عصام عبدالله "مرور عابر وأثر مقيم"
يعد الشاعر الغنائى الراحل عصام عبدالله من أبرز الشعراء الذين تركوا بصمة فريدة فى الأغنية المصرية الحديثة، على الرغم من حياته القصيرة.
ولد فى 14 أكتوبر 1955 بمدينة الفيوم، جنوب القاهرة. بدأ عصام كتابة الأغنية فى أواخر السبعينيات، ورحل مبكرًا فى عام 1996، تميز أسلوبه بالبساطة والرقى، وتمكّن من إضفاء نوع من العذوبة والعمق إلى كلمات الأغانى المصرية، ما جعلها تتناسب مع أذواق شرائح واسعة من الجمهور، استطاع عبدالله أن يقدم لغة شعرية تجمع بين الأصالة والحداثة، وتمزج بين المفردات الفصحى والرشيقة، وأحيانًا البدوية.
قدم عصام عبدالله العديد من الأغنيات التى لا تزال تُعد من كلاسيكيات الأغنية المصرية، منها «وحدانية» لأنغام، التى تميزت بشاعرية تلامس الإحساس بالوحدة والعتاب، إضافة إلى «مطرح ما تدب خطاكى بادوب» لعلى الحجار، التى عبر فيها عن حب رقيق ومرهف تجاه الحبيب، ومن الأغنيات التى كتبت له بصمة مميزة أيضًا، نجد «فى قلب الليل» لعلى الحجار، التى صاغ فيها حكاية درامية إنسانية، كما لو كانت شريطًا سينمائيًا، حيث الليل والوحدة والمجهول، من خلال معادل موضوعى بالغ الرقة تماهت فيه فتاة ليل مع مهر جامح، وتعتبر واحدة من أجمل الأغنيات الرومانسية فى مشوار الحجار.
بالإضافة إلى نجاحه فى مجال الأغانى، لعب عبدالله دورًا متميزًا فى كتابة الإعلانات التليفزيونية التى علقت فى أذهان الناس، فقدرته على ابتكار عبارات مؤثرة وسلسة جعلت كلماته تلتصق بذاكرة الجمهور، وأصبحت بعض الإعلانات تحمل أسلوبه وروحه، ما جعلها قريبة من الناس وعفوية.
ما يجعل إرث عصام عبدالله يستمر، هو أنه استطاع من خلال مفرداته النابضة، أن يخلق عالمًا شعريًا مليئًا بالحنين والصدق.
الشاعر عصام عبدالله كان شاعرًا متعدد الجوانب، استطاع بمهارة أن ينتقل بين الأغنيات الوطنية والعاطفية برشاقة وعمق. فى الأغنيات الوطنية، نجح فى التعبير عن الحب الصادق والانتماء العميق للوطن، وتجسد ذلك بشكل جلى فى أغنيته الشهيرة «يا بوى يا مصر»، التى كتب فيها: «يا بوى يا مصر، أما الواحد بيحبك حب». الكلمات تتسم بنغمة حميمة ووجدان عميق، إذ تتجاوز المبالغة التقليدية فى الأغانى الوطنية لتصل إلى مستوى عاطفى صادق يشبه علاقة الابن بالأب أو الأم، ما جعل الأغنية قريبة من قلوب المصريين وتعبيرًا فريدًا عن حب الوطن.
إلى جانب الأغانى الوطنية، كتب عصام عبدالله العديد من الأغنيات العاطفية التى حققت نجاحًا كبيرًا، ومن أبرزها «اللون والطول والحرية». تتميز هذه الأغنية بعمقها الرومانسى وشاعريتها الفريدة؛ إذ نجح عبدالله فى أن يرسم صورة محبوبة تعكس التعددية فى الجمال، حيث لا ينحصر الجمال فى شكل أو لون معين، بل يشمل التنوع الذى يجعل الإنسان متفردًا فى حبه وذوقه. كلمات الأغنية عبرت عن عشق حر وشامل يتخطى معايير الجمال التقليدية، ما جعل الأغنية تلامس قلوب الجمهور وتصبح واحدة من أجمل أغنيات الحب فى مشوار عصام عبدالله، كما كتب لمنير أيضا أغنيته البديعة سحر المغنى. كتب عصام أيضًا الأغانى لأفلام عديدة، بينها أنياب، الحب فى التلاجة، والأقزام قادمون.
لقد كانت كلمات عصام عبدالله دائمًا تأتى بسيطة، لكنها عميقة، وبهذه الطريقة استطاع أن يؤسس لنمط جديد من الأغانى فى مصر؛ تمزج بين الفصاحة وسهولة الوصول إلى وجدان الناس، سواء كانت فى الحب، أو الوطن، أو حتى فى التعبير عن الفخر والهويّة.