"فاينانشيال تايمز": التشريعات الإسرائيلية بحظر أونروا تحدت أقرب حلفاء تل أبيب الأوروبيين
رصدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، مخاوف الدول الغربية حيال سبل استمرار عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بعد موافقة الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي على تشريعين يحظران عمل الوكالة داخل إسرائيل وقطع العلاقات الدبلوماسية معها.
وذكرت الصحيفة (في مقال رأي كتبته رئيسة تحريرها رولا خلف ونشرته في عددها الصادر اليوم) أن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة تهدد قدرة أونروا على توفير الغذاء والدواء والمأوى لنحو مليوني مواطن في غزة نزحوا بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل، بالإضافة إلى ذلك أكدت الصحيفة أن التشريعات الإسرائيلية تحدت بالفعل أقرب حلفاء إسرائيل الأوروبيين، إلى جانب اليابان وكوريا الجنوبية، الذين حذروا، أمس الأول، من أن منع أونروا من العمل داخل إسرائيل من شأنه أن يُخلف "عواقب مدمرة على الوضع الإنساني الحرج والمتدهور بسرعة بالفعل".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، قبل إقرار القانون: "إذا اختفت أونروا، فسوف ترى المدنيين، بمن فيهم الأطفال والرضع، غير قادرين على الحصول على الغذاء والماء والأدوية التي يحتاجون إليها للعيش"، مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة رغم كونها أكبر داعم دبلوماسي وعسكري لإسرائيل، إلا أنها أكبر مساهم في ميزانية أونروا.
وفي إسرائيل، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتشريع، الذي تم دفعه عبر الكنيست، ليس فقط من قبل حلفائه من اليمين المتطرف في الائتلاف، ولكن أيضًا من قبل معظم البرلمانيين اليهود، فيما تم قمع المعارضة من قبل المشرعين الفلسطينيين ذوي الجنسية الإسرائيلية خلال مناقشة حادة ولكنها ظلت قصيرة.
وأشارت "فاينانشيال تايمز" إلى أن القانون الأول لا يحظر صراحة أونروا من العمل في غزة المحاصرة والضفة الغربية المحتلة. ومع ذلك، فإن القانون الثاني يقطع الاتصال الدبلوماسي بين إسرائيل والوكالة، ما سيعطل الآليات اليومية لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة والوضع الدبلوماسي لمسئولي أونروا.
وتلتزم إسرائيل بموجب القانون الدولي بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهو ما قاله نتنياهو في إحدى اللقاءات الإعلامية، مؤكدًا أن إسرائيل ستستمر في القيام بذلك.. في المقابل، قال مدير عام أونروا، فيليب لازاريني- في تصريح خاص للصحيفة- إن التصويت ينتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي، وأضاف: "إن هذه هي أحدث حلقة في الحملة المستمرة لتشويه سمعة أونروا ونزع الشرعية عن دورها.. هذه القوانين لن تؤدي إلا إلى تعميق معاناة الفلسطينيين، خاصة في غزة".
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، في بيان، أمس، إنه "قلق للغاية" من اعتماد القوانين الإسرائيلية، التي حذر من أنها "قد تكون لها عواقب مدمرة على اللاجئين الفلسطينيين وستعوق عملية السلام"، مؤكدًا أنه "لا يوجد بديل لأونروا".
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد اتهمت "أونروا" بتورط العديد من موظفيها مع حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية خلال هجمات 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل، لكنها رغم ذلك لم تقدم سوى القليل من الأدلة لدعم مزاعمها. وقالت أونروا، في أغسطس الماضي، إنها طردت تسعة موظفين ربما شاركوا في الهجوم، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، وفقًا لمسئولين إسرائيليين.
مع ذلك، لا يزال العديد من السياسيين الإسرائيليين اليمينيين يكرهون منذ فترة طويلة الوكالة لأنها تسجل أحفاد اللاجئين الفلسطينيين من حرب عام 1948، التي أدت إلى إنشاء دولة إسرائيل، في قائمة أولئك الذين يطالبون "بحق العودة" إلى وطنهم الأصلي.
وأكدت "فاينانشيال تايمز" أنه في حين أن التشريع لن يدخل حيز التنفيذ لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، فإن تأثيره الفوري سيكون محسوسًا في القدس الشرقية والضفة الغربية.
وضمت إسرائيل القدس الشرقية، موطن أكثر من 300 ألف فلسطيني، في خطوة لم يعترف بها معظم المجتمع الدولي. وتعرضت مكاتب أونروا في القدس الشرقية للهجوم من قبل نشطاء اليمين هذا العام.