رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصف المناطق الأثرية.. إسرائيل تستهدف الهوية الثقافية اللبنانية

جنوب لبنان
جنوب لبنان

في ظل العدوان الإسرائيلي الوحشي على جنوب لبنان، يستهدف الاحتلال الإسرائيلي المواقع الأثرية في جنوب لبنان، في محاولة جديدة لمحو الهوية والثقافة اللبنانية القديمة، وكانت آخر هذه الغارات تلك التي استهدفت الأعمدة الرومانية القديمة.

وأكدت شبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية، أن العدوان الإسرائيلي الوحشي أسفر عن استشهاد أكثر من 3200 شخص، وتشريد أكثر من مليون آخرين في لبنان، وفقًا لمسئولين محليين.

انهيار التراث اللبنانى بسبب العدوان الإسرائيلى

وتابعت الشبكة أن العدوان تسبب أيضًا في خسائر فادحة في التراث الفريد والقديم للبنان، حيث أدت الغارات الجوية إلى تدمير قرى عمرها قرون، وتعرض المواقع الأثرية الهشة التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين للخطر، مثل الآثار الرومانية الشهيرة في بعلبك، وهو موقع مدرج على قائمة التراث العالمي للأمم المتحدة.

وأضافت أنه تم تدمير قرية محيبيب التاريخية، التي تضم ضريحًا قديمًا، ومدينة النبطية، التي كانت تضم سوقًا يعود تاريخها إلى قرون مضت.

وأشارت إلى أن لبنان، الدولة الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 5 ملايين نسمة في شرق البحر الأبيض المتوسط، لديها تاريخ حافل، وتفتخر بخمسة مواقع أخرى تم تصنيفها كمواقع للتراث العالمي من قبل الأمم المتحدة.

وكان لبنان عند مفترق طرق الحضارات القديمة، حيث استضاف مدنًا ومعابد وآثارًا فينيقية ومصرية ويونانية وفارسية ورومانية، ولاحقًا، بنى الصليبيون قلاعًا على طول الساحل، والتي أعاد حكام العثمانيين المسلمين استخدامها.

وتابعت الشبكة الأمريكية أن بعض المواقع تعود إلى العصر الحجري القديم، منذ حوالي 2.58 مليون سنة، عندما تعلم البشر لأول مرة استخدام الأدوات الحجرية.

وتُظهر صور الأقمار الصناعية أن القوات الإسرائيلية سوّت بالأرض العديد من البلدات والقرى الجنوبية بالقرب من الحدود مع لبنان، بينما تقصف الغارات الجوية شبه اليومية أيضًا أهدافًا مزعومة لحزب الله في جنوب بيروت، ما تسبب في اهتزاز النوافذ والجدران في جميع أنحاء المدينة.

كما استهدفت الهجمات منطقة بعلبك في شرق لبنان، موطن أحد أكثر المواقع الرومانية إثارة للإعجاب في العالم، والتي تضم معابد إمبراطورية ضخمة ومدرجًا لا يزال يستخدم للحفلات الموسيقية الحديثة.

وأدت غارة جوية في أوائل نوفمبر إلى تدمير مبنى وحافلات على بعد أمتار من أحد الهياكل الرومانية، ما أضاف إلى القلق المتزايد بين المشرعين اللبنانيين، الذين دعوا إلى تدخل دولي.

وقالت النائبة اللبنانية نجاة صليبا، في مؤتمر صحفي طارئ في وقت سابق من هذا الشهر: "هذا النداء يتجاوز الحفاظ المادي، إنه يتعلق بحماية التقاليد والقصص والقيم التي تمثلها هذه المواقع، والإرث الذي يربط ماضينا بمستقبلنا".

واستخدم الفينيقيون، الذين ازدهروا منذ أكثر من 4 آلاف عام وطوروا أول أبجدية في العالم، ما يُعرف الآن بلبنان كنقطة انطلاق لتأسيس مستعمرات عبر البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك مدن قادس في إسبانيا الحديثة وقرطاج، العدو اللدود لروما، والتي تقع أطلالها في تونس.

ووفقًا للتقاليد التوراتية، أرسل الملك حيرام، ملك صور، مواد وحرفيين للمساعدة في بناء معبد سليمان في القدس حوالي عام 957 قبل الميلاد، وهي لحظة مهمة في التاريخ اليهودي.

وقال سقلاوي، الذي يشرف على المواقع التراثية في جنوب لبنان: "أنا أبكي.. إذا كان لدينا عدو مثل إسرائيل، فماذا يمكننا أن نفعل معه؟ ماذا يمكننا أن نفعل؟".

ويمكن الشعور بانفجارات الغارات الجوية الإسرائيلية على بعد مسافة قصيرة بالسيارة في الضواحي الجنوبية للمدينة وسماعها أثناء المقابلة.

كما تشهد التوابيت الرومانية الضخمة في المتحف، والتي تحتوي على نقوش لمشاهد من حرب طروادة، وهي تقاوم للنجاة من الحرب والحفاظ على الكنز الثقافي اللبناني.

وتقول بعض الآثار إن بعضها لا يزال مدفونًا في المواقع الأثرية وحولها.