هل ستعتمد المدارس والجامعات التفكير النقدى لمواجهة التطرف الفكرى؟
يعتبر التطرف الفكري من التحديات الكبرى التي تواجه المجتمعات الحديثة، وهو ينشأ غالبًا عن عدم فهم الثقافة الأخرى أو من نقص المعرفة، ما يؤدي إلى فقدان التوازن في التفكير، وفي هذا السياق، تلعب المؤسسات التعليمية، سواءً المدارس أو الجامعات، دورًا حاسمًا في تعزيز التفكير النقدي والمواطنة بين الطلاب، وذلك من خلال تطوير المناهج التعليمية، وغيرها من الاستراتيجيات البناءة.
المناهج التعليمية كأداة لمواجهة التطرف
إذ تعتبر القدرة على التفكير النقدي من أهم الأدوات التي يمكن أن يستخدمها الطلاب لمواجهة الأفكار المتطرفة، لذا يجب أن تحتوي المناهج التعليمية على مواد تركز على تنمية هذه المهارة لديهم، كما يمكن أن تشمل هذه المواد على بعض المناقشات الصفية التي من شأنها تشجيع الطلاب على التعبير عن آرائهم ومناقشتها، ما يساعدهم على تطوير القدرة على تحليل وجهات النظر المختلفة.
ويمكن أيضًا أن تشتمل المناهج التعليمية على المشاريع البحثية التي من شأنها منح الطلاب الفرصة لاستكشاف مواضيع معقدة بطريقة مستقلة، ما يعزز مهارات البحث والتحليل لديهم.
كذلك تتطلب مواجهة التطرف الفكري تعزيز شعور الانتماء والمواطنة عند الطلبة، الأمر الذي يجب أن تركز المناهج التعليمية فيه على القيم الإنسانية الأساسية من خلال ترسيخ عدد من المفاهيم، منها التسامح وقبول الآخر عن طريق تقديم دروس حول الثقافات المختلفة والأديان، حيث يمكن للطلاب أن يتعلموا أهمية ذلك التسامح، وأيضًا يجب غرس قيم الديمقراطية التي تتيح لهم الفهم العميق لدورهم كأفراد في المجتمع، وكيف يمكنهم المشاركة بشكل فعال في العملية الديمقراطية.
ويمكن للمدارس والجامعات في سبيل ذلك تنظيم ورش عمل وبرامج توعية تسلط الضوء على مخاطر التطرف الفكري، على أن تتضمن هذه البرامج، حلقات للنقاش مع الخبراء من خلال دعوة مختصين في علم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع لمناقشة كيفية التعرف على الأفكار المتطرفة وكيفية التصدي لها، كما يمكن كذلك إقامة برامج التعلم عن بعد عن طريق الاستفادة من التكنولوجيا لتقديم دورات تعليمية عن بعد حول التفكير النقدي والمواطنة.
دور المعلمين
ولا تقتصر مسئولية مكافحة التطرف على المناهج التعليمية فقط، بل يجب أن يلعب المعلمون دورًا رئيسيًا في تطبيقها، إذ يجب أن يكون المعلمون مؤهلين أنفسهم من البداية لتعليم وتعلم مهارات التفكير النقدي وتوفير بيئة تعليمية آمنة تشجع على النقاش والحوار.
وفي سبيل الوصول إلى ذلك يجب تدريب المعلمين على كيفية التعامل مع المواضيع الحساسة ليصبحوا قادرين على مناقشة قضايا التطرف بطريقة تحفز الطلاب على التفكير النقدي بدلًا من التبعية.
كما ينبغي تشجيع الإبداع في التفكير من قبل المعلم لطالبه، حيث يساعد تعزيز التفكير الإبداعي الطلاب في البحث عن حلول جديدة ومبتكرة لمشاكلهم.
نموذج المدارس والجامعات الرائدة
يذكر أن هناك العديد من الأمثلة الناجحة حول كيفية تنفيذ استراتيجيات مكافحة التطرف داخل المدارس والجامعات، على سبيل المثال ما قامت به بعض الجامعات من تطوير برامج دراسات تشمل قضايا التطرف الفكري وكيفية التصدي لها من خلال البحوث والدراسات المستندة إلى الأدلة، كذلك أدخلت بعض المدارس الثانوية مناهج تفاعلية لتعزيز التفكير النقدي، ما أدى إلى تحسين التفاعل بين الطلاب والمعلمين.
ما هو التطرف الفكري
يعرف التطرف الفكري أنه انحراف عن الفكر المعتدل نحو الأفكار المتطرفة، والتي قد تؤدي إلى سلوكيات ضارة أو خطيرة، ويمكن أن يكون لهذا التطرف أسباب متعددة، منها الإقصاء الاجتماعي، الفقر، نقص التعليم، والافتقار إلى المهارات النقدية، وعادة ما يظهر التطرف في أوساط الشباب الذين يشعرون بالضياع أو الإحباط.