الفنون كجسر للتفاهم.. كيف يمكن للأفلام والموسيقى محاربة الأفكار المتطرفة؟
تلعب الفنون دورًا حيويًا في تعزيز التفاهم والتسامح ومحاربة الأفكار المتطرفة، إذ تعتبر الأفلام والموسيقى أدوات قوية للتواصل، حيث يمكن أن تساهم في محاربة الأفكار المتطرفة وتعزيز السلام والتعاون بين المجتمعات، ويتجلى تأثير الفنون في قدرتها على تقارب الفجوات الفكرية والثقافية بين الشباب، ونشر المفاهيم الصحيحة التي تحارب التعصب والتطرف.
وتعتبر الأفلام والموسيقى من أبرز الوسائل التي يمكن استخدامها كأدوات للتوعية، إذ يمكن للأفلام أن تعرض قصصًا تمس قضايا مهمة وحساسة، تسلط الضوء على التحديات التي يواجهها الأفراد في المجتمع، وذلك من خلال سرد قصص ملهمة تتمكن الأفلام من تغيير مفاهيم الشباب وتوجيههم نحو التفكير النقدي، ما يساعدهم على التمييز بين الحقائق والمعلومات المغلوطة.
على سبيل المثال، يمكن للأفلام تناول القضايا الاجتماعية والسياسية أن تساهم في زيادة الوعي حول أهمية الحوار والتفاهم بين الثقافات، كما تعمل الموسيقى على تعزيز القيم الإنسانية من خلال كلمات الأغاني التي تحث على التسامح والمحبة.
كما تعتبر الفنون منبرًا مثاليًا لتقريب الفجوات الفكرية والثقافية، من خلال الفعاليات الثقافية والمهرجانات الفنية، حيث يمكن للشباب من مختلف الثقافات التفاعل وتبادل الأفكار، كي يتمكن الشباب من التعرف على العادات والتقاليد الأخرى.
خبراء: ضرورة الإسهام بشكل إيجابي في تعزيز حوار الثقافة والفنون حول الجريمة والتطرف
وقد أوصى الخبراء الذين شاركوا في الملتقى العلمي الدولي حول "الثقافة والفنون ودورهما في مكافحة الجريمة والتطرف" عام 2023، بضرورة وضع تعريف شامل للتطرف، ودعا هؤلاء المشاركون، إلى ضرورة الإسهام بشكل إيجابي وفعال في تعزيز حوار الثقافة والفنون حول الجريمة والتطرف، مشددين على أهمية تعزيز الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ضمن استراتيجية مكافحة التطرف والإرهاب.
كما أكدوا على ضرورة إدخال برامج تدريبية ضمن المناهج الدراسية والتربوية، لتصبح مواد أساسية جاذبة في التعليم قبل الجامعي، كما أوصى المشاركون في الملتقى، الذي شهد تنظيم سبع جلسات عمل على مدار يومين، بإيلاء اهتمام خاص للناشئة يتناسب مع حجم التحديات العالمية الراهنة، مؤكدين على الحاجة إلى إنشاء مراكز مناطقية تقدم خدمات في مجالات الثقافة والفنون.
وفي عام 2018، استضافت مدينة كولونيا الألمانية "مهرجان الأفلام الإفريقية"، الذي شهد مشاركة عدد من الأفلام العربية التي تركز على تأثير الإسلام السياسي في البلاد، وتم عرض نحو ستة أفلام تتناول قصص شباب انضموا إلى تنظيمات إرهابية ومتطرفة، وما نتج عن ذلك من تأثيرات على حياتهم اليومية وعلاقاتهم الأسرية، فقد سعت هذه الأفلام إلى طرح قضايا العنف ومعالجتها دراميًا.
وفي السياق قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، في تصريحات صحفية سابقة له، إن للدراما تأثيرًا قويًا على المجتمعات، إذ تعد المؤثر الأبرز حاليًا على السلوكيات الإنسانية، مضيفًا أن فيلمًا واحدًا يمكن أن يحقق ما تعجز عنه مئات الخُطب، حيث يمكن لفيلم كارتوني واحد أن ينقل معلومة للطفل بطريقة تفوق أي كتاب في أدب الأطفال بالمكتبات.
وأشار إلى أن ممثلًا واحدًا قد يبرز شخصية يتوق العالم لرؤيتها، لافتًا إلى أن الشخصيات الفنية ساهمت في تشكيل الوعي والثقافة ونقل الرسالة بفعالية، مؤكدًا أن الدراما تمثل وسيلة مسلية لإيصال المعلومات بطريقة بسيطة وسلسة، مؤكدًا على أهمية الدراما كسلاح فعال في مواجهة الإرهاب ومحاربة الأفكار المتطرفة.