التنمية التكاملية
«التنمية التكاملية» مهارات التأثير المباشر وغير المباشر الوثيقة بمبادئ وقيم ومعايير تواصل المجتمعات البشرية، تُعد الضامن الكفء لترسيخ مفاهيم التقبل المجتمعى والتكامل النفعى، والتألف الروحى، والتآخى الأخلاقى، والتعاون السلوكى، فى إطار النظرة الشمولية الكونية، بأن الناس تتبادل المنافع من حيث لا تشعر، بما فى ذلك منجزات التنمية ضمن تصور عام أن البرامج التنموية، تتعدى مفهوم نطاق المحلية لتشمل منظومة متكاملة عبر الوطنية للمحيط الإقليمى والدولى، فى إطار نظرة عامة لشبكات الاتصالات والطرق والنقل والمواصلات، والتجارة، وتبادل المصالح والخدمات، وكأنها تأخذ شكل المنظومة المترابطة التى تتصل وتتواصل بين الدول والأمم والشعوب، فى إطار علاقات تلقائية جُلها إيجابى يُجسد نموذج الإنسان السوى الساعى لاستمرار نمو وازدهار حياة الناس باعتباره جزءًا منهم ينتفع بما ينتفعون به، ويتضرر بما يلحق بهم من ضرر، ضمن المنظومة البشرية القصرية التى لا خيار له فيها.
الإنسان يكاد هو الكائن الحى الوحيد الذى يسعى دائمًا للترقى، وتطوير سبل عيشه ونُظم حياته، فى صياغات متعددة، ونماذج مختلفة أبرزها نموذج «التنمية».
البرامج والإنجازات التنموية كل معطياتها يُعد ضمانًا أصيلًا لرغد عيش الناس، ومحققًا، للسلام المجتمعى، والسِّلم الدولي. وضامنًا للنهوض الحضارى الذى ينسحب على شتى مجالات الحياة الإنتاجية والخدمية، ومهارات التخطيط والدعم والمساعدات والإعانات، ومشاركة الآخرين فيما يتعرضون له من كوارث وأزمات بما يعكس حقيقة تُجسد مفهوم التنمية التكاملية فى واقعها بين بنى البشر.
لكن جوهر التنمية التكاملية فى فهم قيمة عوائدها الكلية التى تنسحب على كل الناس إذا ما عرفت البشرية قيمة مكتسباتها. النمو الحضارى والاقتصادى، والنشاط الاستثمارى فى شتى المجالات يبنى قواعد أنماط مجالات الإنتاج والخدمات، ويزيد فرص المصنعين، والموردين، والمسوقين، والمصدرين داخليًا وخارجيًا على أُسس من التشارك المرن الذى يؤسس لأمان تكاملى لم يكن مستهدفًا، بما يرفع من كفاءة النظام الإنتاجى والخدمى العالمى المترابط فى كليته. كما يستثمر فى معطى التنافسية الساعية لتوسيع مجالات وقنوات تبادل العلوم والمعارف والمنافع والتجارب والخبرات والتدريب والتطوير، والإنتاج السلعى، والخدمى، ومنافذ التجارة والكسب، باستقطاب قوى بشرية جديدة، وتطوير قدرات الموجود منها فى إطار مفهوم تعظيم المنفعة التى يسعى إليها الجميع.
نمط سلوك الناس تحركه المنفعة واللذة والرغبة فى مزيد من رغد العيش، وزيادة فرص الترقى والتحضر، والقيمة الاجتماعية، وتحقيق الذات، والتميز والريادة.
مع إن التنمية التكاملية تنطوى على احتياجات ومتطلبات وتطلعات وآمال الناس، وما هو أبعد من ذلك، إلا أن طغيان الإنسان وبغيه يُعيق تقدمها، ويُدمر منجزاتها التى بُنيت عبر محطات زمانية ومكانية متعددة، وذلك بتعميق الفتن، وإشعال الحروب، وقهر الشعوب، بسفك الدماء، وابتزاز الثروات، وسلب المقدرات، واحتلال الأرض، وبإحلال الظلم محل العدل، والبطش بدل التوافق، والعنف مكان السلم، والباطل عوضًا عن الحق، ليحل الدمار، ويزداد التخلف، وينتشر البؤس، ويتعمق الشقاء. نتيجة لذلك فقد اختلت أسس التنمية التكاملية التى ترفع البناء، وتضمن النمو، وتنمى التحضر.
يتباهى العالم بهيئات ومنظمات ومؤسسات وكيانات عدلية وحقوقية مدنية وإنسانية، وحتى حيوانية، وأخرى بيئية، لكن التنمية التكاملية التى تخدم أهداف كل الأمم والدول والشعوب، لم يطلها ذاك الاهتمام، الذى يجعل لها «منظمة دولية» تُعنى بالتنمية، تحميها من العبث والتدمير والخراب وهى أحق بذلك.