فلسطينيون لـ«الدستور»: نتنياهو لن يوقف «حرب الإبادة» ولا يهمه المحتجزين
أكد خبراء وسياسيون فلسطينيون أن مقتل يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس»، لن يؤثر على المقاومة، بل يزيد النضال ضد الاحتلال الإسرائيلى، مشيرين فى الوقت ذاته إلى أن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لن يوقف حرب الإبادة، لأنه يريد الاستسلام الكامل لـ«حماس»، وإخراج المحتجزين الإسرائيليين من غزة، دون أى شروط.
وقال خالد عبدالمجيد، أمين عام «جبهة النضال الفلسطينى»: «استشهاد السنوار يشكل محطة مهمة فى مسيرة النضال ضد الكيان الصهيونى. فقدانه وبعض القيادات فى المقاومة لا شك له تأثير فى هذه المسيرة. لكنه فى الوقت ذاته يبعث قوة جديدة تسهم فى تجديد المقاومة واستمرارها فى مواجهة العدو الصهيونى، وتعطى القوة للميدان الذى سيثأر لهذه الجرائم التى يرتكبها العدو».
وأضاف «عبدالمجيد»: «نحن الآن أمام احتمالين، الأول هو أن ما حدث قد يسرع جولة جديدة من المفاوضات، كما أعلن وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، الذى سيزور المنطقة».
وواصل: «ستحاول واشنطن اغتنام الفرصة لتجديد المفاوضات، والوصول إلى صفقة تسهم فى إطلاق سراح المحتجزين لدى المقاومة، مقابل تبادل للأسرى بين الطرفين، مع وقف إطلاق النار وتوقيع هدنة».
وأكمل: «قد يقدم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، على تلك الخطوة، مع شعوره بنشوة النصر فى قتل السنوار، والدمار الذى يحدثه فى غزة ولبنان، وقد تشكل هذه النشوة له خطوة على طريق حماية نفسه من المحاكمة والقضاء والهروب من الملاحقة».
الاحتمال الثانى هو عدم التمكن من الوصول إلى صفقة، رغم القناعة بإمكانية تجدد المفاوضات، من خلال توظيف «نتنياهو» نشوة النصر فى استمرار الحرب على غزة ولبنان، وهو الأمر الخطير الذى نتوقعه فى المرحلة المقبلة، وفق أمين عام «جبهة النضال الفلسطينى».
وحذر من أن الوضع الحالى فى المنطقة يشير إلى حدوث مزيد من التوتر، لكن «هذه النشوة التى يعيشها نتنياهو والغالبية فى المجتمع الصهيونى لا يمكن أن تؤدى إلى خلاصه من المأزق التاريخى والوجودى الحالى».
وقالت الدكتورة تمارا حداد، الكاتبة والباحثة السياسية الفلسطينية، إن استشهاد «السنوار» حدث مفصلى فى تاريخ الصراع، فإما يوصل إلى حالة تسوية، أو يؤدى إلى مزيد من التصعيد.
وأضافت الكاتبة والباحثة الفلسطينية: «تصريحات نتنياهو بعد قتل السنوار تشير إلى أن القادم هو الاستمرار فى الإجراءات الأمنية والعسكرية فى قطاع غزة، بعدما ألمح إلى إخراج المحتجزين دون شروط أو فرض إملاءات من قبل حماس أو المقاومة، كما أنه يريد استسلام الحركة ومن تبقى من قياداتها».
وواصلت: «طلبات نتنياهو حتى اللحظة متعلقة باستسلام حماس، وإخراج المحتجزين الإسرائيليين من حوزة المقاومة، دون فرض شروط تفاوض تعيد حماس إلى حكم قطاع غزة، وهذا يعبر عن رغبة أمريكية إسرائيلية بإخراج حماس من المشهد القادم، تحديدًا من قلب قطاع غزة».
وأكملت: «بالنسبة لنتنياهو، لا وجود لحركة (حماس) فى اليوم التالى لانتهاء الحرب، بجانب العمل على وجود إدارة تتلاءم مع شروط وإملاءات إسرائيل، وتحديدًا إدارة فلسطينية ملتزمة بالحفاظ على أمن إسرائيل».
ورأت أن مصير التفاوض مجهول بالنسبة لإسرائيل، دون معرفة مع مَن ستتفاوض تحديدًا بعد مقتل «السنوار»، مضيفة: «أى بديل سيتم اختياره من داخل غزة سيتم اغتياله، وأى بديل من الخارج أيضًا، سيكون بعيدًا عن النفوذ الإيرانى، الذى لم يدعم (حماس) داخل غزة بالمستوى المطلوب، بعد استمرار إسرائيل فى حربها على القطاع».
وتوقع الدكتور ماهر صافى، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، أن يكون لاستشهاد «السنوار» تأثير على حركة «حماس» وجبهتها الداخلية، مضيفًا: «من الناحية المعنوية سيؤثر على أعضاء الحركة، باعتباره الزعيم السياسى والعسكرى والإعلامى، لكن على صعيد الميدان لن تتأثر الحركة بالقدر الذى تتصوره إسرائيل وأمريكا، التى أعلن رئيسها جو بايدن عن سعادته البالغة بقتل الرجل».
وواصل: «الحرب فرضت طبيعة خاصة لواقع القيادة العنقودية المتجددة لدى حماس، فى كل مراحل نشأتها وتطورها العسكرى والسياسى، وستظل المعارك مستمرة، لأنه لا يوجد بديل، ولم تطرح أى مقاربة سياسية لوقف الحرب حتى الآن».
وحول إمكانية وقف إسرائيل للحرب بعد قتل «السنوار»، قال «صافى»: «لا توجد إرادة أو رغبة إسرائيلية لوقف الحرب، لأن لديها مشروعًا فى المنطقة، وتريد تدمير غزة بالكامل وتهجير أهلها، وهذا ما نلاحظه فى الأيام الأخيرة، من خلال محاولتها تنفيذ (خطة الجنرالات) التى لم تحقق هدفها المنشود حتى الآن فى شمال غزة، بالرغم من حرب الإبادة الشاملة وسقوط الآلاف من الشهداء والجرحى».
وأضاف: «هدف إسرائيل الأول جعل غزة غير قابلة للحياة الآدمية، وإجبار السكان على الهجرة إلى خارج القطاع. أما الحديث عن المفاوضات بشأن تبادل الأسرى فسيظل ورقة أمريكية وإسرائيلية مطروحة على طاولة المفاوضات دون تنفيذ فعلى، بهدف التنفيس، وحتى لا تقتل حركة حماس المحتجزين لديها»، مؤكدًا أن «نتنياهو ليس منشغلًا إن كان الأسرى أحياءً أو أمواتًا».
وواصل: «ربما تظهر فى الأيام المقبلة مبادرة لإنهاء الحرب من قبل الإدارة الأمريكية، بعد قتل السنوار، ومع ذلك ستتواصل عمليات القصف والإبادة فى غزة، حتى تدمير آخر ما يتبقى من القطاع».
وأتم بقوله: «إسرائيل حققت أهدافها منذ مدة، لكن هذا الاغتيال سيعطى نتنياهو وإسرائيل أو على الأقل الجمهور الإسرائيلى، نوعًا من الثقة ليتحمل عامًا آخر من الحرب».