رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء لـ"الدستور": قمة مصر والصومال وإريتريا تدعم السلم والأمن في إفريقيا

القمة الثلاثية في
القمة الثلاثية في اريتريا

أكد خبراء سياسيون على أهمية القمة الثلاثية التى جمعت رؤساء مصر والصومال وإريتريا في العاصمة الإريترية أسمرا، أمس، والتي أكدت على عمق العلاقات بين الدول الثلاث ودعم السلم والأمن في قارة إفريقيا.

وفي هذا السياق، قال الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية، إن القمة الثلاثية التي عقدت بين مصر وإريتريا والصومال، قمة مهمة لتأسيس الحضور المصري مجددا بصورة مكثفة في منطقة القرن الإفريقي بما سيكون لها انعكاسات في الفترة المقبلة.

 

وأضاف فهمي في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن القاهرة تعيد تموضع حساباتها وتقديراتها وتقيماتها السياسية والاستراتيجية في القرن الإفريقي، وبدأت في الصومال ومرت بإريتريا، مشيرا إلي سبق زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي زيارة الوزيرين، عباس كامل، ووزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطي.

وأوضح فهمي أن الرسالة هنا إن هناك تأسيس لنمط علاقات جيدة قائمة على فكرة المصالح المشتركة والفوائد المتبادلة بين مصر واريتريا والصومال، لافتا إلي أنها ستمر بطبيعة الحال إلي الجانب الجيبوتي، مؤكدا أن هذه المنطقة أصبحت مهمة جدا بالنسبة لدوائر السياسة الخارجية المصرية وتعتيرها دائرة جديدة، على الرغم من التواجد المصري، ولكن هى دائرة جديدة الآن فى مناطق التماس الاسترايتيجى وحسابتها فى اطار ما يمكن تحقيقه.

وأكد فهمي أن هذه القمة هى قمة تأسيسية للإحياء الثاني لدور مصر في منطقة القرن الإفريقي ودول حوض النيل والمنابع الإفريقية الرئيسية، مشددا على أن القمة سيكون لها نتائج ايجابيبة وانعكاسات مهمة وهى تنقل رسائل سياسية واسترايتيجة فى آن واحد لاعلاقة لها فقط بدول محددة او مستهدفة لدولة معينة، وإنما حسابات مصر الكبرى في منطقة القرن الإفريقي يتطلب منها التحرك بمسارات متعددة.

تحقيق تنمية متكاملة ومواجهة التحديات المشتركة

من جانبها، قالت رحمة حسن الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، إنه يمكن وصف زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى إريتريا ولقاء نظيره الإريتري أسياس أفورقي والصومالي حسن شيخ محمود بأنها تأتي في ظل مساعي مصرية لتحقيق "تنمية متكاملة ومواجهة التحديات المشتركة"، وذلك في ظل عضوية البلدين في اتفاقية الكوميسا.

وأوضحت أن اتفاقية الكوميسا انعكست على حجم التبادل التجاري بين البلدين والذي وصل وفقا لتقرير الهيئة العامة للاستعلامات إلى نحو ١١٩.٥ مليون دولار عام ٢٠١٨، حصدت منهم ما يزيد عن ١١٦ مليون دولار صادرات إلى اريتريا، هذا بجانب توافق البلدين في عدة قضايا وأهمها اشتراكمها ضمن مبادرة دول حوض النيل، وبالتالي التنسيق والتعاون في مجالات التنمية التى تحافظ على الأمن المائي، والحق في التنمية المتكاملة التى تخدم مصالح جميع دول حوض النيل، وهو ما قامت به مصر مسبقا في المساعدة في بناء عدد من السدود وتقديم الخبرات والدراسات الفنية لعدد من دول الحوض مثل اوغندا وجنوب السودان.

وحول العلاقات المصرية الصومالية، قالت حسن في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إن القاهرة تسعى لتعزيز التنمية في الدولة الصومالية ولعل أخرها اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء المصري ونظيره الصومالي في القاهرة وتعهد بتوفير مصر للسلع الاستراتيجية للصومال بجانب العمل على تعزيز الاستثمار في المجال الزراعي والثروة الحيوانية والسمكية التى تتمتع بهم دولة الصومال من أجل تعزيز التنمية المشتركة، كما شهدت أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة قمة ثلاثية على هامش اعمال الدورة على مستوى وزراء خارجية الدول الثلاث.. 

وتابعت حسن: "على المستوى السياسي، فيمكننا النظر إلى الزيارة الرئاسية من خلال القمة الثلاثية، والتي يمكننا طرحها من خلال التوترات والتحديات المشتركة للدول الثلاث باعتبارهم دول مطلة على البحر الأحمر الذي يشهد أكبر تهديد أمني يؤثر اقتصاديا وأمنيا على الدول الثلاث وعلى العالم أجمع، بجانب التهديدات التى تعاني منها الدولة الصومالية من تهديد لوحدة وسيادة أراضيها، بجانب العمل بين الدول الثلاث لإيجاد حلول مشتركة في ظل اضطرابات دول القرن الأفريقي، والتي تمتد لتصل إلى دول شرق أفريقيا، من خلال رؤية عامة واحدة هي "الحفاظ على سيادة الدول".

وأكدت حسن أن هذا انعكس على الدعم المصري ضد مذكرة التفاهم التى وقعتها إثيوبيا مع أرض الصومال متحدية الأعراف الدولية، وانتهاك لسيادة القانون الدولى وتهديدها لسيادة الدول، خاصة وان سبق وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي في إشارة إلى ميناء عصب الإريتري بأن إثيوبيا تسعى لإيجاد موطيء قدم لها على البحر الأحمر ثم وعاد ونفى ذلك بعد الرفض الإريتري لهذا التهديد، وعمدت مصر على تقديم الخبرات والدعم العسكري من خلال توقيع الاتفاقية العسكرية مع الصومال في اغسطس الماضي لدعم مقدرات الدولة الوطنية ومؤسساتها الأمنية في تحقيق الاستقرار ورفض التدخلات الخارجية، بجانب التنسيق لمواجهة الإرهاب في ظل انتشار حركة شباب في الصومال.. 

وعلى مستوى القضايا الإقليمية، قالت حسن: "في ظل الموقف المصري الراسخ ودور الدولة الإريترية باعتبارها عضو حديث لمنظمة الايجاد، فإنها ستعمل على إيجاد حل شامل للازمة السودانية التى تعانى من صراع منذ أبريل ٢٠٢٣، انعكس على دول الجوار كاملةً، وفي ظل هذه السياقات المشتركة والقضايا المتكاملة وتحديات التنمية جاءت مخرجات القمة، والتي لا يمكن حصرها في القمة الحالية فقط بل تنسيقات متبادلة على مدار سنوات زادت كثافتها مع تزايد التحديات، سواء على مستوى استقبال القاهرة لرؤساء البلدين او التنسيقات على مستوى رؤياء الوزراء وخارجية الدول، ولعل أخرها زيارة مدير جهاز المخابرات ووزير الخارجية المصري إلى أسمرة.

وأشارت حسن إلى أن تلك الزيارات تؤكد على إيجاد رؤية مشتركة حول حلحلة الأزمة السودانية والعمل على وقف فوري لإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية، والحل السياسي لما لها من تأثير وتداعيات إقليمية، والحفاظ على استقرار ووحدة وسيادة الدولة الوطنية الصومالية ضد أي تهديدات، التنسيق والتعاون بشأن الحفاظ على الأمن والتعاون بين الدول الساحلية للبحر الأحمر ومضيق باب المندب في سياق أهميته القصوى كممر بحري حيوي، وضع آليات لزيادة التعاون والتنسيق الدبلوماسي والجهود المشتركة بين الدول الثلاث، وأخيرًا، الاتفاق على إنشاء لجنة ثلاثية مشتركة من وزراء خارجية مصر وإريتريا والصومال للتنسيق بشأن تعميق التعاون الاستراتيجي في كافة المجالات.