا من الصراع المدمر.. والآن يريد ترامب دفع أكثر من مليونى شخص لمغادرة الأرض، التى هى وطنهم، والمطالبة بها للولايات المتحدة، ربما بقوات أمريكية.. إذ قال ترامب فى المؤتمر الصحفى مع نتنياهو، «ستتولى الولايات المتحدة قطاع غزة، وسنقوم بعملنا هناك أيضًا».. وأضاف الرئيس الذى صنع اسمه كمطور عقارات فى نيويورك، «سنتأكد من أن ذلك سيتم على مستوى عالمى.. سيكون رائعًا للشعب، الفلسطينيين فى الغالب».
وقال ترامب إن الولايات المتحدة ستعيد تطوير المنطقة، بعد إعادة توطين الفلسطينيين فى أماكن أخرى، وتحويل المنطقة إلى مكان يعيش فيه «شعوب العالم»!!، بما فى ذلك الفلسطينيون.. ولم يقدم أى تفاصيل حول السلطة التى ستستخدمها الولايات المتحدة للاستيلاء على الأرض وتطويرها، خصوصًا وأن مصر والأردن وحلفاء آخرون للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، حذروا ترامب من أن نقل الفلسطينيين من غزة، من شأنه أن يهدد استقرار الشرق الأوسط، ويخاطر بتوسيع الصراع، ويقوض الجهود التى بذلتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على مدى عقود من الزمن، من أجل حل الدولتين.. ومع ذلك، يصر ترامب على أن الفلسطينيين «ليس لديهم بديل»، سوى مغادرة «الحطام الكبير» الذى تمثله غزة.. وقد تحدث ترامب فى الوقت الذى أكد فيه كبار مساعديه، أن الجدول الزمنى لإعادة إعمار المنطقة التى مزقتها الحرب، والذى يتراوح بين ثلاث وخمس سنوات، كما هو منصوص عليه فى اتفاق الهدنة المؤقتة، غير قابل للتطبيق.
«انظروا إلى العقود الماضية، كل شىء كان موتًا فى غزة.. هذا يحدث منذ سنوات.. كل شىء كان موتًا.. إذا تمكنا من الحصول على منطقة جميلة لإعادة توطين الناس بشكل دائم، فى منازل جميلة، حيث يمكنهم أن يكونوا سعداء ولا يتعرضون لإطلاق النار ولا يقتلون ولا يُطعنون حتى الموت، كما يحدث فى غزة».. هكذا تحدث ترامب الذى لا يستبعد نشر قوات أمريكية فى غزة.. وهو يتصور ملكية أمريكية «طويلة الأمد» لإعادة تطوير المنطقة.. الأمر الذى استقبله الديمقراطيون فى الولايات المتحدة بقدر من القلق، فى حين أبدى حلفاؤه الجمهوريون قدرًا من التشكك.. قال السيناتور الديموقراطى، كريس مورفى: «لقد فقد عقله تمامًا.. هل يريد غزوًا أمريكيًا لغزة، الأمر الذى من شأنه أن يكلف الآلاف من الأرواح الأمريكية، ويشعل الشرق الأوسط لمدة عشرين عامًا مقبلة؟.. إنه أمر مُقزز».. وقال السيناتور الجمهورى، ليندسى جراهام، حليف لترامب، «سنرى ما يقوله أصدقاؤنا العرب عن هذا الأمر.. وأعتقد أن معظم سكان الولايات المتحدة ربما لا يشعرون بالحماس، لإرسال الأمريكيين للسيطرة على غزة.. أعتقد أن هذا قد يكون مشكلة».
ليس ذلك فحسب، بل إن ترامب أشار إلى أنه قد يعيد النظر فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، كجزء من حل الدولتين الأوسع للصراع الإسرائيلى- الفلسطينى المستمر منذ عقود.. وهو ما يفسره قوله للصحفيين، عندما سئل عما إذا كان لا يزال ملتزمًا بخطة مثل تلك التى طرحها عام 2020، والتى دعت إلى إقامة دولة فلسطينية: «حسنًا، تتغير الكثير من الخطط بمرور الوقت.. لقد حدث الكثير من الموت منذ أن غادرت، والآن عدت».
يسعى ترامب إلى تبنى نهج جذرى فى التعامل مع التحديات التى تواجه غزة.. فبدلًا من المحاولة فى الحلول القديمة التى لم تنجح حتى الآن، يقترح إعادة توطين سكان غزة فى مكان آخر، وإعادة بناء غزة فى الأمد البعيد، على طريقته.. وهذا يختلف عن إعادة الإعمار فى الماضى، عندما كانت حماس تدير غزة.. لقد بدأت خطة ترامب بشأن غزة تتبلور الآن.. ولكن من الواضح أن المنطقة ستواجه مقاومة شرسة، حيث لا ترغب مصر والأردن فى استقبال مئات الآلاف من سكان غزة.. أما قطر وتركيا، وهما حليفتان للولايات المتحدة، فقد دعمتا حماس ولن ترغبا فى أن تفقد حماس موقعها فى غزة.. ولكن ليس من الواضح حتى الآن، ما إذا كانت إسرائيل سوف تتفق تمامًا مع هذه الخطة، لأن سياستها على مدى العقد والنصف الماضيين، كانت تتلخص فى قبول حكم حماس فى غزة.. وحتى خلال خمسة عشر شهرًا من الحرب، لم تتوصل الحكومة قط إلى خطة لإخراج حماس من غزة.
إن القصة الحقيقية وراء تبنى ترامب نهجًا متطرفًا فى التعامل مع غزة، يمكن إيجادها فى المثل القائل «جز العشب لكشف الثعابين».. والمفهوم هنا، هو أنك فى حالة الصراع تقوم بشىء مذهل، مثل جز العشب، وهذا يؤدى إلى كشف العدو عن موقعه.. والواقع أن النقطة المهمة هنا، هى أنه إذا قمت بشىء غير متوقع، فقد يكشف العدو عن موقعه.. ولا يتعين أن يكون هذا مرتبطًا بالحرب؛ بل قد يكون مرتبطًا بالسياسة.. فما الذى يجعل ترامب يطرح اقتراحًا، من شأنه «جز العشب» فى الشرق الأوسط؟.
قد لا يكون الهدف هو ما يقوله ترامب بحتًا؛ فقد يفترض أن أكثر من مليونين من سكان غزة، ربما لا يرغبون فى مغادرة غزة.. ولكن إذا جز العشب باقتراح مثل هذه السياسة المتطرفة، فمن الممكن أن يدرك بعض البلدان فى المنطقة، أن الولايات المتحدة جادة وتقرر التعامل مع تحدى غزة بمزيد من الصراحة.. لقد نظر بعض دول المنطقة إلى غزة باعتبارها قضية ساخنة، ولا تريد أن يكون لها أى علاقة بها.. وهذا أحد الأسباب التى أدت إلى السماح لحماس بحكم غزة منذ عام 2007.. ومن الواضح أنه لم يكن ينبغى السماح لحماس بالحكم فى غزة، ولكن العديد من الدول لم تهتم بما يكفى لمنعها.. فقد انسحب الاتحاد الأوروبى من مهمة مراقبة عند معبر رفح الحدودى.. وراقبت إسرائيل الأمر ودعته يحدث.. ولم تمانع الولايات المتحدة.. فسيطرت حماس على غزة، وخاضت على مدى عشرين عامًا حروبًا لا تنتهى.. وفى ضوء ما سبق، كان ينبغى للمنطقة بأسرها أن تمنع هذا الجحيم من التجسد، كما يقول سيث فرانتزمان، فى جيروزاليم بوست.
لقد جلبت حماس الجحيم إلى غزة.. كما تلقت الدعم من الخارج- من إيران وتركيا وقطر ودول أخرى- كما تسللت حماس إلى الغرب وتمكنت حتى من إقناع الولايات المتحدة بقبول إقامة قادتها فى قطر.. علاوة على ذلك، نجحت حماس فى تأمين شراكات مع منظمات الأمم المتحدة، والمؤسسات الإعلامية، والمنظمات غير الحكومية الطبية، وغيرها من الكيانات، أثناء سيطرتها على غزة. وتغلغلت حماس فى كل جانب من جوانب الحياة فى غزة لاستغلالها فى الحرب.. لذلك، فإن ترامب يجز العشب باقتراحه، ظنًا منه أن كل هذا سوف ينتهى الآن.. فإذا غادر سكان غزة، فلن تتمكن حماس من استخدامهم.. وإذا غادر سكان غزة، فلن تتمكن حماس من استغلال المساعدات الإنسانية.. وربما يتمكن ترامب من تأمين الفوز هنا.. ليس من خلال دفع الجميع إلى مغادرة غزة، كما فى اقتراح «التحريك»، ولكن من خلال صدمة الجميع وإرغامهم فى النهاية على التقدم نحو التوصل إلى حل.
لقد حدث السابع من أكتوبر، لأن الجميع تجاهلوا غزة، وسمحوا لحماس بأن تصبح قوية للغاية.. لقد قللت إسرائيل من شأن حماس، ولم يبد أن الدول الإقليمية قد كرست أى موارد استخباراتية بشرية، لمنع اندلاع حرب أخرى مع حماس.. أصبحت حماس كبيرة وخطيرة للغاية، حيث قتلت عددًا من الإسرائيليين فى يوم واحد، أكثر من أى وقت مضى، وهذا يتطلب تغييرًا جذريًا فى غزة.. ولم تقل إسرائيل سوى إنها تريد الحد من «قدرات» حماس و«حكمها» ومنع «التهديدات» فى غزة.. وهذا ليس أكثر من تلاعب.. المطلوب هو تغيير كبير.. وربما يكون هدف ترامب، من خلال طرح أفكاره، هو إقناع بعض الدول بالموافقة على أن تكون طرفًا فاعلًا فى السلام فى غزة، بدلًا من مجرد إعادة إعمارها، والسماح لحماس بإدارتها وتدميرها مرة أخرى.
●●●
بإعلان ترامب- المفاجأة المدوية- أن الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة فى المستقبل المنظور، يكون قد ألقى مرة أخرى قنبلة دبلوماسية فى محادثات الشرق الأوسط، المنطقة التى لم تكن هادئة بشكل خاص فى أفضل الأوقات، والتى تعانى من خمسة عشر شهرًا من الحرب.. ولكن الاقتراح، الذى يتصور قيام الولايات المتحدة بتنمية غزة، وخلق فرص العمل، وتحويلها إلى مركز دولى، أثار على الفور ردود فعل عنيفة واسعة النطاق.. ويرى الفلسطينيون فى هذا محاولة مبطنة للتهجير القسرى، وتظل إسرائيل حذرة، كما رفضت دول عربية، مثل مصر والأردن الفكرة على الفور.
فى ظاهر الأمر، لا تبدو هذه الخطة قابلة للتنفيذ بأى حال من الأحوال.. ذلك أن احتلال الجيش الأمريكى غزة يشكل كابوسًا لوجستيًا وسياسيًا.. ولا شك أن عشرين عامًا من الخبرة فى التعامل مع العراق وأفغانستان، كانت كفيلة بتعليم القيادات العليا فى البنتاجون، أن الدول العربية لن تقبل علنًا أبدًا بنزوح جماعى للفلسطينيين إلى أراضيها.. وحتى إسرائيل، وعلى الرغم من إحباطها من حماس، تدرك عواقب مثل هذه الخطوة.. والمشكلة، أن ترامب ربما يدرك ذلك أيضًا. وبذلك، فهو لا يقترح استراتيجية واقعية، بل يقدم عرضًا افتتاحيًا لمفاوضات يطلبها، كما يرى أليكس وينستون.
فى عالم ترامب، تبدأ بمطلب متطرف.. مطلب مُبالغ فيه إلى الحد الذى يحرك حدود ما كان يُعتَقَد فى السابق أنه ممكن.. ثم عندما تأتى المقاومة الحتمية، تتفاوض على شىء أقل تطرفًا كثيرًا من موقفك الأولى، ولكنه يظل فوزًا كبيرًا.. وتستهدف تحقيق مائة نقطة، مع العلم أن تحقيق خمسين نقطة يُعد نجاحًا لك.. فسجل ترامب فى مجال العقارات والسياسة، قد يشير إلى أن هدفه ليس احتلال غزة، بل إجبار الدول العربية المجاورة، التى كانت حتى الآن مترددة، فى الاضطلاع بدور أكثر نشاطًا فى حل الأزمة.. وافتراضه هنا، أن صدمة مثل هذا الاقتراح الجذرى، سوف تدفع دول الخليج، إلى تكثيف الجهود بطرق رفضتها حتى الآن.. فعلى مدى عقود من الزمن، دعمت الدول العربية القضية الفلسطينية بصوت عالٍ، لكنها لم تفعل الكثير لتحسين الوضع فى غزة بشكل ملموس، باستثناء تحويل الأموال إلى حماس.
وفى نظر وينستون، أن مصر، التى حكمت غزة ذات يوم، تبقى حدودها مغلقة بإحكام، وتبنى حواجز تجعل جدران الأمن الإسرائيلية تبدو متساهلة بالمقارنة بها.. والأردن، الذى يؤوى بالفعل أعدادًا هائلة من السكان الفلسطينيين، لا يريد أن يكون جزءًا من تدفق اللاجئين من غزة.. وفى الوقت نفسه، تجنبت دول الخليج الغنية، على الرغم من مواردها الهائلة، إلى حد كبير، تقديم إعادة توطين دائمة للاجئين الفلسطينيين، أو استثمارات جادة فى البنية الأساسية فى غزة.. ومن خلال طرح خطة تبدو سخيفة، ربما يضطر ترامب هذه البلدان إلى الرد، ولو برفض فكرته واقتراح بديل.. وفجأة، تتحول المناقشات حول كيفية إعادة بناء غزة، ومن سيحكمها، وأين قد يذهب النازحون الفلسطينيون.. من محادثة غامضة مفتوحة، إلى محادثة ذات رهانات حقيقية.
ولكى نكون واضحين للغاية: إن فرص سيطرة الولايات المتحدة على غزة تقترب من الصفر.. لأن الفكرة مليئة بالعقبات، التى لا يمكن التغلب عليها.. أولًا وقبل كل شىء، أُعيد انتخاب ترامب على أساس موقفه المتجدد «أمريكا أولًا».. ففى تغيير الاتفاقيات التجارية والعلاقات الدبلوماسية مع البلدان الأخرى تحسين للحياة المحلية للأمريكيين العاديين.. والتحول المفاجئ إلى احتلال قطعة أرض أجنبية يشكل تكلفة، من غير المرجح أن تمر فى ظل الكونجرس الذى يسيطر عليه الجمهوريون، الحريص على الحد من التورط العسكرى فى الخارج. والواقع أن الجمهور الأمريكى ليست لديه شهية لخوض مستنقع آخر مثل مستنقع الشرق الأوسط.. كما تتعارض هذه الأفكار أيضًا مع السجل العسكرى لإدارة ترامب السابقة.. فبصفته رئيسًا، دفع ترامب باتجاه سحب القوات من سوريا وأفغانستان، منتقدًا التدخل الأمريكى المُطول فى الخارج.. فلماذا يدعو الآن إلى التدخل العسكرى الأمريكى، الأكثر تحديًا منذ عقود؟.. حتى أقرب حلفاء أمريكا العرب- المملكة العربية السعودية والأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة- لن توافق أبدًا على وضع غزة تحت سيطرة الولايات المتحدة.. فهذا من شأنه أن ينتهك موقفها الراسخ القائل، بأن الفلسطينيين لابد أن يسيطروا على أرضهم.. فضلًا عن ذلك، هناك مسألة الاستقرار الإقليمى التى يجب أخذها فى الاعتبار.. ذلك أن الوجود العسكرى الأمريكى فى غزة، من شأنه أن يصبح هدفًا مباشرًا للميليشيات المدعومة من إيران، وحماس، والجماعات الجهادية.. ومن شأن خطر الهجمات المستمرة على غرار التمرد، أن يجعل الحكم هناك، على المدى الطويل، مستحيلًا.. أما فيما يتصل بأفكار ترامب بشأن غزة ذاتها، فإن القطاع أصبح فى حالة خراب، وبنيته التحتية مدمرة، وسوف تستغرق إعادة إعماره عقدًا من الزمان ومليارات الدولارات، وهو ما يتطلب التعاون الدولى، وهو ما يجعل الاحتلال الأمريكى الأحادى الجانب، مستحيلًا تقريبًا.. وربما يكون الحساب الحقيقى لترامب، هو أن مجرد اقتراح سيطرة الولايات المتحدة على غزة، من شأنه أن يهز العالم العربى ويدفعه إلى التحرك.
إن مصر، التى تبنت نهج عدم التدخل فى شئون الغير لسنوات، الدولة الموضوعية والمحايدة، إلا فيما يدعم الحق الفلسطينى، قد تجد نفسها فجأة- فى نظر ترامب- تحت ضغط لفتح المعابر الحدودية، أو تسهيل المساعدات، أو المساعدة فى إدارة الأمن.. وقد يتم دفع الأردن، الذى يخشى حدوث أزمة أخرى للاجئين الفلسطينيين، إلى دور دبلوماسى أكثر نشاطًا.. وقد تستثمر دول الخليج، التى تشعر بالحرج من تصوير ترامب لها على أنها مجرد متفرج، فى البنية التحتية الفلسطينية، بدلًا من مجرد إصدار خطاب مؤيد للفلسطينيين فى الأمم المتحدة.. إذًا، فإن مفتاح تفكير ترامب، لا يكمن فى التنفيذ الحرفى لكلماته، بل فى قدرته على إعادة صياغة المناقشة.. فهو لا يحتاج إلى «الفوز» بقضية غزة بشكل مباشر؛ بل يحتاج فقط إلى تحريك أعمدة المرمى، لإحراز أهدافه.
هذه هى الطريقة الكلاسيكية، التى يتبعها ترامب فى عقد الصفقات: البدء من أقصى الحدود، وترك الجميع يصابون بالذعر، ثم العودة إلى شىء أقل دراماتيكية، لكنه لا يزال يمثل حركة حقيقية فى اتجاهه.. فهل ستستولى الولايات المتحدة على غزة؟.. إذا حدث هذا، فسنكون جميعًا فى صدمة.. وهل يغير إعلان ترامب مجرى الحوار، وربما يدفع الدول العربية إلى بذل المزيد من الجهود؟.. هذه هى صفقته الحقيقية!!.. من أجل منْ؟
●●●
كان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يقف خلال المؤتمر الصحفى مع ترامب داخل البيت الأبيض، مرتديًا بدلته السوداء وربطة عنقه الحمراء، وكان قلبه ينبض بالفرح بلا أدنى شك.. ولا شك أن صاحب الصورة والإدراك، كان قادرًا على تصور، كيف يراه المشاهدون فى إسرائيل.. لقد كانت كل كلمة خرجت من فم الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، بمثابة تضخيم للحظة السياسية النادرة والمدروسة بعناية، والتى تم تنظيمها فى المكتب البيضاوى.. وفى نهاية المطاف، وبدون أى سخرية أو تهكم غير ضرورى، كانت هذه الليلة بمثابة تحول عميق بالنسبة لنتنياهو.. إن لحظات قليلة فى حياة السياسيين، تأتى عندما يقوم شخص أعظم وأشهر وأكثر قوة بالعمل نيابة عنهم.. وكانت هذه الليلة واحدة من تلك اللحظات.. ليلة اصطفت فيها كل النجوم لصالح نتنياهو.. فبعد ما يقرب من عام ونصف العام من الاستقبالات الفاترة فى البيت الأبيض، انغمس نتنياهو فى عناق سياسى دافئ.. ولكن فى نهاية المطاف، فإن ترامب، الرجل الذى يفتقر إلى الصبر ويتوق إلى نتائج فورية، وقف وسلَّم الزعيم الإسرائيلى كل شىء، كان يبدو قبل شهر واحد فقط بعيد المنال: الدعم الدبلوماسى الواضح، والرسائل الموحدة بشأن إيران، والموقف المتشدد بشأن قضية الهجرة فى غزة، والثناء اللا متناه، وبشكل عام، لفافة لا نهاية لها من السيلوفان الوردى، ملفوفة حول الواقع السياسى الصارخ فى المنطقة، كما يقول أتيلا سومفالفى، المستشار الاستراتيجى والسياسى والمؤسس المشارك للتحالف من أجل الأمن الإقليمى.
إن مأساة السياسة الإسرائيلية تكمن فى عجز العديد من اللاعبين عن تقييم الواقع كما هو، دون مرشحات أو تحيزات سياسية أو أوهام أو طموحات شخصية.. لقد أثبت الخطاب الصاخب على وسائل التواصل الاجتماعى الإسرائيلية مرة أخرى هذا الصباح، أن الجميع يرى ما يريد أن يراه ويسمع ما يريد أن يسمعه.. ولكن هذا ليس هو الأسلوب الذى ينبغى أن نحلل به الواقع السياسى.. ذلك أن معارضى نتنياهو لا يستطيعون أن يتحملوا النظر إلى الواقع، من خلال عدسة ضيقة تركز على حدث واحد.. وأولئك الذين يفعلون ذلك، يفوتون الصورة الأكبر ويخاطرون بالتعرض للصدمة مرة أخرى.
فى السابع من أكتوبر، اعتقد البعض أن مسيرة نتنياهو السياسية قد انتهت، وأن رحلته المذهلة قد انتهت، وأنه فى طريقه إلى بيته.. ومع مرور الوقت، نجح نتنياهو فى تحويل هذا الضعف إلى ميزة، خصوصًا وأن المعارضة الإسرائيلية لا تزال عاجزة ومجزأة وخالية من أى بديل قابل للتطبيق.. فما يمتلكه نتنياهو فى إصبع واحد، تفتقر إليه المعارضة بأكملها.. كان نتنياهو يقف فى المكتب البيضاوى، مدركًا تمام الإدراك مكانته ورأس المال السياسى الهائل، الذى كان يحمله إلى بلاده، وكان يتسم بغريزة سياسية قاتلة، لا يضاهيها سوى قلة مختارة على الساحة العالمية.. الشخص الوحيد الذى ينافسه فى هذا المجال هو ترامب نفسه، الذى كان يعلم أنه يمنح نتنياهو دفعة هائلة كافية لتعزيز قبضته على السلطة وتعزيز ائتلافه.. وبحلول الصباح، كان المنشق على ائتلاف نتنياهو، وزير الأمن القومى، إيتمار بن جفير، يُلمح بالفعل إلى رغبته فى العودة إلى الائتلاف.. فحتى هذا السياسى المنشق الجامح، أدرك أنه أخطأ فى حساباته، عندما سمع ترامب وهو يشيد بنتنياهو.. لقد ساعد ظهور نتنياهو مع ترامب، فى صرف انتباه الرأى العام عن محاكمته وتعزيز مكانته، بعد أن قال ترامب عن نتنياهو: «لدينا الزعيم المناسب لإسرائيل الذى قام بعمل عظيم».. وردًا على ذلك، أشاد نتنياهو بقيادة ترامب فى التوصل إلى اتفاق الأسرى ووقف إطلاق النار.. كما تحدث بإعجاب عن تفكير ترامب خارج الصندوق، «أنت تقول أشياء يرفض الآخرون قولها، وبعد أن يندهش الناس، يحكون رءوسهم ويقولون: تعلمون.. إنه على حق».
●●●
لقد كان الرئيس ترامب يستمتع بإشادة رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بـ«استعداده للتفكير خارج الصندوق».. ولكن عندما يتعلق الأمر بغزة، كان تفكير ترامب خارج الصندوق، إلى الحد الذى لم يكن من الواضح معه، أنه كان يعرف حتى إن هناك صندوقًا.. كان إعلان ترامب عن نيته الاستيلاء على غزة، وتشريد السكان الفلسطينيين وتحويل الجيب الساحلى إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، من النوع الذى كان ليقوله من أجل الحصول على زيادة فى برنامج «هوارد ستيرن شو»، قبل عقد أو عقدين من الزمان.. إنه استفزازى، ومثير للاهتمام، وغريب، ومثير للغضب، وليس رئاسيًا على الإطلاق.. كما يرى بيتر بيكر، كبير مراسلى البيت الأبيض فى صحيفة «التايمز».. ولكن الآن، فى ولايته الثانية فى البيت الأبيض، يطرح ترامب أفكارًا أكثر استفزازًا، حول إعادة رسم خريطة العالم على غرار الإمبريالية فى القرن التاسع عشر.. أولًا، كان هناك شراء جرينلاند، ثم ضم كندا، واستعادة قناة بنما، وإعادة تسمية خليج المكسيك. والآن يتصور الاستيلاء على منطقة حرب مدمرة فى الشرق الأوسط، لا يريدها أى رئيس أمريكى آخر.
لا يهم أنه لم يستطع تسمية أى سلطة قانونية، من شأنها أن تسمح للولايات المتحدة بفرض سيطرتها من جانب واحد على أراضى دولة أخرى، أو أن التهجير القسرى لسكان بالكامل، من شأنه أن يشكل انتهاكًا للقانون الدولى.. ولا يهم أن إعادة توطين مليونى فلسطينى سوف يشكل تحديًا لوجستيًا وماليًا هائلً.. ناهيك عن كونه أمرًا متفجرًا سياسيًا.. ولا يهم أن هذا من شأنه، أن يتطلب بالتأكيد آلافًا عديدة من القوات الأمريكية، وربما يؤدى إلى إشعال فتيل صراع أكثر عنفًا، لأن فكرة ترامب ستكون الالتزام الأوسع للقوة الأمريكية والثروة فى الشرق الأوسط، منذ غزو العراق وإعادة إعماره قبل عقدين من الزمان.. وستكون بمثابة انقلاب مذهل لرئيس ترشح لمنصبه لأول مرة عام 2016، تعهد بإخراج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط.
لقد أسماه أندرو ميلر، مستشار السياسة السابق فى الشرق الأوسط فى عهد الرئيسين باراك أوباما وجو بايدن، وهو الآن زميل بارز فى مركز التقدم الأمريكى، «هذا هو حرفيًا الاقتراح السياسى الأكثر غموضًا، الذى سمعته على الإطلاق من رئيس أمريكى».. لقد أصر ترامب على أنه جاد، حتى مع تساؤل كثيرين عما إذا كان ذلك ممكنًا.. وقال: «لم يكن هذا قرارًا اتخذ باستخفاف».. ومع ذلك، بدا الأمر خياليًا للغاية، وخاليًا من التفاصيل، ومتعارضًا مع التاريخ، إلى الحد الذى يجعل من الصعب الحكم عليه من ظاهره.
بدا الأمر وكأنه فكرة تنمو كل ساعة مع مرور اليوم.. فى الصباح، قبل وصول نتنياهو إلى البيت الأبيض للقاء ترامب، أخبر مساعدو الرئيس الصحفيين، أن الأمر سيستغرق خمسة عشر عامًا أو أكثر، لإعادة بناء غزة بعد الحرب المدمرة بين إسرائيل وحماس، وأن الأمر سيتطلب العمل مع الشركاء فى المنطقة، لإيجاد مكان للعيش مؤقتًا للفلسطينيين.. بحلول فترة ما بعد الظهر، وبينما كان يوقع على بعض الأوامر التنفيذية، قال ترامب للصحافيين، إن الفلسطينيين «لن يكون لديهم بديل» سوى مغادرة غزة لأنها «موقع هدم».. وبعد ذلك بقليل، رحب بنتنياهو فى المكتب البيضاوى وذهب إلى أبعد من ذلك، قائلًا إنه يريد «جميعهم» أن يغادروا، وأن سكان غزة يجب أن «يشعروا بسعادة غامرة» للعيش فى مكان أفضل، يتوقع أن توفره لهم مصر والأردن.. ثم فى مؤتمر صحفى رسمى مع نتنياهو فى الغرفة الشرقية من البيت الأبيض، اتخذ الخطوة النهائية، حيث أعلن، ليس فقط أن الفلسطينيين يجب أن يغادروا، بل وأن «الولايات المتحدة سوف تسيطر على قطاع غزة»، وتعيد بناءه إلى وجهة اقتصادية مزدهرة.. ولم يكن هذا استيلاءً مؤقتًا، بل «موقف ملكية طويل الأمد»، وأوضح أنه لا ينوى إعادة غزة إلى الفلسطينيين، بل سيجعلها مكانًا «ليس لمجموعة محددة من الناس ولكن للجميع»!!.
لم يذكر ترامب ما يعنيه ذلك على وجه التحديد.. ولم يذكر كيف سيتحقق ذلك؟.. وحتى هو، بدا وكأنه يدرك مدى غرابة الأمر برمته.. فقال فى إحدى المرات، «لا أقصد أن أكون لطيفًا، ولا أقصد أن أكون رجلًا حكيمًا. ولكنها ريفييرا الشرق الأوسط!».. ولكن البعض الآخر لم يروا أى شىء لطيف أو حكيم فى ما يعادل «التطهير العرقى تحت مسمى آخر»، كما قال السيناتور الديمقراطى كريس فان هولين، ورأته هالى سويفر، الرئيسة التنفيذية للمجلس الديمقراطى اليهودى فى أمريكا، «إن فكرة أن الولايات المتحدة ستستولى على غزة، بما فى ذلك نشر قوات أمريكية، ليست مُتطرفة فحسب، بل إنها منفصلة تمامًا عن الواقع.. فى أى عالم يحدث هذا؟!».. وقال خالد الجندى، الباحث الزائر فى مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورج تاون، إن تعليقات ترامب كانت «غريبة وغير متماسكة حقًا»، وتثير المزيد من الأسئلة أكثر من الإجابات، وتساءل، «هل يتحدث من منظور جيوسياسى، أم أنه ينظر إلى غزة باعتبارها مشروعًا تنمويًا ضخمًا على شاطئ البحر؟.. ولمصلحة من؟.. بالتأكيد ليس الفلسطينيين، الذين سيتم تهجيرهم بشكل جماعى.. هل ستكون الولايات المتحدة المحتل الجديد فى غزة، لتحل محل الإسرائيليين؟.. وما هى المصلحة الأمريكية التى قد يخدمها هذا؟».
لم يكن ترامب مخطئًا عندما قال إن غزة أصبحت «جحيمًا»، بعد أكثر من عام من الحرب التى اندلعت بسبب الهجوم الذى شنته حماس على إسرائيل فى السابع من أكتوبر 2023.. لقد دمرت القنابل والصواريخ الإسرائيلية معظم مبانيها، ودمرت الكثير من البنية الأساسية اللازمة لدعم عدد كبير من السكان.. لم يأت أحد آخر بأفكار ملموسة ومتطورة حول كيفية إعادة بناء غزة، أو عرض التزامات مالية ملموسة للقيام بذلك.. ولم يكن من الواضح، ما إذا كان نتنياهو يتوقع خطة ترامب، لكنه ابتسم بارتياح عندما تحدث ترامب عن إخلاء غزة بشكل دائم من جميع الفلسطينيين، وهو الإجراء الذى لم تجرؤ إسرائيل على القيام به بنفسها.. وبعد أن أضاف ترامب أن الولايات المتحدة ستتولى غزة بنفسها، قال نتنياهو: «إن الاقتراح شىء يمكن أن يغير التاريخ»، وأن الأمر يستحق «متابعة هذا المسار»، دون تأييد صريح للفكرة.
فى رواية ترامب، تبدو فكرة إزالة مجموعة سكانية والاستيلاء على أراض أجنبية، أشبه بصفقة عقارية من النوع الذى سعى إليه طوال حياته كمطور عقارى.. ويبدو أنه كان يلتقط فكرة طرحها العام الماضى، صهره جاريد كوشنر، الذى أشار فى مقابلة، إلى أن «ممتلكات غزة المطلة على البحر يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة»، واقترح على إسرائيل «إخلاء السكان ثم تنظيفها».. لكن كوشنر لم يكن يتصور على ما يبدو إجبار الفلسطينيين على الخروج بشكل دائم، أو استيلاء الولايات المتحدة على المنطقة، لأن فكرة الاستيلاء على غزة من شأنها، أن تدفع الولايات المتحدة إلى قلب الصراع الإسرائيلى- الفلسطينى، بطريقة حاول الرؤساء، منذ عهد هارى ترومان تجنبها.. لقد زودت الولايات المتحدة إسرائيل بالأسلحة منذ فترة طويلة، ودعمتها دبلوماسيًا وحاولت التوسط فى صفقات السلام.. لقد خدم عدة مئات من القوات الأمريكية كقوات حفظ سلام فى شبه جزيرة سيناء لأكثر من أربعة عقود، وأمر الرئيس السابق، جو بايدن، القوات الجوية والبحرية الأمريكية مرتين، بالدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات الصاروخية الإيرانية العام الماضى.. لكن الرؤساء الأمريكيين امتنعوا عن نشر قوة كبيرة من القوات البرية الأمريكية فى إسرائيل أو الأراضى الفلسطينية، والتى من المفترض أن تكون مطلوبة للسيطرة على غزة.. وحتى فى العام الماضى، عندما أقام الجيش الأمريكى رصيفًا عائمًا مؤقتًا، لتوصيل الإمدادات الإنسانية إلى غزة، حرصت إدارة بايدن على عدم نزول القوات الأمريكية إلى الشاطئ.. وهنا، يرى أندرو ميلر، أن تكلفة ما يبدو أن ترامب يتصوره، «ستجعل ميزانية المساعدات الخارجية البالغة أربعين مليار دولار، والتى يصفها ترامب وإيلون ماسك بأنها مضيعة، تبدو وكأنها خطأ تقريبى».
وكذلك يقول آرون ديفيد ميلر، المفاوض السابق فى عملية السلام فى الشرق الأوسط، والذى يعمل الآن فى مؤسسة كارنيجى للسلام الدولى، إن اقتراح ترامب بشأن غزة، يتناقض بشكل أساسى مع نفوره من بناء الدولة، وقد يُقوض رغبته فى التوسط فى اتفاق مع المملكة العربية السعودية لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.. وهذا من شأنه أيضًا أن يمنح روسيا والصين «الضوء الأخضر للاستيلاء على الأراضى كما يحلو لهما».. لكنه أضاف، أنه «من الآمن أن نقول إن هذا لا يمكن أن يحدث»، على الأقل كما وصف ترامب خطته.. إن الخطة كانت بدلًا من ذلك، تشتيتًا للانتباه عن بقية الاجتماع بين ترامب ونتنياهو، الذى يُلقب بـ«بيبى»، والذى لم يتعرض لأى ضغوط عامة حقيقية، لتمديد اتفاق وقف إطلاق النار، الذى دخل حيز التنفيذ، مما ترك له الكثير من الحرية بشأن كيفية المضى قدمًا، «لقد تسببت كل الضجة التى أثيرت حول استيلاء الولايات المتحدة على غزة، فى إغفال القصة الحقيقية وراء هذا الاجتماع»، كما قال ميلر، «لقد غادر بيبى البيت الأبيض وهو بين أسعد البشر على وجه الأرض.. وإذا كان هناك أى دليل على عدم وجود أى خلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة، فقد كان هذا هو الحال».
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.