رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معابد أبو سمبل.. أحد روائع العقل البشري على موعد مع ظاهرة "تعامد الشمس"

جريدة الدستور

تتعامد الشمس على وجه  تمثال الملك رمسيس الثاني بمعبده الكبير، أحد أهم روائع العقل البشري على مر التاريخ، بمدينة (أبو سمبل) السياحية التاريخية جنوب محافظة أسوان،  في الظاهرة الفلكية الفريدة التي يتكرر حدوثها مرتان خلال العام يومي 22 أكتوبر و22 فبراير، وسط حضور من المتوقع أن يزيد عن 4 الآف شخص من المصريين والسائحين الأجانب، بساحة المعبد، فضلا عن مشاهدة الملايين حول العالم للظاهرة عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية، باعتبارها واحدة من المعجزات الفلكية التي خلدها التاريخ.
ودلت الوثائق الأثرية والتاريخية، أن معابد أبو سمبل تم اكتشافها في الأول من أغسطس عام 1817، عندما نجح المستكشف الإيطالي "جيوفاني بيلونزي"، في العثور عليها ما بين رمال الجنوب، فيما تم الكشف لأول مرة عن ظاهرة تعامد الشمس الفلكية، في عام 1874، عندما رصدت المستكشفة "إميليا إدوارذ" والفريق المرافق لها هذه الظاهرة وتسجيلها في كتابها المنشور عام 1899 بعنوان "ألف ميل فوق النيل"، كما تقول الوثائق التاريخية، أن سبب تعامد الشمس هي أن المصريين القدماء صمموا المعبد بناء على حركة الفلك لتحديد بدء الموسم الزراعي وتخصيبه.


ويقول الأثري أحمد مسعود كبير مفتشي أثار أبوسمبل بأسوان - في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط - "إن ظاهرة تعامد الشمس على تمثال الملك رمسيس بمعبده الكبير بمدينة أبوسمبل السياحية، كانت تحدث يومي 21 أكتوبر و21 فبراير قبل عام 1964، إلا إنه بعد نقل معابد أبوسمبل من موقعه القديم، إلى موقعه الحالي، بعد تقطيعه لانقاذه من الغرق ضمن جهود الحملة الدولية التي تبنتها اليونسكو لانقاذها معابد النوبة القديمة من الغرق، إبان مرحلة إنشاء مشروع السد العالي في ستينيات القرن الماضي، تغير خلاله موعد الظاهرة الفلكية لتحدث يومي 22 أكتوبر و22 فبراير".


وأضاف "أن الظاهرة الفلكية تحدث، مع ضوء أول شعاع شمس مع شروق الشمس في هذا اليوم، حيث يخترق الضوء جدران وصالات معبد رمسيس الثاني، التي ترتفع إلى مسافة تزيد عن 60 مترا؛ ليصل إلى قدس الأقداس، مكونة ما يشبه بفيض من النور على تمثال الملك الفرعوني رمسيس الثاني، ثم يتكاثر شعاع الشمس بسرعة مكونًا حزمة من الضوء تضيء وجوه التماثيل الأخرى داخل قدس الأقداس، وهي تماثيل "الآلهة أمون ورع حور" التي قدسها وعبدها المصري القديم فيما لا تصل الشمس إلى تمثال الأله بتاح الذي كان يعتبره القدماء إله الظلام، كما أن تلك الظاهرة والمعجزة الفلكية كانت لاعتقاد عند المصريين القدماء بوجود علاقة بين الملك رمسيس الثاني والآلهة رع آله الشمس".


وقال الأثري أحمد عوض، بالإدارة العامة للآثار المصرية واليونانية والرومانية بأسوان "إن معابد أبوسمبل، كانت أحد معابد النوبة التي تم إنقاذها من الغرق، بجهود الحملة الدولية التي تبنتها اليونسكو لانقاذها من الغرق، في الستينيات من القرن الماضي، وقد استجابت لها 51 دولة لتتحد شعوب هذه الدول لانقاذ روائع من العقل البشري المتمثلة في معابد أبوسمبل، حيث بلغت تكلفة أعمال الانقاذ وقتها 36 مليون دولار، وقد احتفلت مصر عام 1968 بالانتهاء من أعمال انقاذ معابد أبوسمبل، بحضور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وشهدها أكثر من 3 آلاف شخص من مختلف دول العالم من المشاركين في مراحل انقاذ المعبد حيث تم إزاحة الستار عن اللوحة التذكارية لانقاذ المعبدين من الغرق اعتزازا بالتضامن الدولي لانقاذ تراث إنساني فريد بالتعاون مع هيئة اليونيسكو".


ونسبت فكرة نقل وانقاذ المعبد للعالم النحات المصري الدكتور أحمد عثمان عميد كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، في تبنية سيناريو نقل معابد أبوسمبل من موقعة القديم ببحيرة ناصر، إلى موقع بديل بارتفاع أعلى في مواجهة بحيرة ناصر، وبالفعل تم قطع التماثيل إلى كتل حجرية بشكل معين وترقيمها، وعند نقل المعابد تم تشييد القطع بشكل عكسي، حيث تم البدء في تشييد قطع حجرة قدس الاقداس لتنتهي بتشييد صرح المعبد ليظهر لنا بهذا الشكل الآن.


ومن جانبه.. أشار الأثرى فهمي الأمين مدير عام الإدارة العامة للآثار المصرية واليونانية والرومانية بأسوان، إلى وضع كافة الاستعدادات لاستقبال الحدث الفلكي المهم لتعامد الشمس على تمثال الملك رمسيس الثاني بمعبده الكبير بمدينة أبوسمبل السياحية جنوب أسوان والذي يستغرق نحو 20 دقيقة في ذلك اليوم، حيث من المتوقع أن تبدأ مع دقات الساعة 6 و50 دقيقة صباح يوم 22 أكتوبر.


وقال إنه وجه بالعمل على تسهيل عملية زيارة السائحين لمعبد أبوسمبل والتأكيد علي جودة الخدمات السياحية، والإسراع في أعمال الصيانة وانجاز الأعمال الهندسية الجارية، بالإضافة إلى رفع كفاءة منظومة التهوية الميكانيكية داخل معبدي أبوسمبل قبيل فعاليات ظاهرة تعامد الشمس، والتأكيد على النظافة العامة وزيادة المسطحات الخضراء طوال الفترة الماضية، مع توفير سيارات جولف لنقل كبار السن داخل المعبد، فضلا عن التنسيق مع الأجهزة الأمنية لتسهيل دخول وخروج زوار المعبد خلال هذا اليوم عبر البوابات الإلكترونية، والتي من المقرر أن يتم فتحها في الثالثة والنصف فجر يوم التعامد، في الوقت ذاته من المقرر أن يتم تقديم حفلة للصوت والضوء ليلة تعامد الشمس، وإقامة حفل عشاء بالموقع المخصص بالقرب من المعبد لإحدى الشركات العالمية التي تحتفل بمرور 100 عام على إنشائها.