رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأقصر وباكو وعملية الخرطوم

الأبعاد المختلفة لأزمة النزوح القسرى، وأفضل الممارسات الإقليمية والدولية لمواجهتها وبلورة حلول مستدامة لها، تناولتها ورشة عمل عقدتها الرئاسة المصرية لـ«عملية الخرطوم» فى مدينة الأقصر، بالتعاون مع حكومة سلوفينيا، و«مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، وانتهت بعدد من التوصيات، جرى الاتفاق على طرحها خلال الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٩، التى تستضيفها، حاليًا، العاصمة الأذرية باكو.

عملية الخرطوم، Khartoum Process، أو «مبادرة الهجرة بين الاتحاد الأوروبى والقرن الإفريقى»، هى منصة تضم الدول الواقعة على طريق الهجرة بين منطقة القرن الإفريقى وأوروبا، تم إطلاقها، خلال مؤتمر وزارى استضافته العاصمة الإيطالية روما، فى ٢٨ نوفمبر ٢٠١٤، لتعزيز الحوار والتعاون بشأن النزوح القسرى والتحديات المرتبطة به، ومكافحة أسباب وتبعات الهجرة غير الشرعية، والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، بدعم مسارات الهجرة الشرعية، وتعزيز التنمية المستدامة فى دول المنشأ والعبور.

خلفًا لألمانيا، التى قادت المنصة خلال الدورة الماضية، تولت مصر رئاسة العملية، التى تضم ٣٦ دولة، للمرة الثانية، فى أبريل الماضى. ولعلك تعرف أن الدولة المصرية لا تزال تفتح أبوابها أمام الذين اضطرتهم الظروف إلى مغادرة بلادهم، وتوفر لهم الملاذ الآمن، وتتعامل معهم من منظور إنسانى يكفل لهم العيش بكرامة على أراضيها، وتمنحهم كل الحقوق التى يحصل عليها المصريون، وتتيح لهم كل ما لديها، دون كثير من الكلام. كما أن «منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين» حرص منذ إطلاقه سنة ٢٠١٩ على التطرق إلى الأسباب الجذرية للنزوح القسرى، وضرورة التعامل معها من خلال مقاربة شاملة تهدف إلى تعزيز جهود الانتقال من إدارة الأزمة إلى تطوير حلول مستدامة لها، وتناولت استخلاصات المنتدى أهمية تضمين اعتبارات النزوح فى جهود بناء السلام وإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، وهو الملف الذى يتولى الرئيس عبدالفتاح السيسى ريادته فى الاتحاد الإفريقى.

برنامج الرئاسة المصرية لـ«عملية الخرطوم» فى التعامل مع التحديات التى تفرضها الهجرة المختلطة، بما فيها النزوح القسرى والتهديدات المرتبطة به، أو النهج الذى تتبعه مصر، عمومًا، يستهدف بلورة استجابات شاملة تأخذ فى الاعتبار الأبعاد الإنسانية والتنموية والأمنية، وتعزيز الشراكات والتعاون الدولى من أجل دعم جهود الدول المستضيفة للنازحين، إعمالًا لمبدأ تقاسم المسئوليات وتخفيف الأعباء التى تتحملها هذه الدول، إضافة إلى معالجة تحديات النزوح المناخى، أو مواجهة تأثيرات تغير المناخ على أزمة النزوح، خاصةً فى السياقات المتأثرة بالنزاعات. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن الرئاسة المصرية للدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، كانت قد أطلقت مبادرة بشأن المناخ واستدامة السلام، ركز أحد محاورها الأربعة على العلاقة المتشابكة بين التغيرات المناخية والنزوح القسرى وجهود تحقيق السلم والاستقرار فى القارة الإفريقية.

تأسيسًا على ذلك، تناولت ورشة العمل، التى استضافتها مدينة الأقصر، سبل مواجهة المزيج المعقد من النزوح الناتج عن الصراعات والضغوط البيئية والاقتصادية، وتحديات التمويل المناخى، ومحورية التنسيق بين الجهات الوطنية والمنظمات الإقليمية والدولية وشركاء التنمية، لتفعيل الاستجابات الشاملة لهذه الأزمات. كما تناولت، كذلك، أهمية تنفيذ التعهُدات والالتزامات المتعلقة بمواجهة تغير المناخ، خاصة تلك المتعلقة بدعم الدول الإفريقية والعربية الأكثر تضررًا من التغيرات المناخية، وضرورة تفعيل مبدأ تقاسم المسئولية، بشكل عادل ومستدام، مع مراعاة خصوصية السياقات الوطنية والأولويات الإقليمية، إضافة إلى أهمية دمج المجتمعات المتضررة من النزوح فى خطط العمل الوطنية والاستجابات الشاملة.

.. وتبقى الإشارة إلى أن ورشة العمل شارك فيها ممثلون عن ٣٩ دولة أوروبية وإفريقية، والاتحاد الأوروبى، والاتحاد الإفريقى، والمنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، والمركز الدولى لتطوير سياسات الهجرة، و... و... والعديد من المراكز البحثية والمنظمات الإقليمية والدولية.